استولت حركة طالبان على كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة إضافة إلى مروحيات وطائرات مقاتلة، كانت أمريكا قد أمدَّت بها قوات الأمن الأفغانية، لكنها وقعت في حيازة الحركة بعد الانهيار المتلاحق لقوات الأمن الأفغانية.
وكالة The Associated Press الأمريكية التي أوردت الخبر أشارت إلى أن الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات على مدى عقدين من الزمن لتدريب ودعم قوات الأمن الأفغانية، لكن على ما يبدو فإن طالبان ستكون المستفيد النهائي الذي ستؤول إليه تلك الاستثمارات التي استمرت عقوداً.
فيما أقر جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، بأن "كمية لا بأس بها" من المعدات العسكرية الأمريكية باتت في أيدي حركة طالبان.
معدات عسكرية أمريكية بحوزة طالبان
عندما سُئل الميجور جنرال هانك تايلور، أحد المتخصصين باللوجستيات في وزارة الدفاع الأمريكية، يوم الإثنين 16 أغسطس/آب، عما إذا كانت الولايات المتحدة شرعت في اتخاذ أي خطوات لضمان عدم وقوع المعدات العسكرية في أيدي طالبان، قال للصحفيين: "ليس لدي إجابة عن هذا السؤال".
يأتي ذلك بعد توارد أخبار عن استيلاء طالبان على معدات عسكرية حديثة بعد اجتياحها المراكز التابعة لقوات الأمن الأفغانية في جميع أنحاء البلاد.
لم تقتصر مكاسب طالبان على ذلك، فقد ورد أنها حصلت على طائرات مقاتلة بعد سيطرتها على عواصم المقاطعات واقتحامها القواعد العسكرية.
نقلاً عن مسؤولين عسكريين حاليين وسابقين، أورد موقع The Intercept الأمريكي أن طالبان صادرت أيضاً أجهزة قياس حيوية (بيومترية) عسكرية أمريكية قد تتيح لها تحديد هوية الأفغان المتعاونين مع قوات التحالف.
الأجهزة المعروفة باسم "معدات الكشف المحمولة عن الهوية بين الوكالات"، واختصاراً باسم HIIDE، استولت عليها طالبان خلال إحدى هجماتها الأسبوع الماضي، وفقاً لمسؤول في قيادة العمليات الخاصة المشتركة وثلاثة أفراد عسكريين أمريكيين سابقين، أجمعوا أيضاً على قلقهم من إمكانية استخدام البيانات الحساسة التي تحتويها هذه الأجهزة.
بيانات حيوية عن الأفغان
تحتوي أجهزة القياس البيومترية على بيانات تحديد الهوية، مثل مسح قزحية العين وبصمات الأصابع، بالإضافة إلى معلومات السيرة الذاتية، وتُستخدم للوصول إلى قواعد البيانات المركزية الرئيسية.
لكن حتى الآن لم يتضح مدى التهديد الذي لحق بقاعدة البيانات الحيوية التي جمعها الجيش الأمريكي بشأن السكان الأفغان.
في حين أن الجيش الأمريكي عادةً ما يروِّج بأن تلك الأجهزة والبيانات المجموعة عن طريقها ليست إلا وسيلةً لتعقُّب الإرهابيين وغيرهم من المتمردين، فإن المصادر تشير إلى أنها استُخدمت أيضاً على نطاق واسع لجمع البيانات البيومترية الخاصة بالأفغان المتعاونين مع الولايات المتحدة وفي تسجيل بطاقات الهوية الخاصة بهم.
في معرض التبرير لاستخدام تلك الأجهزة البيومترية على نطاق واسع، قال متعاقد عسكري أمريكي: "كنا نتعامل مع آلاف السكان المحليين يومياً، ومن ثم كنا مضطرين إلى استخدام أجهزة لتحديد الهوية، والبحث الاحتياطي عن أي سترات ناسفة أو أسلحة، وجمع المعلومات، وما إلى ذلك. وقد استُخدمت تلك الأجهزة كأداة تعريف بيومترية لمساعدة القوات في تحديد هوية السكان المحليين العاملين لصالح التحالف".
من جانبه، أحال متحدث باسم وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية الأسئلة إلى مكتب وزير دفاع، الذي لم يرد على طلبات التعليق حتى الآن.
كمية "لا بأس بها"
قال جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض رداً على سؤال عن المعدات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، إن "كمية لا بأس بها وقعت في أيدي طالبان وليس لدينا انطباع بالتأكيد أنهم سيعيدونها إلينا".
فيما نشرت طالبان قبل يومين تسجيل فيديو يظهر مقاتليها يحتفلون حول مروحيات أمريكية من طراز "بلاك هوك" تابعة للجيش الأفغاني في مطار قندهار بجنوب البلاد.
أوضح سوليفان أن "مروحيات بلاك هوك هذه لم تعط لطالبان. لقد أعطيت للقوات الأفغانية" بناء على طلب الرئيس الفار أشرف غني. وأكد أن الرئيس بايدن "اختار" أن يتجاوب مع هذا الطلب، رغم إدراكه لخطر سقوط هذه المروحيات في أيدي طالبان.
كما قال تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية إن هذه الغنيمة غير المتوقعة ساعدت -بحسب خبراء- حركة طالبان التي يمكنها أيضاً الاعتماد على مصادرها الخاصة للحصول على أسلحة.
أشار التقرير إلى حديث الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قال فيه: "لقد قدّمنا لشركائنا الأفغان كل الأدوات، دعوني أشدد على ذلك، كل الأدوات"، وأوضح التقرير أن ذلك جاء أثناء دفاع بايدن عن قراره سحب القوات الأمريكية من أفغانستان و"ترك الأفغان يقاتلون من أجل مستقبلهم".
مليارات الدولارات ذهبت أدراج الرياح
على صعيد آخر، قال مسؤولون أمريكيون، منهم الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه، إن الجيش والشرطة الأفغانية كانوا مجهزين بالعتاد والأسلحة، لكنهم افتقروا إلى الدافع القتالي.
قال جون كيربي، كبير المتحدثين باسم وزير الدفاع لويد أوستن، يوم الإثنين: "المال لا يستطيع شراء الإرادة، ولا يمكنك ابتياع مؤهلات القيادة والتغلُّب".
في هذا السياق، قال دوج لوت، وهو ملازم متقاعد بالجيش الأمريكي شارك في توجيه استراتيجية الحرب الأفغانية خلال إدارتي دبليو بوش وباراك أوباما، لوكالة AP: "القاعدة الأساسية للحرب كما هي: العوامل المعنوية حاكمةٌ على العوامل المادية".
أضاف العسكري الأمريكي السابق أن "الروح المعنوية والانضباط وسمات القيادة وتماسك أفراد الوحدة العسكرية أشد تأثيراً في حسم الأمور من عدد القوات والمعدات. ولأننا أجانب في أفغانستان، فإن ما يمكننا فعله هو توفير المعدات المادية، لكن وحدهم الأفغان يمكنهم توفير العوامل المعنوية".
يُذكر أن البيانات تشير إلى أن الولايات المتحدة أنفقت ما يقرب من 145 مليار دولار على محاولة إعادة بناء أفغانستان. وبحسب وكالة AP الأمريكية، فإن نحو 83 مليار دولار من إجمالي هذا المبلغ خُصِّص لتطوير ودعم قوات الجيش والشرطة الأفغانية.