أعربت حركة النهضة التونسية عن جاهزيتها لتقديم "تنازلات ضرورية" لعودة المسار الدّيمقراطي إلى البلاد، بما في ذلك الذهاب لانتخابات مبكرة، لكنها قدمت كذلك 3 مطالب "أساسية"، أهمها إلغاء تجميد البرلمان.
وتشهد تونس أزمة سياسية منذ إعلان الرئيس قيس سعيد قرارات "استثنائية" بحل الحكومة وتجميد صلاحيات البرلمان، وهو ما اعتبرته أحزاب تونسية "انقلاباً" دستورياً.
وقال عضو المكتب التنفيذي للحركة، النائب بالبرلمان، محمد القوماني، إن "الحركة (54 مقعدًا من أصل 217) جاهزة لتقديم التّنازلات الضّرورية لعودة المسار الدّيمقراطي إلى وضعه الطّبيعي في تونس".
لكن النائب التونسي طالب بتلبية ثلاث مطالب أساسية؛ أولها رفع تجميد عمل البرلمان"، وثانيها " تكليف شخصية وطنية تولي تشكيل حكومة جديدة مقتدرة".
وأشار القوماني إلى أن الحركة لا ترغب بالمشاركة في هذه الحكومة، لكن يجب أن تعرض على البرلمان لتزكيتها".
وعن الطلب الثالث، قال القوماني: "الحركة منفتحة على أي حوارٍ سياسي يفضي إلى تسويات تتعلق بإعداد البلاد لانتخابات مبكرة خلال فترة قصيرة، للنقاش حول القانون الانتخابي، والخطوات السياسية المطلوبة، وستكون حركة النهضة مرنة ومتفاعلة إيجابياً مع أي حوار وطني".
وأوضح القوماني أن "الأزمة في تونس لا تزال تترنح باعتبار أن رئيس البلاد اتخذ هذه القرارات استنادًا للمادة 80 من الدستور التونسي، لدرء خطر داهم ولإخراج البلد من أزمة مُركّبة (اقتصادية وصحية واجتماعية)، وبعد أسبوع يتضح غياب خطة أو خارطة طريق لإدراك إنهاء الأزمة".
وأردف أنه "في الأيام القليلة الماضية سجلنا اتخاذ إجراءات تنتهك حقوق الإنسان والحريات الفردية من قبل القضاء العسكري لأفراد مدنيين، أغلبهم من نواب البرلمان، وهو خرق للدستور الذي يمنحهم حصانة لا يرفعها إلا البرلمان نفسه".
والسبت، أصدر القضاء العسكري أوامر توقيف بحق 4 أعضاء عن كتلة "ائتلاف الكرامة" البرلمانية (18 مقعداً من أصل 217) ، بحسب ما أكده النائب عن الكتلة "الحبيب بن سيدهم"، فضلاً عن أنباء عن توقيفات أخرى لم تصدر بحقها بيانات رسمية.
أزمة سياسية
ومرّ أسبوع بتونس منذ إصدار الرّئيس التّونسي قيس سعيّد إجراءات استثنائية، قضت بإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السُّلطة التّنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوماً، ورفع الحصانة عن النّواب، وترؤسه النّيابة العامة.
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" رئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيّد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيّد؛ إذ اعتبرتها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).
جدير بالذكر أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى، شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لا سيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.