أصدر ملك ماليزيا قراراً بتعيين إسماعيل صبري يعقوب رئيساً للوزراء، الجمعة 20 أغسطس/آب 2021، خلفاَ لمحيي الدين ياسين بعد ضغط مارسته المعارضة بقيادة أنور إبراهيم ومهاتير محمد، لإنهاء دورة الحكومة التي كانت تعتمد على أقلية هشة في مجلس النواب، فيما كان يتعمد ياسين تعطيله خوفاً من إسقاطها.
وسمى ملك ماليزيا السلطان عبدالله بن السلطان أحمد شاه، إسماعيل صبري يعقوب رئيساً جديداً للوزراء، وذلك بعد أن شغل منصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة الأخيرة التي لم تستمر 18 شهراً في منصبه.
وقال القصر في بيان إن تعيين صبري جاء بعد حصوله على دعم الأغلبية حيث أيده 114 عضواً في البرلمان المؤلف من 222 مقعداً.
يأتي تولي صبري المنصب الجديد بينما تواجه البلاد زيادة في إصابات فيروس كورونا وتعثراً اقتصادياً، وسط تنامي الغضب الشعبي بسبب أسلوب التعامل مع الأزمة الصحية.
استقالة رئيس الوزراء
الإثنين الماضي، قدم رئيس الوزراء الماليزي محيي الدين ياسين استقالته إلى الملك بعد ضغط مارسته المعارضة بقيادة أنور إبراهيم ومهاتير محمد، فيما أبدى القصر الملكي عدم رغبته في الذهاب لانتخابات مبكرة.
وتشهد ماليزيا اضطراباً سياسياً منذ استقالة رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد المفاجئة العام الماضي، والتي أدت إلى تولي محيي الدين السلطة في مارس/آذار 2020، ولكن بأغلبية ضئيلة وائتلاف غير مستقر، قبل أن يواجه مطالب ملحّة بالاستقالة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
كان محيي الدين ياسين حاول الأسبوع الماضي البقاء في السلطة عندما اقترح على نواب المعارضة دعمه مقابل تبني عدة إصلاحات، لكنه فشل في ذلك.
حيث طالب نواب المعارضة والخصمان على الساحة السياسية الماليزية، مهاتير محمد وأنور إبراهيم، مطلع الشهر الجاري، باستقالة رئيس الوزراء الذي ضعف سياسياً، كما نظموا مسيرة مطلع الشهر الجاري تجاه البرلمان المغلق بفعل إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.
من جانبه، قال أنور إبراهيم في خطبة ألقاها حينها بعد أن حول النواب مسارهم: "محيي الدين سقط اليوم كرئيس للوزراء".
وأضاف أن جميع نواب المعارضة متفقون على المطالبة باستقالة رئيس الوزراء لمخالفته الدستور ومرسوماً ملكياً وتعطيل النواب عن أداء واجباتهم.
واستند رئيس الوزراء في قراره إرجاء جلسات البرلمان إلى اكتشاف إصابات بكورونا بين الأعضاء، غير أن المعارضة وصفت القرار بأنه ذو دوافع سياسية لقطع الطريق على أي تحد لقيادته.
وكان الملك قد طلب مناقشة إلغاء المراسيم المتعلقة بالتصدي للجائحة في البرلمان، لكن الحكومة قالت إن ذلك ليس ضرورياً.
فيما تقدم زعيم المعارضة أنور إبراهيم بطلب لسحب الثقة من محيي الدين بعد تصريحات الملك، إلا أنه بعد إلغاء جلسة البرلمان لم يتضح ما إذا كان التصويت على سحب الثقة من الحكومة أو المراسيم ستطرح في البرلمان.
وتخضع ماليزيا لقانون الطوارئ منذ يناير/كانون الثاني 2021، والذي قال رئيس الوزراء إنه ضروري للحد من انتشار كوفيد-19. لكن منتقدين هاجموا هذه الخطوة واتهموه بمحاولة التشبث بالسلطة وسط أغلبية ضئيلة.
وبموجب هذا القانون، فقد فرض على البرلمان تعليق نشاطه لفترة زمنية محددة إلى الأول من أغسطس/آب الجاري، وفقاً لإعلان ملكي، ولكن رئيس الوزراء يتهرب من جلسة برلمانية رغم تجاوز هذا التاريخ.
مهاتير محمد يعود بعد استقالته
وفي أغسطس/آب 2020، أعلن رئيس وزراء ماليزيا السابق، الدكتور مهاتير محمد، تأسيس حزب سياسي "مستقل"، وذلك بعد عدة شهور من استقالته من رئاسة الوزراء في أواخر فبراير/شباط 2020.
استقالة مهاتير محمد جاءت بعد أن انسحب رئيس الوزراء الحالي محيي الدين ياسين من الائتلاف الحاكم، ما أدى إلى انهياره بعد أقل من عامين من فوزه التاريخي في انتخابات 2018، فيما قال مهاتير حينها إن محيي الدين اختطف الحزب وساعد في إحياء ما سماها الحكومة "الكليبتوقراطية".
اتهم محيي الدين باستخدام الأموال لشراء الدعم، ما جعلها تبتعد عن هدفها المتمثل في محاربة الكسب غير المشروع. قال مهاتير إنه يعتقد أن العديد من أعضاء القاعدة غير سعداء وما زالوا يدعمونه.
قال مهاتير في مؤتمر صحفي: "نشعر بأننا يجب أن نواصل قتالنا وهذا هو السبب في أننا نشكل حزباً جديداً".
كما أضاف مهاتير أن الحزب الجديد سيكون مستقلاً ولن يتحالف مع ائتلاف المعارضة بقيادة أنور إبراهيم، الذي كان من المقرر في البداية أن يخلفه في حكومتهم السابقة.
وقد عاد مهاتير، الذي حكم البلاد لمدة 21 عاماً حتى 2003، في انتخابات 2018 لمساعدة تحالف أنور على هزيمة تحالف نجيب الذي حكم ماليزيا منذ الاستقلال عن بريطانيا. وأصبح رئيساً للوزراء قبل استقالته في فبراير/شباط.
اتهِم نجيب وزوجته وعدد من كبار المسؤولين في حزبه بتهم فساد متعددة منذ هزيمتهم في انتخابات 2018. وحُكم على نجيب أواخر الشهر الماضي بقضاء 12 عاماً في السجن في أول محاكمة له مرتبطة بفضيحة مالية ضخمة، على الرغم من وقف الحكم أثناء استئنافه. يواجه أربع محاكمات أخرى ويصر على أن القضايا المرفوعة ضده هي انتقام سياسي.
يأتي إعلان مهاتير وسط خلاف مع تحالف أنور على اختيار مرشحهم لرئاسة الوزراء. رفض مهاتير ترشيح أنور ودعم سياسياً آخر.
قال محللون إن محيي الدين يواجه ضغوطاً من الأحزاب المتحالفة للدعوة إلى انتخابات مبكرة، لأن حكومته غير المنتخبة لديها أغلبية بمقعدين فقط في البرلمان. لن تكون دعوة سهلة لمحيي الدين؛ لأن نفوذ حزبه يتضاءل في الائتلاف.