قالت وكالة رويترز، الأربعاء 25 أغسطس/آب، في تقرير لها، إن حركة طالبان أوقفت موظفاً أفغانياً بالأمم المتحدة لدى محاولته الوصول لمطار كابول يوم الأحد، وفتشت سيارته وعثرت على وثائق هويته التي تؤكد أنه موظف في الأمم المتحدة ثم ضربته.
كذلك وفي اليوم التالي، زار ثلاثة مجهولين منزل موظف آخر بالأمم المتحدة كان في عمله وقتها، وسألوا نجله عن مكانه واتهموه بالكذب وقالوا: "نعلم مكانه وماذا يفعل".
وقائع مماثلة
التقرير الذي نشرته رويترز يوم الأربعاء ، قال إن هاتين الواقعتين من بين عشرات الوقائع المماثلة التي عدَّدتها وثيقة أمنية داخلية في الأمم المتحدة، اطلعت عليها رويترز وتتضمن وصفاً تفصيلياً لتهديدات مستترة وعمليات نهب لمكاتب الأمم المتحدة وإساءة معاملة للموظفين منذ العاشر من أغسطس/آب، قبيل استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان.
على الرغم من سعي الحركة الإسلامية المتشددة إلى طمأنة الأفغان والقوى الغربية بأنها ستحترم حقوق الناس، فإن تقارير ترِد عن عمليات انتقامية قوَّضت الثقة بتلك التطمينات، خاصةً بين من لهم صلات بمنظمات أجنبية.
في المقابل لم تردَّ طالبان حتى الآن على طلب للتعليق على قائمة الوقائع المدرجة بوثيقة الأمم المتحدة.
ارتكاب انتهاكات
لكن الحركة قالت إنها ستحقق في تقارير ترد عن ارتكاب انتهاكات، وحثت منظمات الإغاثة على مواصلة عملها. وقالت هذا الأسبوع إنها ترحب بالمساعدات ما دامت لا تُستغل كوسيلة لبسط نفوذ سياسي على أفغانستان.
في حين قالت الأمم المتحدة إنها لا تعلق على وثائق أمنية مسربة، وأضاف ستيفان دوغاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة: "السلطات المسؤولة في كابول مسؤولة عن سلامة وأمن موظفي ومقار الأمم المتحدة. نحن على اتصال معها في هذا الشأن".
كذلك فقد نقلت الأمم المتحدة ما يقرب من ثلث موظفيها الأجانب في أفغانستان، وعددهم 300، إلى كازاخستان، لكنها شددت أيضاً على رغبتها في الحفاظ على وجودها هناك؛ لمساعدة الشعب الأفغاني.
لكن لا يزال نحو ثلاثة آلاف موظف أفغاني في الأمم المتحدة باقين هناك. وقال متحدث باسم المنظمة الدولية إنها على اتصال بدول أخرى؛ لحثها على توفير تأشيرات دخول أو تقديم الدعم المؤقت لنقل بعضهم.
فرار الآلاف
في سياق متصل فقد فرَّ آلاف من أفغانستان منذ دخول طالبان إلى كابول في 15 أغسطس/آب، على متن طائرات عسكرية وتجارية من العاصمة التي شهد مطارها أحداثاً شابتها الفوضى وسقوط قتلى.
فيما يخشى البعض من عودة طالبان لتنفيذ تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية والذي كانت تطبقه في المرة السابقة التي حكمت فيها البلاد ومنعت خلالها النساء من العمل والفتيات من الذهاب إلى المدارس.
كذلك يعتقد آخرون ممن يعملون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، أنهم قد يتعرضون لأعمال انتقامية بعد مقتل العشرات، فيما يشتبه أنها هجمات محددة الأهداف من طالبان، العام الماضي.
شكاوى نسائية
في سياق متصل قالت امرأة أفغانية عمِلت بالأمم المتحدة عدة سنوات، لـ"رويترز"، إنها شعرت بأن المسؤولين تخلوا عنها.
أضافت المرأة بعد أن طلبت عدم نشر اسمها: "كل امرأة أعرفها لديها مخاوفي نفسها. ماذا سيحدث الآن لأطفالنا إذا عوقبنا على عملنا؟ ماذا سيحدث لعائلاتنا؟ ماذا سيفعلون بنا كنساء؟".
كذلك وفي رسالة بالفيديو إلى الموظفين في أفغانستان يوم الثلاثاء، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه يشعر بالانزعاج من التقارير التي تفيد بأن البعض تعرَّض للمضايقة والترهيب.
أضاف غوتيريش: "نفعل كل ما بوسعنا من خلال التواصل المستمر مع جميع الجهات المعنية، وسنواصل القيام بذلك؛ لضمان سلامتكم ورفاهيتكم وإيجاد حلول خارجية حين تكون هناك حاجة إليها". وأفاد تقييم مخاطر أجرته الأمم المتحدة في 21 أغسطس/آب ونشرته رويترز أمس الثلاثاء، بأنه "لا توجد قيادة وسيطرة متماسكة" داخل طالبان.
نصر عسكري
في حين أدت السرعة الخاطفة التي حققت بها طالبان النصر العسكري، الذي تزامن مع انسحاب القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة بعد 20 عاماً من الحرب، إلى فراغ في السلطة. وتُسابق الحركة الزمن لتشكيل حكومة في كابول والأقاليم لإدارة البلاد.
فيما قال موظف أفغاني بالأمم المتحدة، تحدَّث بشرط عدم الكشف عن هويته، لـ"رويترز"، إنه يعرف ما لا يقل عن 50 موظفاً أفغانياً حذَّرتهم طالبان أو هددتهم، مضيفاً: "يجب إجلاء موظفي الأمم المتحدة المحليين الذين يتعرضون لتهديد مباشر خطير من طالبان".
كذلك تتنقل امرأة أفغانية ثانية تعمل في الأمم المتحدة، من منزل لآخر، مع زوجها وابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات، على مدى الأيام العشرة الماضية، فقد عرف بعض جيرانها أنها تعمل في الأمم المتحدة وكانت قلقة من أنهم قد يبلغون عنها.
حيث حصلت على تأشيرة لدولة مجاورة، لكنها تشعر بالإحباط، لأن الأمم المتحدة لم تساعدها على الرحيل. وقالت المرأة: "كنا نتوقع أن يساعدنا نظام الأمم المتحدة بأكمله. بأمانة كنا نتوقع ذلك. نحن في خطر. إذا لم نتمكن من أداء عملنا، فمن سيصل إلى الناس (لمساعدتهم)؟".