أفاد مصدر قضائي مطلع بأن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، مَثل أمام النيابة العامة التمييزية في لبنان، الخميس 5 أغسطس/آب 2021، حيث تم استجوابه في قضايا عدة، بينها اختلاس أموال عامة وتهرُّب ضريبي، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان القضاء اللبناني قد فتح، في أبريل/نيسان الماضي، تحقيقاً محلياً في مصادر ثروة سلامة بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا؛ للاشتباه بتورطه في قضايا اختلاس، كما يخضع كذلك لتحقيق بفرنسا وشكوى في بريطانيا.
استجواب حاكم مصرف لبنان
استناداً إلى هذا المصدر القضائي فقد استمع المحامي العام التمييزي، القاضي جان طنّوس، الخميس، إلى رياض سلامة "على مدى ثلاث ساعات وربع الساعة". وقرر في نهاية الجلسة "تركه رهن التحقيق بانتظار استكمال الاستجواب في جلسات لاحقة".
حسب وكالة الأنباء الفرنسية، أوضح المصدر القضائي أن استجواب رياض سلامة "مقسَّم إلى أجزاء عدة، لأن الملف كبير ومُتشعِّب"، موضحاً أن "التحقيق الذي يخضع له، تحقيق لبناني صرف، لكن الملف تأسس مع ورود الاستنابة المرسلة من القضاء السويسري".
في 19 يوليو/تموز، قررت النيابة العامة التمييزية في لبنان استجواب حاكم مصرف لبنان "بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتهرب الضريبي".
كما يلاحق القضاء السويسري، من الجزر العذراء وصولاً إلى جنيف مروراً ببنما، مسار تحركات أموال يُشتبه في أن حاكم مصرف لبنان قام بها بالتعاون مع شقيقه رجا.
فقد طلبت النيابة العامة الفيدرالية بسويسرا في يناير/كانون الثاني الماضي، مساعدة قضائية من السلطات اللبنانية التي أرسلت في فبراير/شباط، "النتيجة الأولية" لديها بعد الاستماع لإفادات حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته.
يشتبه الطلب، الذي أرسله المدعي العام السويسري إلى لبنان، في أن سلامة وبمساعدة شقيقه، قام منذ 2002 "بعمليات اختلاس لأموال قُدرت بأكثر من 300 مليون دولار أمريكي على نحو يضرّ بمصرف لبنان".
البحث عن إثباتات لمحاكمته
أوضح المصدر القضائي، الخميس، أن ملاحقة حاكم مصرف لبنان "غير مرتبطة بمسيرته المالية ولا السياسة النقدية التي اعتمدها منذ ثلاثة عقود ولا بانهيار سعر صرف الليرة، بل تتعلّق بأفعال ووقائع محددة ذات وصف جرمي".
أشار إلى أن "التحقيق يركز على مدى توافر أدلة وإثباتات قد تستدعي محاكمته على أساسها".
فيما تحمّل جهات سياسية في لبنان سلامة، مسؤولية انهيار العملة الوطنية، التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها منذ 2019، وتنتقد تلك الجهات بشكل حادٍّ، السياسات النقدية التي اعتمدها باعتبار أنّها راكمت الديون. إلا أن سلامة دافع مراراً عن نفسه، قائلاً إن المصرف المركزي "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
بينما يواجه لبنان انهياراً اقتصادياً غير مسبوق يعد من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، بحسب البنك الدولي. ولم تنجح القوى السياسية في تشكيل حكومة، يضغط المجتمع الدولي لتأليفها، تضع حداً للانهيار المتمادي.
وصل سلامة إلى مصرف لبنان في عام 1993، بعدما عمِل على مدى عشرين عاماً، مصرفياً استثمارياً لدى شركة "ميريل لينش" في بيروت وباريس.