دعت منظمة العفو الدولية، الخميس 26 أغسطس/آب 2021، الرئيس التونسي قيس سعيد للتوقف عن استخدام حظر السفر "التعسفي"، واحترام حق التونسيين في حرية التنقل.
وقبل أيام، جدد الرئيس التونسي قيس سعيد قراره "الاستثنائي" بتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، وما تبعها من قرارات إقالة مسؤولين وإيقاف بعضهم ومنع آخرين من السفر.
حظر السفر
في بيان، حثت المنظمة " الرئيس سعيّد والسلطات المعنية، على إنهاء استخدام حظر السفر التعسفي، واحترام حرية التنقل على النحو المكفول بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب".
كما أشارت إلى أن "أي قيود على هذا الحق يجب أن تكون ضرورية ومتناسبة وخاضعة لمراجعة قضائية ذات مغزى".
وذكرت أن "سعيّد في الشهر الأول منذ توليه سلطات استثنائية، قد استخدم على نطاق واسع حظر السفر التعسفي في تونس خارج الأطر القضائية"، داعية إياه إلى "احترام حق التونسيين في حرية التنقل".
فقد أكدت أنها "وثقت حالات ما لا يقل عن 50 شخصاً، من بينهم قضاة وكبار موظفي الدولة، وموظفو الخدمة المدنية، ورجال أعمال وأحد البرلمانيين، منعوا من السفر إلى الخارج خلال الشهر الماضي دون أي إذن قضائي، أو أمر مكتوب، أو إبداء الأسباب، أو إطار زمني للحظر".
فيما رجحت "العفو الدولية" أن يكون العدد الإجمالي، للذين يواجهون حظر السفر منذ 25 يوليو/تموز، "أكبر بكثير".
ولم يصدر تعليق تونسي رسمي حول ما ورد في بيان المنظمة.
خطوات واسعة
في أحدث إجراء، أعلن متحدث قضائي في تونس، في 9 أغسطس/آب، أنه تقرر منع 12 مسؤولاً، من بينهم وزير سابق، ونائب بالبرلمان، من السفر، بسبب شبهات فساد.
كذلك أكد الناشط السياسي التونسي، إسكندر الرقيق، عبر تدوينة نشرها على حسابه بموقع "فيسبوك"، منعه من السفر، وذلك دون إبداء أي أسباب لذلك، لافتاً إلى أنه "ليس لي أي موانع قانونية أو قضائية".
"الرقيق" اعتبر ما جرى بحقه "اعتداءً رهيباً على الحريات الشخصية في التنقل والسفر، وخرقاً واضحاً لدستور 2014، ودستور 1959، ولكافة المواثيق الدولية"، مضيفاً: "أنا خبير ومستشار دولي في الاستثمار وتطوير المشاريع، وأعمل مع العديد من الشركات الأجنبية، ولا سرقت ولا خطفت، وهذا المنع تضييق على رزقي ورزق عيالي، وانتهاك صارخ لحريتي الشخصية".
في حين طالب الناشط السياسي رئاسة الجمهورية برفع هذا المنع في أقرب وقت، لأنه "لا يليق بما وعد به الرئيس قيس سعيد، المجتمع الدولي من أنه سيحافظ على الحريات الشخصية لكل أفراد الشعب التونسي".
كان الرئيس التونسي قد أعلن، في 25 يوليو/تموز الجاري، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي.
وبرّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيّد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيّد؛ إذ اعتبرتها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).
جدير بالذكر أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى، شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لا سيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.