أخرجت الأزمة السياسية اللبنانية السفراء والدبلوماسيين الأجانب عن لباقتهم المعهودة بسبب إحباطهم من المسؤولين في البلد الذي يعيش أزمات متتالية دون أن يجد السياسيون به مخرجاً منها.
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن القائم بأعمال السفارة البريطانية في لبنان مارتن لنغدن لم يتردّد في أن يكتب في منشور على موقع فيسبوك "أعذروا أسلوبي الجاف: ولكن في قلب لبنان شيء عفن".
دبلوماسيون يخرقون البروتوكولات
وفي لقاء منقول مباشرة عبر محطات التلفزة، كسرت السفيرة الفرنسية آن غريو بروتوكولات الدبلوماسيين ولم تجد حرجاً في تأنيب رئيس حكومة لبنان حسان دياب الذي طالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم بمعزل عن تشكيل حكومة جديدة، قائلة إن الانهيار "نتيجة أفعالكم جميعاً منذ سنوات في الطبقة السياسية. هذه هي الحقيقة"، ما اضطر التلفزيون الرسمي لقطع كلمتها، إلا أن الفيديو انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل.
من جانبه غرّد السفير الياباني تاكيشي أوكوبو معلقاً على الوضع في لبنان: "الكهرباء مقطوعة عن مقرّ إقامتي منذ الصباح الباكر"، مضيفاً: "أفكاري مع كافة المستشفيات والعيادات" التي تعاني من انخفاض ساعات التغذية إلى الحدود الدنيا.
وأثارت تغريدة لسفيرة كندا شانتال تشاستيناي بينما تنتظر "كما جميع الناس" في طابور أمام محطة وقود، تعاطفاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
فيما قال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس في بيروت: "من الواضح أن هناك إحباطاً كبيراً من الطبقة السياسية، لأنها غير قادرة على إعطاء الأولوية للمصلحة العامة على حساب مصلحتها الشخصية"، وأضاف: "ثمة استعداد دولي لمساعدة لبنان لكن للأسف لسنا حتى قادرين على القيام بذلك، لأننا لا نجد محاورين أمامنا، أو نجد أنفسنا أمام محاورين ليست لديهم إطلاقاً الإمكانات أو القدرة على العمل".
ويعاني الدبلوماسيون، كما سائر سكان لبنان، من تداعيات الانهيار المتواصل منذ أكثر من عام ونصف.
أزمات متتالية في لبنان
ويأتي هذا في وقت يغرق لبنان في انهيار اقتصادي؛ إذ رجّح البنك الدولي أن يكون من بين ثلاث أشدّ أزمات في العالم منذ العام 1850 فيما لم تتمكن القوى السياسية المتناحرة من تشكيل حكومة منذ 11 شهراً يشترط المجتمع الدولي قيامها بإصلاحات جذرية ليقدّم دعماً مالياً للبلاد.
وتتبادل الأطراف السياسية الاتهامات بالتعطيل، فيما تتعمّق معاناة اللبنانيين يوماً بعد يوم: تدهور جنوني لليرة ينعكس ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والخدمات والوقود، أزمة أدوية وساعات تقنين في الكهرباء تصل إلى 22 ساعة، بينما انتفخت فاتورة المولدات الخاصة على وقع شح الوقود.
في مواجهة انسداد الأفق السياسي، يتحرّك المجتمع الدولي للضغط على الطبقة السياسية. وأعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع، الإثنين، توجّهاً لفرض عقوبات على قادة مسؤولين عن التعطيل قبل نهاية الشهر الحالي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: "سيشكل ذلك أداة ضغط على السلطات اللبنانية لتدفع باتجاه تشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات أساسية"، منبهاً إلى أن لبنان "في طور تدمير ذاته".