دعت حركة طالبان الثلاثاء 13 يوليو/تموز 2021، سكان المدن الأفغان إلى الاستسلام لتجنب المعارك في المدن، كما وجهت تحذيراً لتركيا من إبقاء قواتها في مطار كابول، وفق اتفاق مع واشنطن التي تعمل على سحب قواتها بشكل متسارع، فيما تواصل الحركة توسعها وسيطرتها على مقاطعات جديدة في أفغانستان، التي تقع "على شفا أزمة إنسانية"، بحسب مفوضية شؤون اللاجئين الأممية.
وقال أمير خان متقي، وهو مسؤول كبير في الحركة، في تغريدة نشرها عبر تويتر: "الآن ومع انتقال المعارك من الجبال والصحارى إلى أبواب المدن فإننا لا نريد القتال داخل المدن".
هذه الدعوة من طالبان تذكِّر بالاستراتيجية التي استخدمتها عند استيلائها على السلطة في منتصف التسعينيات، محاصرة المدن وإرغام الزعماء التقليديين على التفاوض على الاستسلام، بحسب رويترز.
تزامناً مع ذلك، نشرت شبكة CNN الأمريكية فيديو قالت إنه يظهر طالبان تعدم 22 من جنود الـ"كوماندوز" الأفغان في ثوانٍ.
بحسب الشبكة فقد كان مقاتلو طالبان يصرخون "استسلموا أيها الكوماندوز، استسلموا". بعد ثوانٍ، خرجت مجموعة من نخبة القوات الخاصة الأفغانية، ورفعوا أيديهم واستعدوا للتنازل. قبل أن تتاح لهم الفرصة للتحدث، تم إطلاق النار عليهم وإعدامهم.
فيديو الحادث من شهر يونيو/حزيران الماضي، ويبدو أنه يظهر جرائم حرب نفذتها حركة طالبان في شمالي أفغانستان.
وفيما تدّعي طالبان أن مقطع الفيديو مزيف، ووصفته بأنه "مقطع دعائي معادٍ". إلا أن CNN تقول إنها تأكدت من صحته عبر تحدثها إلى 5 من شهود العيان على هذه المجزرة، إلى جانب والد أحد رجال الكوماندوز القتلى.
تحذير لتركيا
في سياق متصل، حذرت حركة طالبان تركيا الثلاثاء من خطط محتملة للإبقاء على بعض القوات في أفغانستان لإدارة وحراسة المطار الرئيسي في كابول بعد سحب القوات الأجنبية، ووصفت هذه الاستراتيجية بأنها "مستهجنة" محذرة مما يترتب عليها من "عواقب".
وأجرت أنقرة، التي عرضت إدارة وتأمين المطار في العاصمة الأفغانية بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي، محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الجوانب المالية والسياسية والدعم اللوجستي.
وأكدت تركيا ضرورة أن يبقى المطار مفتوحاً من أجل الحفاظ على البعثات الدبلوماسية في أفغانستان، في حين هز انفجار كابول اليوم الثلاثاء وتصاعدت الاشتباكات في أنحاء البلاد.
وقالت طالبان في بيان: "إمارة أفغانستان الإسلامية تندد بهذا القرار المستهجن".
وأضافت: "إذا لم يبادر المسؤولون الأتراك بإعادة النظر في قرارهم وواصلوا احتلال بلادنا.. ستتخذ الإمارة الإسلامية موقفاً ضدهم".
وتابعت الحركة أنه في هذه الحالة فإن مسؤولية ما يترتب على ذلك من عواقب ستقع على عاتق من تدخلوا في البلاد.
وتتقدم طالبان، متشجعة برحيل القوات الأجنبية في الموعد المستهدف في سبتمبر/أيلول، لحصار مدن والسيطرة على المزيد من الأراضي.
من جانبه، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار للصحفيين بعد اجتماع مجلس الوزراء مساء الإثنين إن مسؤولين أتراكاً اتفقوا مع نظرائهم الأمريكيين على بعض النقاط بخصوص إدارة المطار مشيراً إلى استمرار العمل من أجل التوصل إلى اتفاق.
وأضاف: "هناك حاجة لاستمرار فتح المطار وتشغيله. جميع الدول تقول ذلك. إذا لم يتم تشغيل المطار سيتعين على الدول سحب بعثاتها الدبلوماسية من هناك".
وقال مسؤول تركي كبير لرويترز إن المحادثات التي يشارك فيها وزراء الآن يجب أن تكتمل مع رحيل القوات الأمريكية. وأضاف: "ما زلنا نعتقد أنه سيكون هناك اتفاق بشأن المطار. نريد أن نقف مع الشعب الأفغاني".
على شفا أزمة إنسانية
من جانبها، حذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء من أن المزيد من الأفغان سيفرون على الأرجح من منازلهم بسبب تصاعد العنف، مع سيطرة حركة طالبان على مزيد من الأراضي بعد انسحاب القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة من البلاد.
وقال بابار بالوش، المتحدث باسم المفوضية، في إفادة صحفية في جنيف: "أفغانستان على شفا أزمة إنسانية أخرى. من الممكن تجنب ذلك. يتعين تجنب ذلك".
وأضاف: "الإخفاق في التوصل لاتفاق سلام في أفغانستان والحد من العنف الراهن سيؤدي إلى المزيد من النزوح داخل البلاد، وإلى بلدان مجاورة وأبعد من ذلك".
وذكرت المفوضية أن عدداً يقدر بنحو 270 ألفاً نزحوا في الآونة الأخيرة داخل البلاد منذ يناير/كانون الثاني ليرتفع إجمالي من اضطروا إلى الفرار من منازلهم إلى ما يتجاوز 3.5 مليون.
وقال بالوش إن النازحين يرجعون السبب إلى الوضع الأمني والابتزاز من جانب الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة والعبوات الناسفة المزروعة على طرق رئيسية، فضلاً عن فقدان مصادر الدخل واضطراب الخدمات الاجتماعية.
وأشارت المفوضية إلى أن عدد الضحايا من المدنيين زاد 29% خلال الربع الأول من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نقلاً عن أرقام من بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان.
وقال بالوش: "نحث المجتمع الدولي على تكثيف الدعم لحكومة أفغانستان وشعبها وجيرانها في هذا الوقت العصيب".
وأقر الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن مستقبل أفغانستان أبعد ما يكون عن الوضوح، لكنه ذكر أنه يتعين على الشعب الأفغاني تحديد مصيره بنفسه.
توسع مستمر وانسحاب أمريكي
وفي استمرار لعمليات التوسع العسكرية التي تخوضها حركة طالبان، قال عطا الله عطا، عضو المجلس المحلي في قندهار، إن الاشتباكات تتواصل في الإقليم الواقع بجنوب البلاد بعد التصدي لمسلحي الحركة في أعقاب محاولة لاقتحام سجن المدينة.
وأضاف عضو المجلس المحلي أن مئات العائلات فرت من أعمال العنف.
وقال محمد داوود فرهد، مدير المستشفى الرئيسي في إقليم قندهار، إن المستشفى استقبل ثماني جثث وأكثر من 30 شخصاً، أغلبهم من المدنيين، أصيبوا في الاشتباكات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال مسؤول حكومي محلي طلب عدم نشر اسمه إن قوات الأمن الأفغانية تراجعت في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء من منطقة ألينجار بإقليم لغمان في شرقي البلاد.
وقال مصدر أمني محلي إن طالبان طوقت مدينة غزنة في وسط البلاد الإثنين وشنت غارات الليلة الماضية في إطار أحدث هجوم لها على عاصمة إقليمية قبل أن تتصدى لها القوات الأفغانية.
وتشهد أفغانستان نشاطاً متزايداً لحركة طالبان في الوقت الحالي؛ أسفر عن سيطرتها على عدد كبير من القرى والأحياء، بينها 70 قرية من أصل 130 تشكل منطقة ساروبي التي تبعد 50 كلم شرق العاصمة كابول، حسبما نقلت قناة "طلوع" المحلية.
وأعلنت حركة طالبان من جانبها الجمعة الماضي، سيطرتها على أهم معبر حدودي أفغاني مع إيران، تزامناً مع تأكيدها السيطرة على 85% من الأراضي الأفغانية، بالإضافة لأكثر من ثلثي الحدود مع طاجيكستان.
في هذا الوقت، يتواصل انسحاب القوات الأمريكية من البلاد رغم تقدم حركة طالبان في مختلف أنحاء البلاد وتراجع القوات الأفغانية.
حيث انسحبت القوات الأجنبية من العديد من القواعد بما يشمل قاعدة باغرام الجوية بشمال كابول الأسبوع الماضي. وهي أكبر منشأة عسكرية للتحالف في أفغانستان وعصب العمليات منذ دخول القوات الأمريكية البلاد بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة.
فيما أعلن البيت الأبيض أن الانسحاب النهائي للجيش الأمريكي سينجز بحلول نهاية أغسطس/آب المقبل. وسينهي بذلك 20 عاماً من التدخل الأمريكي في البلاد، وأطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.