كشف صحفي تونسي عن تفاصيل "مثيرة" عن لقاء جمع الصحفيين بالرئيس التونسي قيس سعيّد بعد قراراته الاستثنائية الأخيرة التي عطل فيها البرلمان وأقال الحكومة، حيث قال إن سعيّد لا يسمح لضيوفه بالتحدث، كما أشار إلى موقف غريب تعرض له الحاضرون.
ففي حديث لإذاعة "موزاييك" التونسية، السبت 4 سبتمبر/أيلول 2021، قال الصحفي محمد اليوسفي إنه كان شاهداً على لقاء للرئيس سعيّد مع رئيس إحدى المنظمات الوطنية، دون أن يسمّيها.
قال الصحفي اليوسفي إن الرئيس لم يسمح للضيوف بالتحدث.
أكد الصحفي أن رئيس المنظمة المذكورة خرج على عاتقه من القصر، ليتلقى بعدها اتصالاً على الفور من الرئاسة يطلب منه العودة، مشيراً إلى أن رئيس المنظمة "ظن حينها أن الرئيس أو من حوله استدركوا خطأهم تجاهه بعدم منحه فرصة التكلم".
لكن المفاجأة تمثلت في أن الرئاسة أبلغت رئيس المنظمة بأن مشكلة كانت في تسجيل خطاب سعيّد أمامه، ويريدون منه العودة لإعادة تكرار المشهد، وهو ما وصفه الصحفي بالموقف الغريب.
صحفية أمريكية
في أغسطس/آب، وبعد أيام من قرارات الرئيس التونسي الاستثنائية، كشفت مراسلة صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فيفيان يي، أنه لم يُسمح لها بطرح أي أسئلة مطلقاً على سعيّد، رغم أنه أعطى محاضرة عن دستور الولايات المتحدة، وقال إنه يتعهَّد بالحفاظ على حرية الصحافة.
جاء ذلك في تقرير مطوّل لها، الأحد 1 أغسطس/آب 2021، تعقيباً على مقابلتها مع زملاء آخرين لها بالصحيفة الأمريكية، عقب احتجازها من قِبل الشرطة التونسية لفترة وجيزة قبل أن يتم إطلاق سراحها.
حيث قالت: "لقد جئت لتغطية الانهيار المحتمل للديمقراطية في تونس، وتم احتجازي لفترة وجيزة. ثم تلقيت محاضرة عن دستور الولايات المتحدة من رئيس تونس الذي تعهد بالحفاظ على حرية الصحافة، لكنه لم يسمح لي بطرح سؤال واحد".
فيما أشارت إلى أنها وزميلين لها من الصحيفة الأمريكية تلقوا فجأة مكالمة من رئاسة الجمهورية من أجل مقابلة سعيّد، مضيفة: "اعتقدت أنها قد تكون فرصتهم لمقابلة الرئيس، لكنه اتضح أن دعوتهم كانت للاستماع لمحاضرة، وقيل لهم إن هذه ليست مقابلة صحفية".
مراسلة صحيفة نيويورك تايمز أكدت تعرضهم لما وصفته بالبروتوكول الصارم في القصر الرئاسي بغرفة استقبال رسمية، وقالت: "كانت الغرفة ممتلئة بالشمعدانات الكريستالية والكراسي ذات الحواف المذهبة، وتلقينا تعليمات بشأن مكان الوقوف والجلوس في حضور سعيّد، وعندما بدأ أحد زملائها الترجمة، أُمر بالتوقف. وتم تصوير كل شيء من قِبل فريق تصوير حكومي، وربما كان السبب في أن نكون صامتين هو قيامهم لاحقاً بنشر الفيديو على حساب الرئاسة التونسية بفيسبوك".
بعد ذلك، قام سعيّد بإلقاء خطاب عليهم بصوت عالٍ؛ لدرجة أنها كانت تتخيله في قاعة محاضراته القديمة، حيث برزت لغته العربية الفصحى.
القرارات الاستثنائية
كان الرئيس التونسي قد أعلن، الأحد 25 يوليو/تموز الماضي، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي.
وبرّر سعيّد قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيّد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيّد؛ إذ اعتبرتها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).
جدير بالذكر أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى، شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لاسيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.