كشفت مجلة Politico الأمريكية، الإثنين 30 أغسطس/آب 2021، أن وزارة الدفاع (البنتاغون) كانت تستعد لهجوم كبير "ذي خسائر جماعية" في مطار كابل الدولي بأفغانستان، قبيل ساعات من التفجير الانتحاري الذي تبناه تنظيم داعش-ولاية خراسان.
جاء ذلك في تقرير للمجلة الأمريكية استناداً إلى 3 مكالمات هاتفية سرية بين كبار قادة البنتاغون حصلت عليها، إضافة إلى مقابلات مع اثنين من مسؤولي وزارة الدفاع المطلعين على فحوى المكالمات بشكلٍ مباشر. وقد حجبت Politico نشر أي معلومات يُمكن أن تؤثر على العمليات العسكرية القائمة على الأرض في مطار كابول.
حيث اتضح من خلال المكالمات أن كبار مسؤولي البنتاغون "كانوا على علم بتهديد وشيك"، وأنهم كافحوا لإغلاق البوابة الشرقية للمطار والمعروفة باسم "آبي" في الوقت المناسب، لكن دون جدوى.
فيما ذكرت المجلة الأمريكية أنه قبل 24 ساعة فقط من قيام انتحاري بتفجير عبوة ناسفة خارج مطار حامد كرزاي الدولي، اجتمع كبار القادة العسكريين في مقر البنتاغون؛ لمتابعة آخر تطورات الوضع المتدهور في أفغانستان.
"خسائر جماعية في الأرواح"
حينها أمر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، 10 على الأقل من كبار قادة البنتاغون حول العالم بالاستعداد "لحدثٍ وشيك بخسائر جماعية في الأرواح"، وذلك أثناء الحديث عبر تقنية مؤتمرات الفيديو في غرفةٍ آمنة بالطابق الثالث من مبنى البنتاغون، في تمام الثامنة من صباح الأربعاء 25 أغسطس/آب -أو الـ4:30 ظهراً بتوقيت كابول- وفقاً للمسودة المفصلة السرية للاجتماع، والتي حصلت عليها مجلة Politico الأمريكية.
أوستن قال، بحسب المسودة السرية: "لا أعتقد أن الناس يُدركون حجم الخطر الداهم على الأرض الآن".
كما شهد ذلك الاجتماع، وفق المعلومات التي حصلت عليها "بوليتيكو"، تحذير الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، من وجود معلومات استخباراتية "قوية" تُشير إلى تخطيط فرع تنظيم داعش في أفغانستان (ولاية خراسان) "لعمليةٍ معقدة".
في حين نقل قادة الجيش الأمريكي بكابول أن "بوابة آبي"، التي تم إعلام المواطنين الأمريكيين بالتجمع عندها لدخول المطار، كانت "الأكثر عرضةً للخطر". كما سردوا تفاصيل خططهم لحماية المطار.
أما في مكالمة منفصلة عند الساعة الـ4 ظهر الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة (2:30 صباح الخميس في كابول)، فشرح هؤلاء القادة بالتفصيل خطة لإغلاق بوابة آبي بحلول ظهر الخميس بتوقيت كابول.
لكن الأمريكيين قرروا إبقاء البوابة مفتوحة فترة أطول من المُحدّد، وذلك من أجل السماح للحلفاء البريطانيين بمواصلة إجلاء موظفيهم من فندق البارون القريب، بعد أن سرّعت بريطانيا جدول انسحابها.
كانت القوات الأمريكية ما تزال تستقبل الوافدين إلى المطار عند بوابة آبي حتى تمام السادسة مساءً بتوقيت كابول يوم الخميس، حين فجّر انتحاريٌّ سترته الناسفة هناك ليقتل نحو 200 شخص، بينهم 13 جندياً أمريكياً.
بينما رفض البيت الأبيض الإدلاء بتعليقه على ما أوردته المجلة الأمريكية.
"نشرٍ غير قانوني"
إلا أن المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، قال في تصريح: "هذه الأخبار مبنيةٌ على نشرٍ غير قانوني لمعلومات ومداولات داخلية سرية ذات طبيعةٍ حساسة. وبمجرد علمنا بالمواد التي تم تسريبها إلى المراسل، تواصلنا على الفور مع المجلة على أعلى المستويات؛ للحيلولة دون نشر المعلومات التي قد تُعرّض قواتنا وعملياتنا في المطار لخطرٍ أكبر".
تابع كيربي: "نُدين هذا الكشف غير القانوني عن المعلومات السرية، ونُعارض نشر أي أخبار مبنية عليها في خضم العملية العسكرية الخطيرة الجارية".
يُذكر أن المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتهديد الأمني في مطار كابول قد نُقِلَت إلى تسلسل القيادة، وفقاً لمسؤولٍ دفاعيٍّ آخر تحدث شريطة السرية؛ ليتمكّن من مناقشة المحادثات شديدة السرية. كما تعامل البيت الأبيض مع التهديدات بجدية ودعم القادة ليتخذوا القرار المناسب من وجهة نظرهم بحسب المسؤول، الذي أضاف: "لم يكن هناك تدخلٌ من واشنطن في تفاصيل الجهود المبذولة لمحاولة منع الهجوم"، وفقاً للمجلة الأمريكية.
تضمنت تدابير تجنّب الهجوم الوشيك إغلاق اثنتين من بوابات المطار بشكلٍ دائم، وإعلام نقاط تفتيش حركة طالبان بالتهديد الوشيك، ومطالبتهم بأخذه في الحسبان أثناء تنفيذ إجراءات التفتيش، وتقليل أعداد الأشخاص والسيارات القادمة من بوابات بعينها، وإرسال تنبيهات للمواطنين الأمريكيين؛ لتحذيرهم من تهديدات بعينها في بعض المواقع، بحسب المسؤول.
المسؤول ذاته لفت إلى أن القوات الأمريكية في مطار كابول كانت على علمٍ بعددٍ من التهديدات وعلى استعدادٍ لها، كما توخّت الحذر الشديد في التعامل، مضيفاً: "لقد اتخذنا عدة إجراءات لحماية قواتنا والمدنيين المسافرين، لكن لن تكون هناك جهودٌ كافية للقضاء بالكامل على تهديد عدوٍ مثابر".