ذكرت صحيفة كوميرسانت يوم السبت 17 يوليو/تموز 2021 أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض في شهر يونيو/حزيران على نظيره الأمريكي جو بايدن استخدام القواعد العسكرية الروسية في آسيا الوسطى لجمع المعلومات من أفغانستان أثناء مغادرة القوات الأمريكية البلاد.
يأتي عرض روسيا في الوقت الذي حقق فيه مقاتلو طالبان تقدماً كبيراً مع انسحاب القوات الأمريكية بعد حرب امتدت لعشرين عاماً؛ وهو ما يمثل مشكلة أمنية لموسكو التي تخشى من احتمال دفع اللاجئين إلى فنائها الخلفي في آسيا الوسطى وزعزعة استقرار جناحها الدفاعي الجنوبي.
إجراء محادثات روسية أمريكية
من جانبها، قالت صحيفة كوميرسانت، نقلاً عن مصادر، إن بوتين اقترح في 16 يونيو/حزيران إجراء محادثات مع بايدن في جنيف من أجل التنسيق بشأن أفغانستان وإتاحة القواعد الروسية في طاجيكستان وقرغيزستان "للاستخدام العملي"؛ وذلك في عرض نادر خلال فترة من توتر العلاقات بين واشنطن وموسكو.
كما قالت الصحيفة إن هذا كان يتضمن تبادل المعلومات التي يتم الحصول عليها باستخدام الطائرات المسيرة، لكن لم يصل رد ملموس من الجانب الأمريكي. ولم يرد الكرملين حتى الآن على طلب للتعليق.
يذكر أنه في وقت سابق من هذا الشهر، نقلت رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة قولها إن إدارة بايدن تجري محادثات مع كازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان حول استقبال مؤقت لآلاف الأفغان الذين عملوا مع القوات الأمريكية ويواجهون الآن تهديدات من طالبان.
غموض في أفغانستان
في المقابل قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجمعة إن انسحاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان جعل الوضع السياسي والعسكري أكثر غموضاً؛ مما أدى بدوره إلى تفاقم التهديد الإرهابي في المنطقة.
أضاف لافروف، خلال مؤتمر مع كبار المسؤولين في آسيا الوسطى في طشقند عاصمة أوزبكستان، أن روسيا تريد المساعدة في بدء محادثات سلام بين الأطراف المتحاربة في أفغانستان.
يأتي ذلك في الوقت الذي ذكر فيه دبلوماسي روسي سابق ومحللان أن خروج الولايات المتحدة من أفغانستان يمثل صداعاً بالنسبة لروسيا، التي تخشى أن يدفع القتال المتصاعد اللاجئين للفرار إلى فنائها الخلفي في آسيا الوسطى ويؤدي إلى تسلل المتشددين، بل قد يثير حرباً في إحدى دول الاتحاد السوفييتي السابقة.
إذ تثير الاضطرابات قلق روسيا لأنها تعتبر المنطقة، وهي جزء من الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان يُدار من موسكو، خاصرتها الدفاعية الجنوبية ونطاق نفوذ قد تنبع منه تهديدات الإسلاميين المتشددين.
المصادر الثلاثة قالت إن نزوح اللاجئين إلى طاجيكستان سيشكل، إن حدث، تحدياً إنسانياً وقد يتسلل إليها المتشددون. وطاجيكستان دولة فقيرة يسكنها 9.3 مليون نسمة وخاضت حرباً أهلية شارك فيها مسلحون إسلاميون من 1992 إلى 1997. وقد تواجه أوزبكستان وتركمانستان تداعيات أيضاً.
احتمال حدوث حرب أهلية
قال فلاديمير فرولوف، وهو دبلوماسي روسي سابق رفيع المستوى: "طاجيكستان هي على ما يبدو الأكثر عرضة للخطر؛ فهي دولة هشة وفي خضم توريث الحكم لابن (الرئيس إمام علي) رحمان".
أضاف: "يكمن الخطر في أن تستغل قوات المتشددين الانقسامات الاجتماعية الحالية والمطالبات اليائسة بالعدالة من أجل إشعال الحرب الأهلية مجدداً".
في حين توجد أكبر قاعدة عسكرية روسية في الخارج بطاجيكستان قرب الحدود الأفغانية وتضم نحو ستة آلاف جندي ودبابات وحاملات أفراد مدرعة وطائرات مسيَّرة وهليكوبتر. ولديها أيضا قاعدة جوية في قرغيزستان المجاورة.
كذلك قال فرولوف: "ثمة تهديد آخر يكمن في تركمانستان، التي هي ليست دولة في واقع الأمر ولا تسيطر تماماً على حدودها مع أفغانستان".
من جانبه، قال أندري كورتونوف، رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهو مركز بحثي مقرب من الخارجية الروسية: "لا أعتقد أنهم يفكرون في تدخل عسكري مباشر في أفغانستان. إنها قضية حساسة للغاية لكثير من الروس".
أضاف أن أمن الحدود من الأمور الأساسية بالنسبة لموسكو، إلى جانب تبادل البيانات بشأن أنشطة مكافحة الإرهاب وعمليات المخابرات المضادة والعمليات الخاصة.
كما قال أركادي دوبنوف، وهو محلل يعمل انطلاقاً من موسكو، إن روسيا حرصت على عدم انتقاد طالبان في بياناتها الأخيرة.