حذَّر خبراء في البيئة من بقعة نفطية تتحرك من سواحل سوريا باتجاه الشواطئ التركية، وتوقعوا أن تستمر تأثيراتها على السواحل التركية 15 عاماً، وفق ما ذكره تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني نُشر الخميس 2 سبتمبر/أيلول 2021.
في مطلع الأسبوع الماضي، وبالتحديد يوم 23 أغسطس/آب، بدأ يتسرب إلى البحر المتوسط نفط من خزان يحوي 12000 متر مكعب تقريباً من الوقود في محطة الطاقة الحرارية الناضبة بمدينة بانياس الساحلية السورية.
بينما تُظهِر صورٌ ملتقطة بالأقمار الصناعية كيف انتشرت بقعة نفطية منذ حينها من الساحل الغربي لسوريا باتجاه قبرص. ويبدو أنها تهدد الآن الشريط الساحلي التركي من الشمال، حيث تغطي مساحة 800 إلى 1000 متر مكعب من الماء.
عواقب وخيمة على النظام البيئي
في هذا السياق، حذّر الصندوق العالمي للحياة البرية الأربعاء 1 سبتمبر/أيلول، من "عواقب وخيمة محتملة على التنوع البيولوجي البحري والنظم البيئية"، مضيفاً أنَّ التسرُّب "يُشكِّل أيضاً مخاطر جسيمة للمجتمعات والشركات التي تعتمد على السياحة والموارد البحرية في سبل عيشها".
يُرجِّح خبراء البيئة، الذين تحدثوا إلى موقع Middle East Eye، أن تؤثر هذه البقعة في جودة المياه والنباتات والحيوانات البحرية والساحلية -"من العوالق إلى الدلافين، والأسماك الصالحة للاستهلاك"- وكذلك المجتمعات الساحلية.
صُوِّر فيديو لفريقٍ قبالة سواحل قبرص وهو يرفع سلحفاة ميتة مغطاة بالنفط من البحر يوم الأربعاء.
قال ماورو راندوني، منسق برنامج الاقتصاد الأزرق المستدام في مبادرة البحر الأبيض المتوسط التابعة للصندوق العالمي للطبيعة، إنَّ ما يزيد الوضع سوءاً أنَّ البحر المتوسط "حوض شبه مغلق؛ مما يعني بقاء النفط هناك، ومن الصعب جداً الحصول على التشتت الطبيعي الذي يمكنك الحصول عليه في أجزاء أخرى من العالم".
أضاف أنَّ آثار التسرب ستظل محسوسة لأكثر من عقد، موضحاً أنَّ "الحد الأدنى هو 15 عاماً، وقد تستمر لأكثر من ذلك". وتابع: "[النفط] سيبقى هناك لمدى طويل، وهذا ما يُقلقنا حقاً.. الحل هو تجنب البقع النفطية".
الحل الوحيد تجنب بقعة نفطية
قالت ناتاسا يوانو، عالمة الأحياء البحرية بمنظمة Friends of the Earth Cyprus في قبرص، لموقع Middle East Eye، إنَّ الأمر سيستغرق ثلاثة أشهر على الأقل حتى يُكوِّن علماء البيئة فكرة واضحة عن النطاق الحقيقي لتأثير التسرب.
سيعتمد هذا على كفاءة عملية التنظيف والمكان الذي تدفع إليه الرياح والتيارات البقعة.
قال المنسق راندوني إنَّ الشاطئ الصخري، على سبيل المثال، "من الصعب جداً جداً" تنظيفه من النفط، مضيفاً: "الحل هو تجنب البقع النفطية، وليس التنظيف بعد ذلك".
وفقاً لمركز الاستجابة الطارئة للتلوث البحري الإقليمي للبحر المتوسط، انتهى ما يقرب من نصف الكتلة النفطية على الشريط الساحلي السوري.
"أي شيء متوقعٌ حدوثه"
لا تقدم صور الأقمار الصناعية التي يستخدمها الخبراء لتتبع انسكابات النفط فكرة شاملة.
وفقاً لتقرير وزارة التجارة الأمريكية، تنتشر الزيوت الثقيلة، مثل التي تشكل تلك البقعة، إلى "بقع أو خطوط منفصلة" أصغر حجماً؛ مما يجعل من الصعب تتبع انتشار البقعة بدقة، إضافة إلى أنَّ هناك مجموعة من الظواهر الطبيعية -وضمن ذلك غابات عُشب البحر والانعكاسات من الماء- التي يمكن أن تُربِك نتائج التحليل.
من جانبه، قال خوان بينيا، الرئيس التنفيذي لشركة Orbital EOS، وهي منظمة تتعقب التسرب، لموقع Middle East Eye: "لا توجد طريقة أخرى سوى مراقبة هذا من الفضاء. ليست لديك القدرة على فهم تسرب نفطي بطول 1000 كيلومتر من طائرة كما كنا نفعل في الماضي".
كما أفادت وكالة "فرانس برس" بأنَّ التوقعات تشير إلى أنَّ النفط سيصل إلى الشواطئ في شمال قبرص، لكن يبدو أنَّ الأحوال الجوية تدفع النفط نحو السواحل التركية، التي أرسلت سفينتين للمساعدة في السيطرة على بعض النفط وجمعه.
يُذكر أنه في فبراير/شباط، أضر تسرب نفطي آخر، مساحة 160 كيلومتراً من الشريط الساحلي بإسرائيل وغزة ولبنان، في كارثة قال مسؤولون إنَّ تنظيفها قد يستغرق سنوات.