في فصل جديد من فصول تداعيات الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان، يشهد القطاع الصيدلي الجمعة 9 يوليو/تموز 2021، إضراباً مفتوحاً مع نضوب الأدوية، فيما يهدد توقّف معملين رئيسيين عن إنتاج الكهرباء قدرة مرافق عامة على الاستمرار بتقديم خدماتها على رأسها المياه.
وسط عجز سياسي تام يحول منذ 11 شهراً دون تشكيل حكومة تباشر خطة إنقاذية وتضع حداً للانهيار المالي الذي رجّح البنك الدولي أن يكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، يستمر تدهور قيمة العملة المحلية، ليلامس سعر الصرف الجمعة عتبة 19500 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء.
على وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجياً عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية.
توقف محطتين عن توليد الكهرباء
فقد أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان، الجمعة، توقف محطتين لتوليد الكهرباء عن العمل شمالي وجنوبي البلاد، جراء شح الوقود المخصص لتشغيلهما.
قالت المؤسسة (حكومية) في بيان: "تعذر تفريغ ناقلتين بحريتين محملتين بمادة الغاز أويل، بانتظار استكمال الإجراءات المصرفية لدى المصارف الأجنبية".
أفادت بـ"توقف خدمة معملين لتوليد الكهرباء وهما الزهراني (جنوب) ودير عمار (شمال) نتيجة نفاد خزينهما من مادة الغاز أويل"، دون تفاصيل.
بدورها، أعلنت "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" (تابعة لوزارة الطاقة) في بيان الجمعة، توقف معامل توليد الطاقة الكهرومائية التابعة لها عن العمل، جراء نقص الوقود (لم تحدد عددها).
يعاني لبنان منذ فترة، انقطاعاً متكرراً للكهرباء لساعات طويلة يومياً، جراء شح الوقود المخصص لتوليد الطاقة، بسبب عدم وفرة النقد الأجنبي لاستيراده.
إضراب مفتوح للصيدليات في لبنان
بينما بدأ تجمّع أصحاب الصيدليات صباح الجمعة إضراباً عاماً مفتوحاً. وقال عضو التجمع علي صفا لوكالة فرانس برس "قرابة 80% من الصيدليات التزمت بالإضراب في بيروت والمدن الكبرى، مقابل 50 إلى 60% في المناطق الأطراف".
ربط عدم الالتزام الكلي بعدم تأييد نقابة الصيادلة للإضراب، وطلبها مهلة للتفاوض مع وزارة الصحة.
قال مصور فرانس برس إن غالبية الصيدليات وبينها صيدليات كبرى، أقفلت أبوابها على طول الخط الساحلي بين مدينتي جبيل وجونية شمال بيروت. وأفاد مصور آخر التزام عدد كبير من الصيدليات في الضاحية الجنوبية لبيروت بالإضراب. وتفاوتت نسبة الإقفال بين منطقة وأخرى في أحياء العاصمة.
اعتبر تجمع أصحاب الصيدليات، في بيان له، أن لوائح الأدوية وتصنيفها هي الطريقة الوحيدة التي ستحمل المستوردين على الإفراج عن الأدوية التي وعدهم "مصرف لبنان" بصرف الاعتمادات لها مراراً.
الإثنين الماضي، أعلن حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة أنه سيقوم بتسديد الاعتمادات والفواتير التي تتعلق بالأدوية المستوردة من الخارج، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية.
انهيار جديد لليرة مقابل الدولار
سجلت الليرة اللبنانية مستوى قياسياً متدنياً جديداً أمام الدولار، الجمعة، ليصرف الدولار الواحد في السوق الموازية بنحو 19 ألفاً و400 ليرة، مرتفعاً بنحو 1700 ليرة في أقل من 24 ساعة.
صرف الدولار الخميس، بحوالي 17 ألفاً و750 ليرة للبيع، و17 ألفاً و770 ليرة للشراء، في السوق الموازية، في حين ما زال السعر الرسمي المحدد من المصرف المركزي عند 1510 ليرات.
يأتي الانهيار الإضافي للعملة اللبنانية، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ نحو عام ونصف، وتعثر تشكيل حكومة جديدة.
على مدى 20 عاماً، حتى بدء الأزمة الحالية في أكتوبر/تشرين الأول 2019، حافظ سعر الصرف على استقراره عند حوالي 1500 ليرة للدولار.
أدى الانهيار القياسي في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار منذ 2019، فضلاً عن شح الوقود والأدوية والغلاء القياسي في أسعار السلع الغذائية، إلى فقدان المواطنين قدرتهم الشرائية، فضلاً عن انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي.
بلغ معدل التضخم في لبنان نحو 84.3% في 2020، ويتوقع أن يصل إلى 100% خلال العام الحالي، بينما بلغ معدل البطالة 36.9%، ويتوقع وصوله إلى 41.4% خلال 2021.
كما ارتفع معدل الفقر خلال 2020 إلى 55%، بينما تزايد معدل الذين يعانون الفقر المدقع ثلاثة أضعاف، من 8 إلى 23%، وفق تقرير لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا).