قال الرئيس التونسي قيس سعيد، في تصريحات مصورة، الأربعاء 28 يوليو/تموز 2021، إن مئات التونسيين سرقوا 13.5 مليار دينار (4.8 مليار دولار) من المال العام، واقترح عليهم "صلحاً جزائياً" إذا أعادوا تلك الأموال، وقد حدد عدد هؤلاء بـ"460 شخصاً"، على حد قوله.
خلال اجتماع مع رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير مجول التجار، الذي ظهر في تسجيل مصور نشرته الرئاسة، قال سعيد إن "الاختيارات الاقتصادية الخاطئة" تسببت في ضغوط مالية كبيرة على تونس، ودعا التجارَ إلى خفض أسعار السلع.
كما تابع: "نحن دولة لا نتسول، هناك ضغوطات مالية نتيجة لجملة من الاختيارات الاقتصادية، لماذا أنت تدفع الضرائب والضمان الاجتماعى والآخر لا يدفع الضرائب؟ فضلاً عن القروض التى تحصل عليها من البنوك ولم يدفعها، يجب أن تعود إلى الشعب التونسي، لأنها أمواله"
يذكر أن الركود الاقتصادي مع عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على التوفيق بين المطالب المتعارضة للمقرضين الأجانب واتحاد العمال القوي ساهم في تنامي الغضب العام قبل قرارات سعيد يوم الأحد.
في المناسبة نفسها، دعا الرئيس التونسي في اجتماعه مع رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية إلى خفض الأسعار وحذرهم من تخزين السلع أو المضاربة قائلا إنه سيتم اتخاذ إجراءات قضائية ضد أي مخالفات.
تدابير استثنائية
والأحد 25 يوليو/تموز الماضي، وعقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، أعلن "سعيد" إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسَها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوماً، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة.
الرئيس التونسي اتخذ هذه التدابير في يوم شهدت فيه محافظات عديدة احتجاجات شعبية، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة بكاملها، كما اتهمت المعارضة بـ"الفشل"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
فيما ذهب سعيد إلى أنه اتخذ هذه القرارات لـ"إنقاذ الدولة التونسية". لكن غالبية الأحزاب رفضتها، واعتبرها البعض "انقلاباً وخروجاً على الدستور"، بينما أيدتها أحزاب أخرى، معتبرةً إياها "تصحيحاً للمسار".
موجة إقالات وإعفاءات
بوتيرة متسارعة ومكثفة، تشهد تونس موجة إقالات لمسؤولين في مؤسسات حكومية ووزارات سيادية ومناصب قضائية، أنهت مهام 24 مسؤولاً حتى مساء الأربعاء.
سلسلة الإقالات التي بدأتها الرئاسة، لم ترافقها تفاصيل حول أسبابها، ويتوقع مراقبون أن تتواصل في الأيام المقبلة، لتشمل هياكل محلية، مثل إقالة ولاة المحافظات (محافظين)، وتجميد المجالس البلدية (المحلية).
غداة "التدابير الاستثنائية"، أصدر سعيّد، الإثنين، أمراً رئاسياً بإقالة كل من هشام المشيشي رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية بالنيابة، وإبراهيم البرتاجي وزير الدفاع، وحسناء بن سليمان الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.
وإلى اليوم، لم تعيّن الرئاسة التونسية وزراء لهذه الوزارات ولا رئيساً للحكومة.
ومساء الثلاثاء، أعلنت الرئاسة التونسية سلسلة إقالات جديدة استهدفت مسؤولين في مناصب عليا بالدولة، بحسب مجلة "الرائد" الرسمية.
فبمقتضى أمر رئاسي، أقال سعيّد المكلفَ بمهام وكيل الدولة العام، مدير القضاء العسكري، العميد القاضي، توفيق العيوني، ورئيسَ الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية، عبدالرزاق الكيلاني.
كما أقال كلاً من المعز لدين الله المقدم، مدير ديوان رئيس الحكومة المُقال، والكاتب العام للحكومة وليد الذهبي.
وأقال أيضاً كل مستشاري رئيس الحكومة المُقال الثمانية، وهم: رشاد بن رمضان، ولحسن بن عمر، وإلياس الغرياني، وأسامة الخريجي، وعبدالسلام العباسي، وسليم التيساوي، وزكريا بلخوجة، ومفدي مسدي.
وشملت الإقالات كذلك 9 مكلفين آخرين بمهام في ديوان الحكومة، وهم: فتحي ييار، ومحمد علي العروي، وحسام الدين بن محمود، وبسمة الداودي، وابتهال العطاوي، ومنجي الخضراوين، ونبيل بن حديد، وبسام الكشو، وروضة بن صالح.