أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، الإثنين 12 يوليو/تموز 2021، أن دول الاتحاد الأوروبي توصلت بالإجماع إلى توافق على فرض عقوبات على زعماء لبنانيين؛ للضغط عليهم من أجل تشكيل حكومة مستقرة، مؤكداً أن "لبنان في حالة تدمير ذاتي منذ عدة أشهر، بينما الشعب يعيش وضعاً كارثياً".
فيما أضاف لودريان، في تصريحات للصحفيين بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أن هناك حالة طوارئ كبيرةً الآن، بسبب تفاقم المحنة التي يعيشها اللبنانيون، لافتاً إلى دعوتهم المتكررة للسلطات اللبنانية منذ عدة أشهر، من أجل ضرورة العمل على تشكيل حكومة، والقيام بالإصلاحات اللازمة.
بينما لم يكشف وزير الخارجية الفرنسي عن أسماء الزعماء اللبنانيين الذين قد يواجهون العقوبات الأوروبية.
ذكرى انفجار مرفأ بيروت
إلا أن الوزير الفرنسي أشار إلى توافق الاتحاد الأوروبي على وضع إطار قانون لفرض عقوبات قبل نهاية الشهر الجاري، أي قبل الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت الذي حدث في 4 أغسطس/آب 2020.
كانت فرنسا قد حذَّرت كبار المسؤولين اللبنانيين، أكثر من مرة، من أن الاتحاد الأوروبي يعكف حالياً على بحث سبل لممارسة ضغوط على من يعرقلون التوصل إلى حل للأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد.
إذ تقود باريس، منذ نحو عام، جهوداً دولية لإنقاذ لبنان من أكبر أزمة يتعرض لها منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. لكنها فشلت حتى الآن في إقناع الساسة المتشاحنين بتبني خارطة طريق للإصلاح أو بتشكيل حكومة جديدة تضطلع بتنفيذ إصلاحات مطلوبة للحصول على مساعدات خارجية.
جدير بالذكر أن السفيرة الفرنسية في لبنان كانت قد ألقت اللوم قبل أيام على القادة اللبنانيين وتسببهم في الانهيار الاقتصادي.
"رهانات البعض تسيء للبنان"
في وقت سابق من يوم الإثنين، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، إن بلاده "في حالة غير مسبوقة من المعاناة، بسبب رهانات من البعض (لم يسمهم) تسيء لصورتها وعلاقاتها"، مشدداً على "أننا لن نرضى بأي احتلال أو وصاية أو تبعية، معلنة كانت أم مضمرة، ونتمسك بسيادة الدولة اللبنانية كاملة على أراضيها، ولن نرضى شريكاً لها في القرار الاستراتيجي".
كلام جعجع جاء خلال مؤتمر صحفي مشترك مع السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري، بمدينة معراب (شرق).
جعجع ذكر أن "لبنان ابتُلي في السنوات الـ15 الأخيرة بمجموعات من داخله (لم يسمها، وإن كان يشير ضمناً إلى حزب الله) تعمل وفق حسابات تناقض كلياً مصلحة لبنان".
"التناحر على السلطة"
يشار إلى أن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد صرّح، الأحد 20 يونيو/حزيران الجاري، بأن جوهر الأزمة الحكومية في لبنان ينبع من تناحر الزعماء اللبنانيين على السلطة، وحثَّهم على تنحية خلافاتهم جانباً وتشكيل حكومة أو المخاطرة بانهيار مالي كامل والتعرض لعقوبات.
بوريل أضاف، في تصريحات بعد محادثات مع الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه وجَّه رسالة صريحة، مفادها أن بعض الزعماء قد يواجهون عقوبات إذا استمروا في عرقلة الخطوات الرامية إلى تشكيل حكومة جديدة وتنفيذ إصلاحات تمس الحاجة إليها.
كما أردف: "البلد يواجه مشكلات مالية كبيرة، ومن أجل حل الأزمة الاقتصادية يحتاجون إلى حكومة. أي سفينة في خضم العاصفة بحاجة إلى قبطان وإلى طاقم حتى يعمل النظام وإلا فسيكون مصيرها الغرق"، متابعاً: "من الواضح أنه تشاحن من أجل توزيع السلطة. لا بد أن أقول إن هناك أيضاً حالة كبيرة من انعدام الثقة".
أزمة تشكيل الحكومة
في حين أدى الجمود السياسي إلى تفاقم الأزمة اللبنانية، حيث يدور خلاف بين الحريري وعون منذ أشهر حول تشكيل الحكومة الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن عون كان قد كلف الحريري، في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتشكيل حكومة، عقب اعتذار سلفه مصطفى أديب؛ لتعثر مهمته بتأليفها.
لكن الخلافات بينهما تحول دون تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.
في حين نقلت وكالة أنباء "الأناضول" التركية، السبت 10 يوليو/تموز 2021، عن مصدر سياسي لبناني، قوله إنه "من المرجح أن يقدم الحريري تشكيلة وزارية، الأسبوع المقبل، إلى الرئيس عون".
فيما لم يضف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أي تفاصيل أخرى بالخصوص.
كما ذكرت قناة "NBN" اللبنانية الخاصة أن التشكيلة الحكومية الجديدة قد تكون فرصة أخيرة لإنقاذ الأوضاع المتردية.
كان الحريري قد لوّح، مؤخراً، بالاعتذار عن تشكيل الحكومة إذا استمر تعثر مهمته، وقال في تغريدة عبر "تويتر"، منتصف يونيو/حزيران الماضي، إن "الأولوية هي للتأليف قبل الاعتذار، الذي يبقى خياراً مطروحاً".
يُشار إلى أنه منذ أواخر 2019، تعصف بلبنان أزمة اقتصادية تعد الأسوأ في تاريخه الحديث، أدت الى انهيار مالي غير مسبوق وتدهور حاد في القدرة الشرائية لمعظم السكان، وارتفاع معدلات الفقر بشكل قياسي.
على أثر ذلك، سجلت العملة المحلية انهيارات إضافية في الأيام الماضية، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد 17.500 ليرة بالسوق الموازية، في حين يبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار 1515 ليرة.