دعت ثلاثة أحزاب تونسية، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021، الطبقة السياسية إلى الحفاظ على مكتسبات ثورة 2011، وحث أحدها الرئيس قيس سعيّد على "وضع خارطة طريق في إطار مؤتمر وطني عاجل للإنقاذ".
جاء ذلك في بيانات منفصلة لأحزاب "تحيا تونس" و"آفاق تونس" و"مشروع تونس"، غداة إعلان سعيّد تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة، هشام المشيشي، من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وذلك لمدة 30 يوماً، فيما رفضت غالبية الأحزاب التونسية قرارات سعيّد، واعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور"، فيما أعربت أحزاب أخرى عن تأييدها لها.
حركة "مشروع تونس" دعت، في بيان، سعيّد إلى "توضيح برنامج عمله خلال أجل الثلاثين يوماً الذي منحه لنفسه، وذلك بوضع خارطة طريق في إطار مؤتمر وطني عاجل للإنقاذ"، واقترحت أن ينتهي هذا المؤتمر بـ"بتنظيم استفتاء شعبي لتغيير النظام السياسي وتعديل المنظومة الانتخابية برمتها".
فيما حثت حركة "تحيا تونس" (10 نواب)، في بيان، الطبقة السياسية على "تحمل مسؤوليتها التاريخية وتقديم التنازلات الكفيلة بخفض مستوى الاحتقان في البلاد وإعادة بناء جسور الثقة مع الشعب للانطلاق في عملية الإنقاذ الشامل، الصحي والاقتصادي والاجتماعي"، وشددت على أن "تونس لا تتحمل المزيد من الصراعات العقيمة وبحاجة لجهود جميع أبنائها لإنقاذ الصرح الجمهوري".
أضافت الحركة أنه "من حق الشعب التونسي التمتع بحياة سياسية نزيهة ومتطورة وعصرية، فلا مجال لمحاولات النكوص والارتداد عن المكسب الديمقراطي من أي جهة كانت".
فيما دعت حركة "آفاق تونس" (نائبان)، في بيان، "رئاسة الجمهورية وكل القوى السياسيّة والمجتمع المدني إلى التجنّد للحفاظ على مكتسبات الثورة"، مؤكدة على أهمية "الانخراط في إصلاح وتعديل وبناء صادق وشجاع لمسار ديمقراطي حقيقي وثورة اقتصادية واجتماعية ترتقي لتطلعات التونسيين".
وشددت على ضرورة أن "تعطي التدابير الاستثنائية التي سيعلن عنها سعيد ضمانات للداخل والخارج أنها تعمل وفق الدستور (…) وأن الهدف منها إعلاء دولة القانون والمؤسسات واحترام النظام الجمهوري وتصحيح المسار الديمقراطي".
عبير موسى تؤيد قرارات سعيد
وفي سياق متصل وعكس أغلب الكتل البرلمانية، رحبت رئيسة الحزب "الدستوري الحر" وكتلته البرلمانية عبير موسى بما اتخذه الرئيس التونسي قيس سعيد من قرارات بشأن تجميد البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، داعية إلى ضرورة "الإصلاح الجذري".
وقالت موسى، التي يملك حزبها 16 مقعداً في البرلمان من أصل 217، إن "سعيد قام بتفعيل الفصل (المادة) 80 من الدستور بالطريقة التي رآها صالحة"، وأضافت في فيديو نشرته عبر صفحتها على "فيسبوك": "نحن في صف الشعب في سبيل إنقاذ تونس من منظومة الدمار"، وفق وصفها، وتابعت السياسية المثيرة للجدل في تونس: "نتمنى أن يكون الإصلاح جذرياً، ونتمنى أن يكون لما حصل نتيجة لما يبحث عنه الشعب التونسي".
كما اعتبرت موسى أن "الشعب التونسي عبر عن سعادته بقرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد؛ لأنهم تخلصوا من الإخوان ومن راشد الغنوشي وهشام المشيشي"، حسب قولها.
وفي مناسبات عديدة، أعربت موسى عن رفضها للثورة الشعبية في 2011، التي أطاحت بالرئيس التونسي آنذاك، زين العابدين بن علي (1987 – 2011).
كما تُجاهر موسى وحزبها بعدائها المستمر لحركة "النهضة".
قرارات مفاجئة في تونس
ويأتي هذا غداة إعلان سعيد، عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية مساء الأحد، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
جاءت هذه القرارات إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء، وطالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة كلها واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي، كانت تعيش تونس على وقع أزمة سياسية بين سعيد والمشيشي؛ بسبب تعديل وزاري أجراه الأخير ورفضه سعيد.
فيما يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن في أكثر من مناسبة اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لا سيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.