قال موقع Al-Monitor الأمريكي، في تقرير نشره الخميس 29 يوليو/تموز 2021، إن الحكومة المصرية قد لجأت إلى خطوة جديدة من أجل قمع المعارضة في الخارج، وذلك بعد أن كلّفت محكمة أمن الدولة، الحكومة بمخاطبة منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)؛ من أجل تسليم ثلاثة مصريين مقيمين في الخارج، بتهمة تحريض الرأي العام على حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولعل أبرزهم هو الفنان المصري والمقاول الشهير محمد علي.
جاء في تقرير الموقع الأمريكي، أن المحكمة طلبت يوم الـ25 من يوليو/تموز الماضي، من الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة -ومنها مخاطبة الإنتربول- للقبض على كل من محمد علي وتامر جمال واليوتيوبر عبدالله الشريف، بتهمة "الانضمام إلى جماعة محظورة"، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
قمع معارضة الخارج
إضافة إلى ذلك، اتهمت المحكمة الثلاثة بشنِّ حملةٍ هدفها عرقلة تطبيق الدستور المصري، وتقويض مؤسسات الدولة المصرية، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر.
فقد جرى اتهام كل من علي وجمال وسالم، إضافة إلى 12 شخصاً، في القضية المعروفة إعلامياً باسم "قضية الجوكر".
كما استجوبت نيابة أمن الدولة الأشخاص الـ12 في وقتٍ سابق وأمرت بحبسهم احتياطياً لمدة 15 يوماً، بعد اتهامهم بالتخابر مع قناةٍ تلفزيونية مرتبطة بـ"الإخوان" في بلدٍ آخر، والتواصل مع جماعات الضغط من أجل إعادة الحركة إلى السلطة في مصر.
حسب الموقع الأمريكي، فإن هذه القضية تُعتبر مجرد خطوةٍ أخرى ضمن حملة مصر لقمع المعارضة خارج حدودها.
التحريض على الاحتجاجات
حيث قال جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان، لموقع Al-Monitor الأمريكي: "هؤلاء الأشخاص متورطون في تحريض الرأي العام على الحكومة، وغالبية حملاتهم مبنيةٌ على الأكاذيب والتدليس".
يعود تاريخ "قضية الجوكر" إلى سبتمبر/أيلول عام 2019.
حيث اتهمت محكمة أمن الدولة علي و14 آخرين بالتورط في التحريض على الاحتجاجات بمدينة السويس. وقالت المحكمة إن المتهمين الـ15 حرضوا بعض العامة على تنفيذ هجماتٍ على مؤسسات الدولة والمسؤولين الحكوميين في المدينة.
فيما يرى محللون أن القضية تُثبت إصرار مصر على المضي قدماً في حملتها لقمع المعارضة خارج البلاد.
إذ أردف عودة: "هذه الشخصيات المعارضة تعمل ليل نهار على زرع التوترات هنا. ولهذا تعمل الحكومة جاهدةً على إعادتهم إلى أرض الوطن؛ لمحاكمتهم".
القاهرة تتواصل مع بلدان أخرى لتسليمهم
فقد خاطبت مصر بالفعل عدداً من الحكومات الأجنبية؛ من أجل إعادة مواطنيها المطلوبين أمام المحاكم المحلية.
حيث قال محمد الرشيدي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ المصري، للموقع الأمريكي: "إن تسليم الشخصيات المطلوبة سيُعتبر بادرة حسن نية تجاه مصر من جانب الحكومات الأجنبية. إذ ترغب مصر في إعادة أولئك الأشخاص إلى أرض الوطن، لأن المحاكم قد أصدرت أحكامها ضدهم بالفعل".
فيما يجري النقاش حول هذه المسألة على نطاقٍ واسع خلال المحادثات الجارية بين مصر من ناحية، وقطر وتركيا من ناحيةٍ أخرى.
إذ تُشير التقارير إلى أن مصر طلبت الأمر نفسه خلال محادثاتها لرأب الصدع مع قطر، عقب المصالحة الأولية معها في السعودية خلال يناير/كانون الثاني الماضي.
عقبات تواجه الحكومة
فمن المشكلات التي ستُواجه القاهرة، بينما تحاول الحصول على تعاون الإنتربول في ملف المعارضين السياسيين ببلدانٍ أخرى، هو أن غالبية أولئك المعارضين قد حصلوا بالفعل على جنسيات الدول التي يُقيمون فيها، خاصةً تركيا حيث صار غالبية قادة الإخوان المصريين من المواطنين التركيين.
كما ستُواصل بعض الدول توفير الحماية للشخصيات المعارضة المصرية؛ حتى تتمكن من استغلالهم كورقة ضغطٍ ضد القاهرة، بحسب الخبراء القانونيين.
إذ قال خبير القانون الدولي صلاح الطحاوي، للموقع الأمريكي: "تكمُن المشكلة في أن غالبية الشخصيات المطلوبة خارج مصر تزعم أن التهم الموجهة إليها في أرض الوطن تهمٌ سياسية الدافع؛ مما قد يدفع بالحكومات الأجنبية إلى التفكير مرتين قبل تسليمهم إلى مصر".