قال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، مساء السبت 7 أغسطس/آب 2021، إن القصف المدفعي والغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان منذ أيام، "تطوُّر خطير جداً لم يحدث منذ 15 عاماً".
نصر الله قال أيضاً في أول تعليق له بعد التصعيد الأخير على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وذلك في كلمة له: "نحن اخترنا منطقة أرض مفتوحة في منطقة مزارع شبعا لنوجه الرسالة ولنكون مشينا درجةً، ومن الممكن لاحقاً أن نصعّد درجة".
غارات على لبنان
كما أكد الأمين العام لحزب الله أن "ردَّنا يوم أمس مرتبط بالغارات الإسرائيلية المباشرة التي وقعت على جنوب لبنان للمرة الأولى منذ 15 عاماً". وتابع: "قررنا أن نقوم بالعملية نهاراً وهذا ليس صدفة، لأنه بالحقيقة لا نريد أن يحصل رعب أو خوف… تعودنا أن نفعل ذلك في النهار وأن نخاطر بإخواننا من أجل الناس".
نصر الله قال أيضاً: "على مدى 15 عاماً لم تحصل غارة إسرائيلية واحدة على منطقة لبنانية باستثناء حادثة ملتبسة بين الحدود اللبنانية والسورية، وهذا الأمر بسبب قوة المقاومة، والذي يمنع الإسرائيلي من شن غارات على لبنان خلال الـ15 عاماً هو خشيته من الذهاب إلى مواجهة كبيرة وواسعة مع المقاومة في لبنان، وجيش العدو الإسرائيلي خائف على وجوده".
في سياق متصل توجَّه نصر الله إلى قادة الجيش الإسرائيلي، قائلاً: "لا تخطئوا التقدير بأن المقاومة مشغولة بالأوضاع الداخلية أياً كانت ضاغطة أو صعبة، وبالنسبة إلينا مسؤولياتنا واضحة وهي حماية شعبنا، فلا تراهنوا على الضغوط على شعبنا، ولا تراهنوا على الانقسام حول المقاومة في لبنان لأنه قديم، لا تراهنوا على الانقسام الداخلي، ولا تراهنوا على بيئة المقاومة، وهذه البيئة كانت تقول لنا: تعالوا اقصفوا من بيوتنا، والمقاومة فرضت على العدو الانسحاب في 2000 وسجلت عليه الانتصار في 2006 رغم الانقسام حولها".
يأتي ذلك في الوقت الذي أطلقت فيه جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، وابلاً من الصواريخ باتجاه قوات إسرائيلية يوم الجمعة؛ مما دفع إسرائيل إلى الرد بإطلاق النيران على جنوب لبنان، في ثالث يوم من الهجمات العابرة للحدود، وسط توتر إقليمي أوسع مع إيران.
كذلك وفي إشارة إلى أن هجومه كان محسوباً؛ لتجنب مزيد من التصعيد، قال حزب الله إنه قام بـ"قصف أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي بمزارع شبعا"، رداً على الضربات الجوية الإسرائيلية التي أصابت مناطق مفتوحة أيضاً في لبنان.
من جانبها قالت إسرائيل إنها لا ترغب في التصعيد إلى حرب كاملة، لكنها مستعدة لها. وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل أمنون شيفلر، للصحفيين: "ما نفهمه هو أن حزب الله تعمَّد استهداف مناطق مفتوحة؛ من أجل عدم تصعيد الموقف".
هجوم إيراني على ناقلة إسرائيلية
جاء التصعيد، الذي لم يسفر عن وقوع إصابات، في أعقاب هجوم إيراني مزعوم على ناقلة نفط تشغّلها شركة إسرائيلية في الخليج الأسبوع الماضي، وقُتل فيه اثنان من الطاقم، أحدهما بريطاني والآخر روماني. ونفت طهران أي دور لها.
كذلك وفي الوقت الذي تواجه فيه الجمهورية الإسلامية احتمال تحرُّك إسرائيلي أو دولي رداً على حادثة الخليج، اندلع العنف عبر الحدود التي طالما كانت مسرحاً للصراع بين حزب الله المدعوم من إيران، وإسرائيل.
يُذكر أن الهجوم بدأ يوم الأربعاء، بضربة صاروخية على إسرائيل من لبنان، لم تعلن أي جهةٍ مسؤوليتها عنها. ودفع ذلك الهجوم، الذي لم يعلّق حزب الله عليه، إسرائيل إلى الرد بضربات مدفعية وجوية.
فيما قال حزب الله، أحد الحلفاء الرئيسيين لإيران في الشرق الأوسط، إنه أطلق عشرات الصواريخ، اليوم الجمعة، على أرض فضاء بالقرب من مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا الحدودية المتنازع عليها، رداً على الضربات الجوية الإسرائيلية أمس الخميس.
في حين فجَّر الهجوم موجة انتقادات من خصوم حزب الله بلبنان، وهو بلد يعاني من أزمة مالية طاحنة فشلت النخبة الحاكمة في التصدي لها. وفي تحدٍّ نادر لحزب الله، اعترض سكانٌ طريقَ المقاتلين الذين أطلقوا الصواريخ أثناء مرورهم عبر منطقة درزية بعد ذلك.
من جانبه قال سمير جعجع، وهو سياسي مسيحي له علاقات قوية بالسعودية ومن أشد معارضي حزب الله، على تويتر: "إن ما يجري في الجنوب لَخطير وخطير للغاية، خصوصاً في ضوء التوتر الكبير الناشئ في المنطقة. يكفي الشعب اللبناني عذاباً ومعاناةً يومية ونضالاً مستمراً حتى يأتي اليوم من يلعب بالنار التي إن هبّت، لا سمح الله، فستقضي على ما تبقى من شعب لبنان".
"الوضع خطير للغاية"
في سياق متصل قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان (يونيفيل)، إن الوضع خطير للغاية، وحثت جميع الأطراف على وقف إطلاق النار.
فيما ذكر الجيش الإسرائيلي أن نظام القبة الحديدية اعترض عشرة من أصل 19 صاروخاً اليوم، منها ستة سقطت في مناطق مفتوحة وثلاثة سقطت داخل جنوب لبنان.
من ناحية أخرى لم ترد تقارير عن وقوع إصابات أو أضرار جسيمة على مدار ثلاثة أيام من القصف الجوي، الذي ألقى بظلاله على فترة طويلة من الهدوء النسبي منذ أن خاضت إسرائيل وحزب الله حرباً استمرت شهراً واحداً في عام 2006.