أشاد الرئيس التونسي، قيس سعيد، بـ"دول شقيقة وصديقة" (لم يسمها)، قال إنها تدعم بلاده أمنياً واقتصادياً، وذلك في ظل أقاويل بشأن تلقِّيه دعماً خارجياً لقراراته الأخيرة التي فجّرت جدلاً وانقساماً واسعاً بالبلاد.
يأتي ذلك بعد 8 أيام من تدابير استثنائية اتخذها سعيد، ورفضتها غالبية الأحزاب، واعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور والثورة"، بينما أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها "تصحيحاً للمسار".
كان سعيد قد التقى في قصر قرطاج، مساء الأحد 2 أغسطس/آب، مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي، بحسب مقطع مصور بثته صفحة الرئاسة على "فيسبوك".
خلال هذا اللقاء، أشاد سعيّد بما وصفها بـ"الوقفة الصادقة لدول شقيقة وصديقة لتونس لسدّ الإخلالات في التوازنات المالية، ومساعدة تونس على الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية"، دون أن يحدد على وجه الدقة طبيعة هذا الدعم.
إلا أنه أضاف: "لدينا أشقاء وأصدقاء صادقون يقفون معنا في كل المجالات، خاصةً الأمني والاقتصادي، وستأتي اللحظة لأعلن عن هذه الوقفة التاريخية من أشقائنا وأصدقائنا"، فيما لم يحدد موعداً بعينه ليكشف فيه عن تلك التفاصيل.
سعيد تابع: "بعد أن أفرغوا (لم يسمهم) خزائن الدولة، أشقاؤنا وأصدقاؤنا (الأطراف الخارجية) تداعوا أيضاً لشد أزر الشعب التونسي في هذه اللحظات التاريخية التي نعيشها"، لافتاً إلى أنه على اتصال بـ"أشقائه" لتوفير أموال من شأنها إعادة التوازن للبلاد.
كما أردف: "في علاقة بالوضع المالي تمت اتصالات في المدة الأخيرة مع عدد من أشقائنا؛ لسدِْ الإخلالات في التوازنات المالية، وكانوا نِعم الأصدقاء والأشقاء، نعوّل على ذواتنا نعم، لكن حينما يأتينا المدد لن ننسى ذلك أبداً".
في حين أشاد سعيّد كذلك بـ"تداعي الشعب التونسي بصفة تلقائية، ليشد كل واحدٍ أزر الآخر في مجالات التجارة والبنوك وفي كل مكان"، مشدداً على "قدرة التونسيين على تجاوز كل الصعوبات".
أزمة اقتصادية غير مسبوقة
يشار إلى أن تونس تعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5% بنهاية عام 2020، فيما انكمش الاقتصاد بنسبة 8.8%؛ بسبب تداعيات جائحة "كورونا"، وتحتاج إلى اقتراض 7.2 مليار دولار، بينها نحو 5 مليارات في شكل قروض خارجية.
كان سعيد قد قرر، في 25 يوليو/تموز الماضي، إقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعيّن رئيسَها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوماً، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤّسه للنيابة العامة.
تأتي التطورات السياسية المتسارعة في البلاد، بينما كانت الحكومة التونسية تخوض مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يرافقه قرض يقدر بـ4 مليارات دولار.
على أثر تلك التطورات الأخيرة، تراجعت السندات الأجنبية، الإثنين؛ فبحسب بيانات "تريد ويب" المتتبعة للسندات الدولية السيادية والخاصة، تراجع إصدار السندات المقوَّمة بالدولار الأمريكي استحقاق 2025، بمقدار 2.61 سنت إلى 86.004 سنت للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى منذ الربع الأول 2021.
يعني ذلك، أن إقدام تونس على طرح أية سندات في الوقت الحالي يؤشر على تقديم أسعار فائدة مرتفعة، أعلى من السعر المرجعي؛ نظراً إلى المخاطر السياسية التي تشهدها البلاد.
فيما ارتفعت المخاطر التي تواجهها تونس، بعد الأحداث الأخيرة، لتلقي بتأثيرات سلبية على سندات البلاد، في وقت تذبذب فيه سعر صرف الدينار التونسي ضمن نطاق ضيق نزولاً بنسبة 0.3%.
"دعم الشركاء الغربيين"
في الإطار ذاته، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قبل أيام، إن قرارات الرئيس التونسي ستُقلّل من استعداد الشركاء الغربيين لدعم بلاده، مؤكدةً أن "آفاق الإصلاحات ضعيفة حتى قبل هذه الأزمة".
الوكالة أضافت، في بيان تحليلي لها، أن "تحركات الرئيس الأخيرة قد تضيف مزيداً من التأخير في برنامج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يخفف من ضغوط التمويل الكبيرة في البلاد".
فيما تثير تصرفات الرئيس شكوكاً سياسية جديدة؛ بحسب الوكالة؛ ومع ذلك، "نعتقد أنه من غير المرجح أن يستخدم سلطاته للدفع من خلال تدابير صعبة لمعالجة ضغوط التمويل، مثل خفض فاتورة أجور القطاع العام الكبيرة (17% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020)".
كانت "فيتش" خفضت تصنيف تونس إلى "B-" مع نظرة مستقبلية سلبية في وقت سابق من الشهر الجاري، بسبب تصاعد مخاطر السيولة المالية والخارجية، في سياق مزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.
في حين تعتقد "فيتش" أن الفشل في الاتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي، مما يؤدي إلى استمرار الاعتماد الشديد على التمويل المحلي، سيزيد الضغوط على السيولة الدولية.
جدير بالذكر أن تونس تعاني تحديات اقتصادية أذكتها جائحة كورونا، اعتباراً من العام الماضي، نجم عنها تراجع واضح في الإيرادات وارتفاع النفقات.