انطلقت صباح الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول 2021 انتخابات "غير عادية" في المغرب سيكون خلالها 18 مليون مغربي مدعوون لاختيار ممثليهم في البرلمان وأيضاً في المجالس الجهوية والمحلية، ضمن تدابير خاصة اتخذتها المملكة بسبب تأثيرات جائحة كورونا.
إذ يراهن حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي على تصدرها للاستمرار في رئاسة الحكومة التي يقودها منذ عشرة أعوام، وينافسه خصوصاً حزب "التجمع الوطني للأحرار" بقيادة رجل الأعمال عزيز أخنوش، وحزب الأصالة والمعاصرة أكبر حزب معارض في البرلمان ويقوده المحامي عبداللطيف وهبي.
فيما يراهن نحو 30 حزباً على إقناع نحو 18 مليون مغربي مسجلين في القوائم الانتخابية بالمشاركة في التصويت لتجاوز نسبة 43% المسجلة قبل خمسة أعوام. علماً أن عدد البالغين سن التصويت يقارب 25 مليوناً، من أصل 36 مليوناً من سكان المملكة.
انتخابات عامة في يوم واحد
تفتح مراكز الاقتراع في الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي في المغرب حتى السابعة مساء، وسيتم خلالها اختيار أعضاء مجلس النواب (395) وأعضاء مجالس المحافظات والجهات (أكثر من 31 ألفاً). وهي المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات عامة في يوم واحد.
إذ يعين الملك محمد السادس بعد الانتخابات رئيس وزراء من الحزب الذي يحصل على الكتلة الأكبر في البرلمان، ويفترض أن يشكل رئيس الحكومة المكلف حكومة جديدة لخمسة أعوام قادمة.
بينما يمنح الدستور الذي تم تبنيه في سياق الربيع العربي العام 2011 صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان. لكن الملك يحتفظ بمركزية القرار في القضايا الاستراتيجية والمشاريع الكبرى التي لا تتغير بالضرورة بتغير الحكومات، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
فيما كان الحزب الإسلامي المعتدل وصل إلى رئاسة حكومة ائتلافية في المغرب في أعقاب احتجاجات حركة 20 فبراير/شباط 2011 المطالبة "بإسقاط الفساد والاستبداد". ويعد المغرب البلد الوحيد في المنطقة الذي استمر فيه وجود الإسلاميين في السلطة عشرة أعوام بعد الربيع العربي.
زخم الساعات الأخيرة من الحملة
شهدت الساعات الأخيرة من حملة الدعاية الانتخابية في المغرب، الثلاثاء، زخماً كبيراً من جانب الأحزاب، في محاولة لكسب أصوات الناخبين، عبر قوافل انتخابية في الشوارع، سواء مشياً أو على متن سيارات ودراجات هوائية ونارية.
هذه الحملة انطلقت في 26 أغسطس/آب الماضي، وانتهت منتصف ليل الثلاثاء (23:00 ت.غ)، ليبدأ صمت انتخابي، تمهيداً لأول انتخابات برلمانية وبلدية متزامنة، الأربعاء.
عشية الاقتراع، عرفت أزقة وشوارع في مدن المملكة زخماً كبيراً، إذ كثفت الأحزاب تواصلها مع المواطنين، سواء عبر التواصل المباشر أو المنصات الاجتماعية، بحسب مراسل الأناضول.
فيما وجه عدد من الأمناء العامين للأحزاب كلمات إلى المغاربة، لحثهم على التصويت المكثف لصالحهم في انتخابات ستحدد ملامح المشهد السياسي في المملكة للسنوات الخمس المقبلة.
تشمل قوائم انتخابات مجلس النواب في المغرب (الغرفة الأولى للبرلمان ـ 395 مقعداً) 6 آلاف و815 مرشحاً، فيما تضم قوائم انتخابات مجالس البلديات والجهات 157 ألفاً و569 مرشحاً.
بشكل غير رسمي، يُتوقع معرفة الحزب الفائز بالانتخابات قبل منتصف ليلة الأربعاء، كما حدث في انتخابات 2011 و2016.
انتقادات ليلة الاقتراع
من جهته، ندد حزب "العدالة والتنمية" المغربي (قائد الائتلاف الحكومي)، الثلاثاء، بما قال إنها "تجاوزات" تؤثر على نزاهة الانتخابات.
تحدث الحزب، في بيان، عن "استمرار عدد من الاختلالات والتجاوزات بالحملة الانتخابية، مثل الاستعمال الكثيف للمال وكل أساليب استمالة الناخبين بالوعود والمنافع، في خرق سافر للمقتضيات القانونية المنظمة للحملات الانتخابية ولشروط التنافس الديمقراطي".
من بين التجاوزات أيضاً، وفق البيان، "استمرار ظاهرة الأسماء المكررة في اللوائح الانتخابية (سجلات الناخبين)، بالرغم من المعالجة المعلوماتية، وبأعداد كبيرة في عدد من الدوائر الانتخابية، مما يمس بصدقيتها، ويؤثر على نزاهة الانتخابات".
كما استنكر "تشجيع عدد من الولاة والعمال (المحافظين) ممثلي الأحزاب السياسية، خلال الاجتماعات، على نقل المصوتين لمكاتب التصويت يوم الاقتراع، بدعوى الرفع من نسبة المشاركة".
تابع أن هذا "يعتبر سماحاً باستمرار الحملة الانتخابية في يوم الاقتراع، وتكريساً للاختلالات التي عرفتها الحملة الانتخابية، من استعمال مكثف للأموال، وضرباَ لتكافؤ الفرص بين المتنافسين".
"قاسم انتخابي" يقلص حظوظ الأحزاب الكبرى
عموماً، يرتقب أن يتراجع عدد مقاعد الأحزاب الكبرى في البرلمان المقبل بسبب نمط جديد لاحتساب الأصوات قياساً على مجموع المسجلين في القوائم الانتخابية، سواء شاركوا في الاقتراع أم لا. بينما ظل هذا الحساب يستند فقط على عدد المقترعين منذ أول انتخابات أجريت في المغرب العام 1960.
كان حزب "العدالة والتنمية" الوحيد الذي عارض هذا "القاسم الانتخابي" الجديد كما سمي. ويرتقب أن يفقد بسببه، وفق تقديرات مختلفة، ما بين 30 و40 مقعداَ حتى في حال حصوله على عدد الأصوات التي حصدها قبل خمسة أعوام ومنحته 125 مقعداَ، ما من شأنه أن يعقد مهمته في تشكيل حكومة إذا تصدر النتائج.
فيما أظهرت مجريات الحملة الانتخابية غياب استقطاب واضح حول الخيارات السياسية والبرامج. ومهما كانت النتائج، من المنتظر أن تتبنى جل الأحزاب السياسية ميثاقاً من أجل "نموذج تنموي جديد"، يدشن "مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات" في أفق العام 2035، وفق ما أكده الملك محمد السادس في خطاب مؤخراً.