تزداد معاناة أبناء المواطنات السعوديات المتزوجات بأجانب، بعد قرار إيقاف إعانة البحث عن العمل التي تقدمها وزارة العمل، الأمر الذي سيحرم أكثر من مليون ونصف شخص من أبناء الأمهات السعوديات لأب أجنبي من المطالبة بهذا الحق الذي سيقتصر فقط على المواطنين السعوديين.
يدعم برنامج "حافز البحث عن عمل"؛ تعزيز فرصهم في الحصول على الوظيفة المناسبة لهم، ويقدم منظومة متكاملة من التدريب والتأهيل للمُستفيد، إضافة إلى مُخصصٍ مالي شهري يحصل عليه؛ لمساعدته في بحثه الجادّ عن الوظيفة، ويستفيد من البرنامج الباحثون عن عمل ضمن الفئة العمرية من 20 إلى 35 سنة.
كانت وزارة الموارد البشرية قد سمحت قبل نحو خمس سنوات، في خطوة داعمة لأبناء وأزواج السعوديات المتزوجات بأب غير سعودي، بالاستفادة من البرنامج وقدمت من خلاله منظومة متكاملة من التدريب والتأهيل للمُستفيد، إضافة إلى مُخصصٍ مالي شهري يحصل عليه؛ لمساعدته في بحثه الجادّ عن الوظيفة.
تواصل "عربي بوست" مع عدد من الحالات، التي أكدّت غالبيتها أنّها لم تحصل على إعانة البحث عن العمل، الأمر الذي يزيد من الصعوبات التي يواجهها أبناء السعوديات، بسبب حالة التمييز ضدهم بالمقارنة مع المواطنين السعوديين.
تتحدث أميرة باعطية، ابنة لأُم سعودية ولأب يمني، وقضت كل حياتها في السعودية، لا تعرف اليمن ولم تزره لا هي ولا والدها إلا عدة مرات ولفترة قصيرة، تتحدث عن تجربتها مع برنامج "إعانة البحث عن العمل"، وذلك بعد تخرُّجها في كلية الاقتصاد، حيث لم تجد وظيفة لأكثر من عامين متتاليين؛ الأمر الذي دفعها إلى التقدّم إلى برنامج "حافز".
فرحة لم تتم..
استطاعت باعطية الاستفادة من مبلغ شهريٍّ قدره 2000 ريال سعودي، لكن هذه الفرحة لم تتم، فبعد سنتين فقط من الاستفادة من برنامج "حافز"، صدر القرار الأخير ليقضي على فرحتها.
بدورها تؤكدّ رانيا العبد الله، وهي مواطنة سعودية متزوجة بأردني وأنجبت سبعة أبناء، أنّها تعيش حياة القلق حيال مستقبل أبنائها الذين لا توجد لهم أي ضمانة حقيقية للبقاء في السعودية بعد وفاتها، مؤكدةً أن أبناءها السبعة قاموا بالتسجيل في موقع "طاقات"؛ للاستفادة من برنامج "حافز"، لكن دون جدوى.
فعلى الرغم من أنهم جميعهم قد تجاوزوا 22 عاماً وتخرجوا بتعليم جامعي متوسط وآخرون منهم قد أنهوا البكالوريوس، من الكليات والجامعات بالسعودية؛ أملاً في أن يحصلوا على وظيفة عبر برنامج "حافز" أو إعانة شهرية مؤقتة، فإن أحداً منهم لم يستطع الحصول على هذه الإعانة، وبقوا على قائمة الانتظار دون إعطائهم أي رد بالموافقة أو الرفض.
إضافة إلى ذلك، لم يحصل أبناء رانيا على فرصة تدريبية كما هو هدف البرنامج الذي يستهدف الشباب بشكل أساسي، فيقدم البرامج التأهيلية التي يحتاجها كل شاب للحصول على فرصة عمل تناسب مؤهلاتهم وخبراتهم لإدخالهم سوق العمل، ومساعدتهم للحصول على عمل، متسائلة في حديثها بالقول: "لماذا يُحرَم أبنائي من فرصة الاستفادة من البرنامج في مقابل أن الفرصة تقتصر على الشباب السعودي؟ ولماذا في الأساس صدر القرار بالسماح لأبناء المواطنات السعوديات المتزوجات بأجنبي بالتسجيل في البرنامج دون تطبيق هذا القرار على أرض الواقع؟".
وكان "عربي بوست" قد تواصَل مع المتحدث الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل، لكنّه رفض إعطاء أي تصريح متعلّق بالقرار الجديد الذي يحرم أبناء المواطنات السعوديات من الاستفادة من برنامج "حافز".
الجنسيات اليمنية والكويتية والقطرية تتصدر
الجنسية اليمنية تصدرت عقود الزواج بالمواطنات السعوديات، تليها الجنسيتان الكويتية والقطرية، ومن ثمّ الجنسيات السورية والمصرية والإماراتية والباكستانية الأردنية والفلسطينية على التوالي، حيث بلغ مجموع حالات زواج الأجانب بالسعوديات 3333 حالة، بحسب إحصائية سابقة صادرة من وزارة العدل عام 2014م-1436هـ.
وفي عام 2018 شهدت المحاكم السعودية أكثر من 2500 حالة زواج بأجنبي موزعة على ثلاثين جنسية مختلفة، وقد سجلت المحاكم زواج 975 سعودية برجال يحملون الجنسية اليمنية لتكون أكثر الجنسيات زواجاً بسعوديات، تليها الجنسية الكويتية بـ265 عقد نكاح، وقطر ثالثاً -رغم الأوضاع السياسية بين البلدين- لتسجّل 252 زواجاً بين سعودية وقطري، حيث حافظت الجنسيات الثلاث في الأعوام اللاحقة، على الترتيب نفسه من نسبة عقود زواج السعوديات بأجنبي المسجلة في وزارة العدل.
ووفقاً لإحصائيات وزارة العدل، فقد تجاوز عدد السعوديات المتزوجات بأجانب "700" ألف؛ بما يعادل "10%" من نسبة السعوديات المتزوجات، وهذا ما أكده فعلياً عضو مجلس الشورى محمد العلي.
وقد توجه "عربي بوست" بدوره إلى مستشار وزير العدل لشؤون البرامج الاجتماعية والأسرية الدكتور ناصر العود، لسؤاله أكثر من مرة حول إحصائيات الأعوام القادمة للمتزوجات السعوديات بأجنبي، والعدد الإجمالي للمواطنات السعوديات المتزوجات بأجنبي، لكنه رفض إعطاء أي إجابة واضحة.
مشكلات ستواجه أبناء السعوديات بعد وفاة أمهاتهم
تمكن "عربي بوست" من الوصول لعدد من أبناء المواطنات السعوديات فأجمعوا بدورهم على أنّ أكبر مشكلة تواجههم هي الترحيل بعد وفاة أمهاتهم، فلا ضامن حقيقياً لهم ولا أي بند قانوني يسمح لهم بالبقاء في الأراضي السعودية، حيث تعدّ هذه المشكلة هي الأبرز التي تؤرق أبناء السعوديات المتزوجات بأجنبي.
ويبقى هذا القرار مرهوناً ببقاء الأم السعودية المتزوجة بأجنبي على قيد الحياة، فإذا ما فارقت الحياة فإنّ أبناءها وزوجها يفقدون كثيراً من هذه الحقوق، وعليهم أن يجدوا كفيلاً آخر لنقل كفالتهم وخدماتهم عليه، فإن لم يستطيعوا إيجاد من يكفلهم بديلاً عن الأم السعودية عليهم مغادرة الأراضي السعودية والرجوع إلى موطن الأب الأصلي، وبالتالي ينتفي حقهم من كافة الحقوق التي كانوا يتمتعون بها أثناء حياة أمهاتهم، مما يجعل أكثر من مليون ونصف المليون شخص من أبناء السعوديات في خطر داهم ومواطنين لفترة مؤقتة تحت وقف التنفيذ.