حذَّر قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الجمعة 16 يوليو/تموز 2021، من أن الوضع في البلاد يزداد سوءاً، وسيتفاقم مع تأجيج التوترات السياسية والاجتماعية بسبب الأزمة المالية، مشدّداً على أن "الأمور آيلة إلى التصعيد، لأننا أمام مصير سياسي واجتماعي مأزوم".
جاء ذلك خلال تفقُّده وحدات الجيش المنتشرة في البقاع (وسط)، غداة اعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة الجديدة؛ الأمر الذي أدى إلى تعميق الأزمة في البلاد.
فيما خاطب العماد عون، وفق بيان للجيش نُشر على موقعه الرسمي بـ"تويتر"، العسكريين في منطقة بعلبك بشرق لبنان، قائلاً: "مسؤوليتنا كبيرة في هذه المرحلة، ومطلوب منا المحافظة على أمن الوطن واستقراره ومنع حصول الفوضى، تجربة الأمس كانت مثالاً لذلك. أهنئكم على ضبط أعصابكم وتفويت الفرصة على من أراد إحداث فتنة".
العماد عون تحدَّث إلى جنوده بالقول: "أعلم حجم المهمات المُلقاة على عاتقكم في هذه الظروف الصعبة والدقيقة في وقت تعيشون هاجس توفير أدنى مقومات الحياة الكريمة لعائلاتكم، بسبب تدني قيمة رواتبكم".
المراهنة على الجيش اللبناني
كما دعا العماد عون، المجتمع الدولي إلى "المراهنة على الجيش اللبناني، لأنه العمود الفقري للبنان وعامل استقراره"، مشدداً على أن "الأمن خط أحمر".
في هذا الإطار، أعرب قائد الجيش اللبناني عن أمله بأن يكون ما تعيشه البلاد هذه الأيام "أزمة مرحلية ستجتازها بفضل عناصر الجيش".
إلا أنه استدرك قائلاً: "شعبنا يثق بنا، وكذلك المجتمع الدولي. الجميع يعلم أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي لا تزال فاعلة. الجيش هو الرادع للفوضى".
"تنامي السخط الأمني"
يشار إلى أن السخط يتنامى في صفوف القوى الأمنية، حيث فقدت العملة اللبنانية 90% من قيمتها مقابل الدولار؛ مما أدى إلى انخفاض قيمة أجور العسكريين. ويقوم كثير منهم بوظائف إضافية، بينما استقال البعض.
أما بعد إعلان الحريري الاعتذار عن محاولة تشكيل الحكومة، فقام محتجون من أنصاره، ليلة الخميس 15 يوليو/تموز، بإغلاق بعض الطرق في المناطق ذات الأغلبية السُّنية في بيروت، وأشعلوا النار بصناديق القمامة وإطارات المركبات.
من أجل مواجهة ذلك، انتشرت قوات الجيش وأطلقت النار في الهواء؛ لتفريق المحتجين الذين رشقوا الجنود بالحجارة ومقذوفات أخرى. وقال مصدر أمني إن جندياً أصيب. وأصيب 15 جندياً، الجمعة، خلال مواجهات مع محتجين بمنطقة جبل محسن في طرابلس بشمالي لبنان، إحدى أكثر المناطق فقرا في لبنان.
ولطالما كان يُنظر إلى الجيش على أنه إحدى المؤسسات القليلة التي يجتمع حولها اللبنانيون. وساهم انقسام الجيش على أسس طائفية في بداية الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، في تعزيز حكم الميليشيات المحلية.
خلافات بين عون والحريري
على مدار نحو 9 أشهر، حالت خلافات بين عون والحريري دون تشكيل حكومة، لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب، والتي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت.
هذه الخلافات تركزت حول حق تسمية الوزراء المسيحيين، مع اتهام من الحريري- ينفيه عون- بالإصرار على الحصول لفريقه، ومن ضمنه جماعة "حزب الله"، على "الثلث المعطل"، وهو عدد وزراء يسمح بالتحكم في قرارات الحكومة.
في غضون ذلك، أكد مراقبون أن الأوضاع بالبلاد تتجه نحو الأسوأ سياسياً واقتصادياً، عقب إعلان الحريري اعتذاره عن تشكيل الحكومة بعد تعثر مهمته نتيجة خلافات مع الرئيس حول التشكيلة الحكومية.
إذ قال الحريري، عقب لقاء عقده مع عون، إن "موقف رئيس البلاد لم يتغير، والتعديلات التي طلبها جوهرية وتطال تسمية الوزراء المسيحيين".
في المقابل، ذكر بيان للرئاسة اللبنانية، تعقيباً على اعتذار الحريري، أنه "رفض كل التعديلات المتعلقة بتبديل الوزارات والتوزيع الطائفي لها والأسماء المرتبطة بها".
يشار إلى أن لبنان يعاني منذ أواخر 2019، أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تدهور مالي ومعيشي، وشحٍّ في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق.
بخلاف ذلك، تشهد مناطق لبنانية عدة بين الحين والآخر احتجاجات شعبية غاضبة يتخللها قطع طرقات؛ اعتراضاً على الواقع المعيشي وتصاعد الأزمة الاقتصادية.
كان البنك الدولي قد وصف الانهيار الاقتصادي بأنه من أسوأ حالات الركود في التاريخ المعاصر. فقد دفعت الأزمة الاقتصادية "الأخطر" أكثر من نصف السكان اللبنانيين إلى هاوية الفقر، وتسببت في نقص متزايد بالسلع الأساسية مثل الوقود والدواء.