كشف أربعة مسؤولين أمريكيين، في تصريحات لوكالة رويترز، الجمعة 13 أغسطس/آب 2021، أن إدارة الرئيس جو بايدن تجري محادثات سرية مع عدد من الدول أكبر مما هو معروف؛ في محاولة يائسة لتأمين اتفاقات توفر المأوى بشكل مؤقت للأفغان المعرضين للخطر الذين كانوا يتعاونون مع الحكومة الأمريكية.
إذ تسلط المناقشات، التي لم يُسمع عنها من قبلُ مع دول مثل كوسوفو وألبانيا، الضوء على رغبة إدارة بايدن في حماية الأفغان الذين ارتبطوا بالولايات المتحدة، مما يُوصف بـ"انتقام حركة طالبان"، وذلك إلى حين استكمال الموافقة على تأشيراتهم الأمريكية.
كانت الولايات المتحدة قد أعلنت، الخميس 12 أغسطس/آب، أنها سترسل 1000 فرد إلى دولة قطر لتسريع إجراءات حسم طلبات الحصول على تأشيرات الهجرة الخاصة.
فيما يحق للأفغان الذين عمِلوا مترجمين فوريين، وفي وظائف أخرى لصالح الحكومة الأمريكية، التقدم لبرنامج تأشيرات الهجرة، وذلك في الوقت الذي تُحكم فيه طالبان قبضتها على أفغانستان بسرعة مذهلة.
في حين أُجلي حتى الآن نحو 1200 أفغاني إلى الولايات المتحدة. ومن المقرر أن يزيد العدد إلى 3500 في الأسابيع المقبلة، بموجب "عملية ملاذ الحلفاء"، وذهب البعض إلى قاعدة عسكرية أمريكية في فرجينيا لاستكمال أوراقهم، فيما توجّه آخرون مباشرة إلى مضيفين أمريكيين.
كما تبحث واشنطن عن دول ثالثة لاستضافة هؤلاء المعرضين للخطر إلى حين الانتهاء من فحص أوراقهم؛ ليتسنى لهم السفر إلى الولايات المتحدة، والذين مازالوا ينتظرون فحص طلبات تأشيراتهم.
من جهتها، قالت كريش أومارا فيناراجاه، رئيسة المنظمة اللوثرية لخدمات الهجرة واللاجئين: "من المقلق للغاية غياب خطة حقيقية لإجلاء الحلفاء الذين أصبحوا عرضة للضرر"، مؤكدةً أنه "لَأمر محير، لماذا استغرقت الإدارة الأمريكية كل هذا الوقت في تأمين هذه الاتفاقات؟".
تردد بعض الدول
في السياق، قال مسؤولان أمريكيان، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن الدول مترددة في استقبال الأفغان، بسبب مخاوف بشأن دقة الفحص الأمني، والفحص الصحي الخاص بكوفيد-19، قبل السماح لهم بالتوجه إليها.
كانت إدارة بايدن تستكشف إقناع كازاخستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، باستقبال آلاف المتقدمين، لكن هذه الجهود لم تحرز تقدماً يُذكر.
تعقيباً على ذلك، ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية أن هناك مخاوف قد تتوقعها السلطات الأمريكية، تتمثل في طرح مجموعة أسئلة، وهي: مَن هم هؤلاء الأشخاص؟ كيف تعرف هؤلاء الأشخاص؟ هل يمكن أن تضمن حصولهم على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة؟ مَن الذي سيرعى هؤلاء ويقوم بإطعامهم؟ ماذا يحدث إذا خرج هؤلاء الأشخاص من هذه المنشأة التي نُقلوا إليها؟
في الوقت الذي امتنع فيه المسؤول عن تأكيد الدول التي تجري محادثات مع الولايات المتحدة، قال مسؤول أمريكي ثانٍ وشخص آخر مطلع، إن اتفاقاً لإيواء نحو ثمانية آلاف أفغاني في قطر كان وشيكاً منذ أسابيع، لكن لم يتم الإعلان عن اتفاق رسمي بعد.
امتيازات أمريكية
إلى ذلك، يحذّر المسؤولون من أن وتيرة أي اتفاقيات محتملة قد تتعثر، بسبب الوضع الذي يتغير بسرعة في أفغانستان.
كما أشار مسؤولون إلى أن إحجام بعض الدول دفع الإدارة الأمريكية إلى مناشدة دول أخرى قد تكون على استعداد للمساعدة إذا قدمت واشنطن بعض الدعم.
حيث قالت مصادر إن الولايات المتحدة عرضت امتيازات اقتصادية وسياسية على كوسوفو لاستقبال عدة آلاف من الأفغان، لكن هناك مخاوف في واشنطن بشأن قدرتها على إيواء الأفغان.
بينما لم ترد وزارة الخارجية في كوسوفو على طلب للتعليق. ولم ترد سفارات ألبانيا وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان فوراً على طلب للتعليق.
يُذكر أن إجلاء 1200 أفغاني لا يمثل سوى جزء بسيط من 21 ألف شخص تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرات هجرة خاصة، ولاتزال إدارة بايدن تواجه صعوبة في العثور على أماكن مؤقتة لمن تم إجلاؤهم.
أعداد كبيرة
في حين يُقدر البعض العدد الإجمالي للأشخاص المؤهلين للإجلاء في إطار برنامج تأشيرات الهجرة الخاصة، بما يتراوح بين خمسين ألفاً وثمانين ألفاً عندما يتم تضمين أفراد الأسرة.
بدوره، قال جيمس ميرفالديز، رئيس مجلس إدارة منظمة "نو وان ليفت بيهايند"، وهي منظمة تساعد المتقدمين لتأشيرات الهجرة الخاصة في الوصول إلى الولايات المتحدة، إنه يبدو أنه لا توجد الآن فرصة تُذكر لإجلاء معظم المتقدمين لهذه التأشيرات.
وميرفالديز ضابط صف احتياطي بالجيش الأمريكي خدم في العراق وأفغانستان.
في هذا الإطار، يتابع أعضاء الكونغرس هذه القضية عن كثب ومن ضمنهم حلفاء بايدن.
تشريعات أمريكية
كان الكونغرس قد صادق بالإجماع قبل أيام على تشريع طارئ لتشديد الإجراءات الأمنية لحماية مبنى الكابيتول، وزيادة عدد تأشيرات الدخول للأجانب الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية في أفغانستان.
كما أقر مجلس النواب هذا التشريع بـ416 صوتاً مقابل 11.
من المتوقع أن يوقع الرئيس بايدن على التشريع الذي ينص على تخصيص 2.1 مليار دولار لدفع رواتب عناصر الشرطة الذين يضمنون حماية مبنى الكابيتول، وتمويل الإجراءات الخاصة بمنح مزيد من التأشيرات للأجانب، معظمهم من الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية في أفغانستان.
من جانبها، لفتت النائبة الديمقراطية سارة جاكوبس إلى أنه ينبغي لهم الوفاء بوعودهم لآلاف الأفغان الذين خاطروا بحياتهم من أجل مساعدتهم. وقالت: "حان الوقت لكي تتخلى (إدارة) بايدن عن الروتين وتنجز ذلك".
يشار إلى أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.