أعلن مسؤولون في الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، الجمعة 30 يوليو/تموز 2021، أن أمطاراً موسمية غزيرة تسببت، هذا الأسبوع، في سيول جارفة وانهيارات أرضية وفيضانات بمخيمات اللاجئين الروهينغا المسلمين في جنوب شرقي بنغلادش، وشردت آلافاً منهم.
حيث قال مدير المنطقة مأمون الرحمن رشيد، إن ستة على الأقل من الروهينغا، بينهم ثلاثة أطفال، لقوا حتفهم في تلك الانهيارات الأرضية والفيضانات، بينما لقي 15 من مواطني بنغلادش حتفهم وحاصرت الفيضانات أكثر من مئتي ألف شخص في كوكس بازار.
من جهتها، أضافت رقية بيجوم، وهي من لاجئي الروهينغا: "هذا مثل كابوس… لم أرَ مثل هذه الفيضانات في المخيمات على مدى أربع سنوات".
بدوره، ذكر لاجئ يدعى قاسم، في واحدة من أشد المناطق تضرراً، أنه رأى العديد من المواقف المفزعة في المخيمات، مضيفاً: "كانت المياه تغمر أماكن الإقامة والأمهات يركضن وأطفالهن يبكون".
كما قال أونو فان مانن، مدير منظمة أنقِذوا الأطفال في بنغلادش، إن طفلين قُتلا يوم الثلاثاء الماضي، بعد انهيار تل مشبَّع بمياه الأمطار على مأواهم فدفنهم تحت الأنقاض، متابعاً: "إلى جانب هذه الوفيات، دمرت الأمطار الغزيرة مئات الملاجئ المؤقتة وأجبرت عائلات منهكة على اللجوء إلى المساجد والمدارس".
فيما أشار مكتب الأرصاد في بنغلادش إلى أنه يتوقع استمرار هطول الأمطار الغزيرة خلال الأيام القليلة المقبلة.
أكبر مخيم للاجئين في العالم
يُذكر أن بنغلادش تستضيف أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا في مخيمات مدينة "كوكس بازار"، التي تعتبر أكبر مخيم للاجئين في العالم.
كانت بنغلادش قد تعرضت لانتقادات كثيرة، بسبب عدم تشاورها مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وهيئات إغاثة أخرى بشأن نقل اللاجئين.
إذ أكد مكتب الأمم المتحدة في بنغلادش، في بيان سابق، أنه "لا يشارك" في عمليات النقل هذه، التي يتلقَّى "معلومات قليلة" بشأنها، مشدداً على أن اللاجئين "يجب أن يكونوا قادرين على اتخاذ قرار حر ومبنيّ على الوقائع بشأن إعادة توطينهم".
جدير بالذكر أن المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين تقدر عدد الروهينغا الذين يعيشون في بنغلادش بمخيمات قريبة من الحدود مع بورما، بـ860 ألفاً.
مخيمات تعاني من البؤس
كان التدفق الهائل للاجئين قد أدى إلى إنشاء مخيمات تعاني من البؤس الذي تفاقم مع انتشار فيروس كورونا المستجد وسمح بازدهار تهريب المخدرات.
وزادت عملية إعادة مواطني الروهينغا إلى وطنهم ميانمار صعوبةً بعد ما شهدته البلاد من انقلاب عسكري نفذه قادة بالجيش في 1 فبراير/شباط الجاري.
تجدر الإشارة إلى أن ميانمار تعتبر الروهينغا "مهاجرين غير نظاميين" جاؤوا من بنغلادش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم".
ومنذ أغسطس/آب 2017، تسببت حملات القمع الوحشية التي يشنها الجيش وميليشيات بوذية متطرفة ضد الأقلية المسلمة بإقليم أراكان بميانمار، في تعذيب وقتل آلاف الرجال والنساء والأطفال المسلمين، وفق مصادر محلية ودولية.
مجازر وحشية ضد الروهينغا
تجدر الإشارة إلى أنه في العام 2012، اندلعت اشتباكات بين البوذيين والمسلمين في مقاطعة أراكان غربي ميانمار، قُتل على أثرها آلاف المسلمين، وأُضرمت النيران في مئات المنازل والمحال التجارية.
فيما تشن القوات المسلحة في ميانمار وميليشيات بوذية، منذ 25 أغسطس/آب 2017، حملة عسكرية تتضمن مجازر وحشية ضد الروهينغا في أراكان.
هذه الجرائم المستمرة أسفرت عن مقتل وتعذيب آلاف الروهينغيين من الرجال والنساء والأطفال المسلمين، بحسب مصادر محلية ودولية متطابقة.
بحسب الأمم المتحدة، بلغ عدد اللاجئين الفارين من العنف والظلم في أراكان، اعتباراً من أغسطس/آب 2017، نحو 900 ألف، بينما ما زال 600 ألف يعيشون في بورما، لكن دون حقوق المواطنة.
إزاء تلك الانتهاكات "البشعة"، تصف الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية أحداث العنف التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا، بأنها "تطهير عرقي" أو "إبادة".
جدير بالذكر أنه في مطلع فبراير/شباط الماضي، نفذ قادة بالجيش انقلاباً عسكرياً تلاه اعتقال قادة كبار في الدولة، بينهم الرئيس وين مينت، والمستشارة أونغ سان سو تشي.
إثر هذا الانقلاب، خرجت مظاهرات شعبية رافضة في عموم البلاد، لتعلن الإدارة العسكرية فرض الأحكام العرفية في 7 مناطق بمدينتي يانغون وماندلاي، في ظل استمرار الانتهاكات ضد الروهينغا.