حذَّرت منظمتا إغاثة كبيرتان، الإثنين 30 أغسطس/آب 2021، من أن قطاع الرعاية الصحية في أفغانستان على وشك الانهيار، وذلك بعد أن توقف المانحون الأجانب عن تقديم المساعدات منذ أن سيطرت حركة طالبان على البلاد.
فبعد أن سحبت الولايات المتحدة أغلب قواتها المتبقية، الشهر الماضي، سرّعت طالبان وتيرة حملتها العسكرية، وسيطرت على العاصمة كابول يوم 15 أغسطس/آب.
نتيجة لذلك، أوقف المانحون الدوليون، ومنهم الاتحاد الأوروبي، تقديم التمويل لأفغانستان بعد ذلك بفترة وجيزة.
حيث قال فيليب ريبيرو، ممثل منظمة أطباء بلا حدود، وهي واحدة من أكبر وكالات الإغاثة الطبية في أفغانستان: "أحد أكبر المخاطر التي تواجه القطاع الصحي هنا، أن ينهار بسبب نقص الدعم".
ريبيرو أضاف: "القطاع الصحي في أفغانستان بشكل عام، يفتقر إلى الطواقم الطبية والمعدات والتمويل منذ سنوات. والخطر الأكبر هو أن يستمر نقص التمويل مع مرور الوقت".
بدوره، ذكر نيسيفور مجهندي، مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في أفغانستان، أن القطاع الصحي، الذي كان هشاً بالفعل ويعتمد بشدة على المساعدات الأجنبية، تُرك في مواجهة ضغوط إضافية، مضيفاً: "الاحتياجات الإنسانية على الأرض هائلة".
طلب متزايد
في حين أكدت وكالتا الإغاثة أنهما شهدتا زيادة كبيرة في الطلب، على الرغم من أن عملياتهما على الأرض لم تتأثر بدرجة كبيرة، إذ لم تعد منشآت أخرى قادرة على العمل بشكل كامل.
تعقيباً على ذلك، لفت مجهندي إلى أن إغلاق البنوك في أفغانستان يعني أن المنظمات الإنسانية غير قادرة على الوصول للأموال لدفع تكاليف المشتريات أو أجور العاملين، مستطرداً: "الإمدادات التي كان من المفترض أن تكفي ثلاثة أشهر لن تكفي ثلاثة أشهر، وسنحتاج لتجديدها قبل هذا الموعد بكثير".
ما يفاقم الأزمة أن الإمدادات الطبية سيكون من المطلوب تخزينها أبكر من الموعد المتوقع.
ونوّه ريبيرو إلى أن منظمة أطباء بلا حدود خزّنت إمدادات طبية قبل سيطرة طالبان على البلاد، لكن مع تعطل رحلات الطيران واضطراب الطرق البرية ليس من الواضح متى يمكن أن تصل إمدادات أخرى للبلاد.
أول رحلة مساعدات طبية
في وقت سابق من يوم الإثنين، أعلنت منظمة الصحة العالمية هبوط طائرة تحمل أدوية وإمدادات طبية من المنظمة في أفغانستان، وهي أول شحنة تصل إلى البلاد منذ سيطرة طالبان على الحكم.
تشمل تلك الإمدادات، التي تزن 12.5 طنّ، مجموعات علاج الصدمات، ومستلزمات الطوارئ الصحية المشتركة بين الوكالات الأممية، وهي كافية لتغطية الاحتياجات الصحية الأساسية لأكثر من 200 ألف شخص، فضلاً عن توفير 3500 إجراء جراحي، وعلاج 6500 من مرضى الصدمة.
هذه المساعدات الطبية سوف ترسل على الفور إلى 40 مرفقاً صحياً في 29 مقاطعة بجميع أنحاء أفغانستان.
في حين أوضحت منظمة الصحة أن هذه أول رحلة من ثلاث رحلات مقررة مع الخطوط الجوية الباكستانية الدولية لسد الثغرات العاجلة في الأدوية والمستلزمات الطبية بأفغانستان، مؤكدةً أنها تعمل مع الشركاء لضمان أن تكون شحنات هذا الأسبوع هي الأولى من بين شحنات كثيرة تليها.
كانت المنظمة قد حذّرت، الجمعة 27 أغسطس/آب 2021، من أن الإمدادات الطبية ستنفد خلال أيام في أفغانستان، وأعربت عن أملها في إقامة جسر جوي إلى مدينة مزار شريف الشمالية بمساعدة السلطات الباكستانية.
البنك الدولي يوقف صرف الأموال
يشار إلى أن البنك الدولي أعلن، الثلاثاء، بعد اجتماع لمجلس الإدارة التابع له، وقف صرفه أموالاً لعملياته في أفغانستان.
إذ قال متحدث باسم البنك، إن المؤسسة المالية الدولية أوقفت صرف أموال لعملياتها في أفغانستان، وتراقب عن كثبٍ الوضع هناك في ظل سيطرة "طالبان" على البلاد، متابعاً: "لدينا قلق عميق حيال الوضع في أفغانستان وتأثيره على مشاريع التنمية في البلاد، خصوصاً على النساء".
فيما أوضح المتحدث أن البنك الدولي سيواصل التشاور بشكل وثيق، مع المجتمع الدولي وشركاء التنمية إزاء الوضع في أفغانستان، ويستطلع سبلاً للإبقاء على تواصله هناك والحفاظ على "مكاسب التنمية التي تحققت بصعوبة".
خلال الأسابيع الأخيرة تمكنت طالبان من بسط سيطرتها على كل المنافذ الحدودية بأفغانستان. وفي 15 أغسطس/آب الجاري، دخل مسلحو الحركة العاصمة كابول وسيطروا على القصر الرئاسي، بينما غادر الرئيس أشرف غني، البلاد ليقيم في الإمارات.
جاءت هذه السيطرة رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، طوال 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.