في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، يصل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، ورئيس الحركة بالخارج خالد مشعل، الجمعة 27 أغسطس/آب 2021، العاصمة الأردنية عمان؛ للمشاركة في جنازة قيادي بالحركة.
رغم أن الزيارة جاءت لحضور جنازة قيادي في الحركة توفي بعمان، فإن لها الكثير من الدلالات بالنظر للعلاقة "المتوترة" بين حركة حماس والقيادة الأردنية، إضافة إلى أنها تأتي في ظروف خاصة تمر بها المنطقة والجهود المبذولة من أجل التوصل لتفاهمات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
زيارة بموافقة الملك
أعلن عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق، الخميس 26 أغسطس/آب، أن هنية ومشعل يصلان عمّان الجمعة؛ للمشاركة في تشييع القيادي بالحركة إبراهيم غوشة، الذي توفي الخميس.
عبّر الرشق، في تغريدة عبر "تويتر"، عن الشكر والتقدير للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، لموافقته على الزيارة. ولم يوضح الرشق إن كانت قيادة الحركة ستلتقي أياً من المسؤولين الأردنيين خلال هذه الزيارة.
غوشة (85 عاماً)، هو قيادي تاريخي بحركة حماس، وعضو سابق بمكتبها السياسي، وشغل منصب أول ناطق رسمي للحركة، كما شارك بالعديد من وفودها الدبلوماسية في زيارات الدول العربية والإسلامية.
فيما أُعلن، الخميس، عن وفاة غوشة في العاصمة الأردنية المقيم فيها منذ عقود، وهو من مواليد مدينة القدس المحتلة.
أول زيارة لهنية منذ 25 عاماً
لم يزر إسماعيل هنية الأردن سوى مرة وحيدة عام 1996 عضواً بوفد حركته في حوار داخلي فلسطيني.
بينما يُنظر للزيارة على أنها غير عادية، كون العلاقة بين "حماس" والقيادة الأردنية تتسم بالبرود، وذلك منذ مغادرة قيادة الحركة مقر إقامتها بعمّان عام 1999م.
برغم ذلك، لم تنقطع الاتصالات بين المملكة والحركة في بعض المستويات، كما سمحت عمّان لرئيس حماس السابق خالد مشعل بزيارة البلاد في أكثر من مرة لأسباب إنسانية؛ حيث تقيم عائلته هناك.
العلاقة بين حماس والأردن
العلاقة بين حماس والأردن قديمة وكانت بدايتها في عهد الملك الراحل حسين والد الملك عبدالله، مختلفة عن الوضع الحالي.
كان السبب الأبرز لاحتضان الأردن حركة "حماس" في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، الرد على قرار السلطة الفلسطينية ممثلة في ياسر عرفات الذي حاول التفاوض مع الجانب الإسرائيلي بشكل منفرد، بعيداً عن عمَّان، إلى جانب الرغبة الأردنية بإبعاد الحركة عن إيران والمحور السوري، وإدماجها في العملية السياسية والتفاوضية مع إسرائيل لقبولها دولياً كطرف فلسطيني معتدل، حسبما ورد في تقرير لموقع "إندبندنت عربية".
في عام 1999 ومع العهد الجديد الذي مثله الملك عبدالله الثاني، اتخذت عمَّان قراراً مفاجئاً غيّر مسار العلاقة بين حماس والأردن، وذلك بإنهاء وجود الحركة في الأردن وإبعاد خمسة من قادتها إلى قطر، لتبدأ بعدها قطيعة طويلة بين حماس والأردن وسط اتهامات أردنية أمنية للحركة.
لكن في عام 2012، ومع صعود نجم الإسلام السياسي على وقع "الربيع العربي" في المنطقة، وجد الأردن نفسه مرغماً على التقارب قليلاً مع حركة "حماس" بدفع من تولي الإخوان المسلمين الحكم في مصر، وتجسد ذلك بلقاء يتيم جمع العاهل الأردني برئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في عمان.
تبع ذلك فتور وحوادث أمنية أعادت العلاقة إلى المربع الأول، بعد تحدث الأردن عما سمي "خلية حماس" التي ضمت 16 متهماً بمحاولة تصنيع متفجرات وتهريبها للأراضي الفلسطينية.
ترتبط القطيعة بين الأردن و"حماس" بملف جماعة الإخوان المسلمين، إذ تخشى عمان من أن تؤدي إعادة العلاقة مع الحركة إلى عودة الجماعة إلى الواجهة مجدداً في الداخل الأردني بعد تحجيمها وتفكيكها وحظرها عبر قرار قضائي قطعي في 2019.
دعوات إلى إعادة العلاقات مع حماس
على وقع التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وجدت الحكومة الأردنية نفسها أسيرة ضغوط شعبية وبرلمانية مكثفة تطالب بإعادة العلاقة بين حماس والأردن، واستغلال هذه العلاقة كورقة ضغط سياسية في مواجهة الاستفزازات الإسرائيلية، حسبما ورد في تقرير "إندبندنت عربية".
نظمت الحركة الإسلامية وأحزاب وحركات شعبية، بعد وقف إطلاق النار عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، مهرجاناً تحت عنوان "المقاومة طريق التحرير" في منطقة طبربور بعمان، وذلك دعماً للشعب الفلسطيني الذي تعرض لعدوان إسرائيلي أدى لاستشهاد 254 فلسطينياً بينهم 66 طفلاً.
تخلل المهرجان، الذي شهد حضوراً كبيراً، كلمات من حزبيين وسياسيين، وكلمة للقيادي في حركة حماس خالد مشعل، الذي قال خلال كلمة له جرى بثها خلال المهرجان، إن الأردن توأم الجغرافيا والديمغرافيا وشقيق الروح، ومعاً سنصنع المستقبل المشرق المنتصر.
مشعل قال مخاطباً الشعب الأردني: "أعرف أصالتكم وفضلكم، وأشكر عشائر الأردن بشكل خاص التي لها سجل مشرف في معارك فلسطين وأسوار القدس، والجيش الأردني، والجمهور الأردني، والأردن الرسمي والشعبي الذي سينتصر معنا وبنا، وننتصر به وبأمتنا، بعد عون الله تعالى".