أفرج الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، عن الحكومة الجزائرية الجديدة، وهي الثانية في عهده بعد الانتخابات التشريعية، والتي تميّزت بكثير من المفاجآت، أبرزها احتفاظ الوزير الأول أيمن بن عبدالرحمن بحقيبته السابقة- وهي المالية- رفقة منصبه الجديد كوزير أول، وهي سابقة في تاريخ الجزائر.
ومن المفاجآت الكبيرة في الحكومة الجديدة استغناء تبون عن الرجلين القويين المقربين من الجيش، وهما وزيرا العدل بلقاسم زغماتي، والخارجية صبري بوقدوم.
ووفق الناطق باسم رئاسة الجمهورية سمير عقون الذي أعلن عن قائمة الحكومة الأربعاء 7 يوليو/ تموز 2021، فإن 17 وزيراً من الحكومة السابقة حافظوا على حقائبهم في الحكومة الجديدة، بينما تقلّد 16 وزيراً جديداً المسؤولية، فيما عاد وزير الخارجية في فترة بوتفليقة، رمطان لعمامرة، إلى منصبه وهو ما أثار كثيراً من الجدل.
خيبة الأحزاب.. الحكومة الجزائرية الجديدة
خالف تبون كل التوقعات ولم يمنح الأحزاب السياسية التي أعلنت قبولها التحالف معه سوى 9 حقائب وزارية، كان لحزب جبهة التحرير الوطني الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية (98 مقعداً)، ثلاث حقائب فقط، وهي" الصناعة والصيد البحري والبيئة.
ونال حزب التجمع الوطني الديمقراطي الحاصل على المرتبة الثالثة في التشريعيات (58 مقعداً)، وزارتين وهما الرياضة والثقافة.
أما حزب جبهة المستقبل (48 مقعداً)، فظفر هو الآخر بثلاث حقائب، تمثلت في وزارة العلاقات مع البرلمان، ووزارة الانتقال الطاقوي، ووزارة السياحة.
أما حركة البناء الوطني، وهي الحزب الإسلامي الوحيد المشارك في الحكومة، فمنحه تبون وزارة وحيدة هي وزارة التكوين المهني.
ووفق مصادر "عربي بوست"، فإن تبون سيمنح المستقلين الذين فازوا بالمرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية (84 مقعداً) وأعلنوا دعمهم للرئيس، رئاسة المجلس الشعبي الوطني، وذلك بالاتفاق مع حلفائه من الأحزاب السياسية التي تملك أغلبية ساحقة في المجلس الشعبي الوطني.
طيف بوتفليقة
عرفت الحكومة الجزائرية الجديدة عودة مفاجئة لوزيرين مُهمين سابقين في حكومة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
وأبرز وزير من وزراء بوتفليقة العائدين إلى حكومة أيمن بن عبدالرحمن هو وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي شغل هذا المنصب من 2013 إلى غاية 2017، ثم أصبح مستشاراً لبوتفليقة، ثُم عُيِّن بعدها مستشاراً للوزير الأول نور الدين بدوي في آخر حكومة لعبدالعزيز بوتفليقة، قبل أن يغادر مع هذا الأخير بعد أن أجبره الحراك الشعبي على الاستقالة.
كما عاد للحكومة وزير التربية الأسبق، عبدالحكيم بلعابد، الذي عُرف بمرافقته نورية بن غبريط، وزيرة التربية السابقة المثيرة للجدل كأمين عام، طيلة فترة استوزارها، ثم خلفها بعد سقوط حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى مع اندلاع الحراك الشعبي بداية 2019.
ردود فعل
علق حزب جبهة التحرير الوطني على التشكيلة الحكومية الجديدة، بتأكيد أن "الحزب لن يتوقف عن دعم الرئيس تبون والحكومة الجديدة"، مشيراً إلى أن "مشاركته في الحكومة ستكون فعالة".
وقال الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي، في لقاء مع نوابه بالبرلمان، إن "جبهة التحرير بحصولها على 98 مقعداً في البرلمان، وثلاث وزارات بالحكومة، أكدت أنها القوة السياسية الأولى في البلاد"، على حد تعبيره.
أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل، فأكدا رضاهم بالحقائب التي حصلوا عليها، كما شددوا على ضرورة دعم الحكومة وبرنامجها في البرلمان. من جهتها لم تعلق حركة البناء على التشكيلة الحكومية الجديدة.
وفيما يخص حركة مجتمع السلم التي رفضت دخول الحكومة، فقال رئيسها عبدالرزاق مقري، في تغريدة على موقع تويتر، قام بعدها بحذفها: "كلمتي لمن يثق بنا: لا يصيبكم الإحباط، إنما هي معركة عض الأصابع، اصبروا ورابطوا ستقضي عليهم سنن الأزمات والآفات، ليسوا هم الوطن، وليسوا في مستواه، فلا تحزنوا عليهم، التغيير لا محالة قادم، فأعِدوا أنفسكم لتكونوا وأمثالكم الوارثين، كل التحولات تؤكد استشرافاتنا بفضل الله فلنرصَّ الصفوف".
الناشط السياسي في الحراك الشعبي الجزائري، سمير بن العربي، يرى أن"الحكومة الجديدة خالفت كل التوقعات بعد أسبوعين من الانتظار، وأعطت انطباعاً نهائياً بأن النظام لا يريد التغيير الحقيقي المنشود؛ لرفضه الانفتاح على الشعب، وإصراره الإبقاء على أساليب المراحل السابقة نفسها".
وأضاف بن العربي في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "ما صرح به الرئيس تبون، صبيحة يوم الانتخابات التشريعية، بأن نسبة المشاركة لا تهمُّه بقدر نزاهة العملية الانتخابية، جُسد في تشكيلة الحكومة الجديدة".
أما المحلل السياسي مولود صياد، فيعتقد أن "الحكومة الجديدة كانت متوازنة بالنسبة للسلطة، إذ حافظت على قوامها القديم مع إشراك الأحزاب السياسية الأساسية في البرلمان، كلٌ حسب مقاعده المحصَّلة في الانتخابات التشريعية الماضية".
وفيما يخص فرص نجاحها في التحديات التي تنتظرها، قال صياد لـ"عربي بوست"، إن "ذلك متوقف على مدى سرعة استجابتها لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلاد منذ 2019".