قالت صحيفة The Guardian البريطانية الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021 إنه في الوقت الذي سيطرت فيه طالبان على كابول، ومع انتشار مشاهد الفوضى في المطار، كان عسكريون أمريكيون شاركوا في حرب أفغانستان التي بدأت منذ 20 عاماً والعائلات التي فقدت أبناءها في ساحة المعركة، يطرحون سؤالاً واحداً: "أكان الأمر يستحق"؟.
أندرو فوكس، الرائد السابق في سلاح المظلات الذي خدم ثلاث فترات في أفغانستان، أصابه تأثير اضطراب ما بعد الصدمة وأثر على صحته، فيما انتاب بعض العسكريين الآخرين شعور بالغضب عند مشاهدتهم صور طالبان وهم يدخلون العاصمة الأفغانية بعد مقاومة محدودة أو دون مقاومة على الإطلاق، ومن هؤلاء بن ماكبين الذي شعر أن كل شيء كان يعتقد هو وآخرون أنهم يقاتلون في سبيله قد تبخر في أسابيع.
أكان الأمر يستحق!
ماكبين الذي فقد ساقه وذراعه في انفجار لغم أرضي عام 2008 أثناء خدمته مع مشاة البحرية الملكية في ولاية هلمند بأفغانستان يقول للصحيفة البريطانية: "حتى بعض الأشخاص الذين كانوا متفائلين غيّروا رأيهم وهم يشاهدون طالبان تتقدم دون أي شكل من المقاومة". وأضاف: "لا يمكنك حتى أن تنظر إلى الوراء وتقول: "على الأقل شاركت في ذلك؛ لأنك لن تجد إرثاً حين يُدمَّر كل شيء".
وبعد أيام من تغريدته: "كل هذا من أجل لا شيء! سراب!"، بعد سقوط كابول، قال لصحيفة The Guardian إن شعوره لم يتغير، مضيفاً: "لنقل إن الفتيات بإمكانهن الاستمرار في التعليم، حينها يمكننا القول إننا على الأقل ساعدناهن، لكننا الآن نسمع قصصاً عن فتيات يضطررن لحرق بطاقات الهوية المدرسية والشهادات أو لأن يصبحن لاجئات".
وأعرب عن قلقه على زملائه الجنود، لا سيما من جاهدوا للتكيف مع إصابات بالغة غيرت حياتهم: "شخص مثلي قد ينظر إلى الوضع الآن ويقول: يا له من كابوس، ولكن شخصاً آخر قد يعود لمعاقرة الخمر مثلاً، ويوجد آباء فقدوا أبناءهم أيضاً وسوف يستشيطون غضباً".
صدمة في واشنطن
أما جاك كامينغز، المهندس السابق في البحرية الملكية والخبير في التخلص من القنابل، فقد عاد بذهنه إلى 11 عاماً مضت بعد أن فقد ساقيه في انفجار، وّغرد قائلاً: "أكان الأمر يستحق، كلا على الأرجح هل فقدت ساقيّ في سبيل لا شيء، نعم على ما يبدو. هل مات رفاقي عبثاً. نعم. تنتابني مشاعر كثيرة هي مزيج من الغضب، والخيانة والحزن …".
ويشار إلى أن الصدمة التي يعيشها الجيش الأمريكي ليست الوحيدة، فحتى رئيس البلاد جو بايدن وكبار مسؤوليه صُدِموا من وتيرة سيطرة حركة طالبان شبه الكاملة على أفغانستان، وفي الوقت نفسه أصبح الانسحاب المخطط للقوات الأمريكية مهمة مُلِحّة لضمان إخلاء آمن، وفقاً لما نشرته صحيفة The Independent البريطانية.
الصحيفة قالت إن سرعة انهيار الحكومة الأفغانية والفوضى التي أعقبتها شكَّلت أخطر اختبار لبايدن، شاغل منصب القائد الأعلى، وجعلته موضع انتقادات شديدة من الجمهوريين الذين قالوا إنه فشل.
سيطرة طالبان
وأقرّ الرئيس الأفغاني أشرف غني، الذي فرّ إلى خارج أفغانستان، مساء الأحد، بأنّ "حركة طالبان انتصرت"، في حين أظهرت مشاهد تلفزيونيّة مقاتلين من الحركة وهم يحتفلون بـ"النصر" من القصر الرئاسي في كابول.
وبعد عشرين سنة تقريباً على طردها من السلطة بات انتصار طالبان العسكري كاملاً مع انهيار القوّات الحكوميّة، في غياب الدعم الأمريكي.
كما أعلن المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، عبر تويتر، أن "وحدات عسكرية من إمارة أفغانستان الإسلامية دخلت مدينة كابول لضمان الأمن فيها".
من جهتها، كشفت حركة طالبان أنها ستعلن قريباً "إمارة أفغانستان الإسلامية" من القصر الرئاسي في العاصمة كابول، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
فقد استولت طالبان على كل أفغانستان تقريباً، فيما يزيد قليلاً على أسبوع، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
ومنذ مايو/أيار الماضي، بدأت طالبان توسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية، المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.