حذّرت الأمم المتحدة، الثلاثاء 6 يوليو/تموز 2021، من الإقدام على تصرف أحادي الجانب يقوض فرص التوصل إلى حل بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي، معربة عن دعمها لوساطة الاتحاد الإفريقي بين مصر والسودان وإثيوبيا، وذلك قبل جلسة لمجلس الأمن الخميس 8 يوليو/تموز.
حيث قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي: "يجب ألا يكون هناك تصرف أحادي بشأن سد النهضة من شأنه أن يقوض سبل البحث عن حلول"، لافتاً إلى أنهم يدعمون بقوة الدور الذي يضطلع به الاتحاد الإفريقي للتوصل إلى حل بين مصر والسودان وإثيوبيا.
دوجاريك أضاف: "نحن ندعو الاتحاد الإفريقي إلى مواصلة العمل مع البلدان الثلاثة في هذا الصدد".
تحركات مصرية
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، قالت الخارجية المصرية، في بيان، إن القاهرة أبلغت روسيا والصين بضرورة أن يدفع مجلس الأمن الدولي، في جلسته، نحو التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن أزمة ملء وتشغيل السد.
وروسيا والصين من الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، والتي تمتلك حق النقض (الفيتو)، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
فيما قال مندوب فرنسا الأممي، نيكولا دي ريفيير، إنه لن يكون بمقدور المجلس حل الخلاف حول السد، باعتباره "خارج نطاق" المجلس، وذلك بمناسبة تولي بلاده الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن خلال يوليو/تموز الجاري.
في حين أكد دي ريفيير، خلال مؤتمر صحفي الخميس 1 يوليو/تموز، أنه "على هذه الدول الثلاث أن تتحدث فيما بينها وتصل إلى ترتيبات لوجستية بشأن التعاون والمشاركة في حصص المياه".
بدء الملء الثاني رسمياً
كان وزير الري المصري محمد عبدالعاطي قد تلقى، الإثنين 5 يوليو/تموز 2021، خطاباً رسمياً من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا في الملء للعام الثاني لخزان سد النهضة، وفق بيان أصدرته وزارة الري المصرية.
على إثر ذلك، وجّه الوزير المصري خطاباً رسمياً إلى الوزير الإثيوبي لإخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الذي وصفه بالأحادي، والذي أكد أنه يعدّ خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ الذي تم توقيعه عام 2015.
كما يعدّ الملء الثاني لسد النهضة، وفق البيان المصري "انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الأضرار بها".
السودان تتلقى إخطاراً أيضاً
في هذا الإطار، أعلنت وزارة الري والموارد المائية السودانية، الثلاثاء، أن نظيرتها الإثيوبية أخطرتها رسمياً ببدء الملء الثاني للسد خلال موسم الأمطار الحالي، مؤكدة رفضها للخطوة واعتبرتها "مخالفة صريحة" للقانون الدولي واتفاق المبادئ.
جاء ذلك في بيان للمتحدث باسم فريق التفاوض السوداني لسد "النهضة" الإثيوبي السفير عمر الفاروق.
في حين شدّد الفاروق على تمسك السودان برفضه للملء الأحادي لسد النهضة للعام الثاني على التوالي دون اتفاق، الأمر الذي برأيه يعد مخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاق المبادئ والاتفاقيات والممارسة المستقرة المنظمة لتبادل المنافع للأنهار المشتركة، مؤكداً أن "الاتفاق النهائي الملزم هو الإثبات الوحيد للرغبة الإثيوبية في التعاون".
يشار إلى أن إثيوبيا أعلنت قبل أيام رفع مستوى تأهب قواتها المنتشرة في منطقة السد، لتأمين المرحلة الثانية من عملية ملئه.
فشل متواصل لجولات المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.
إذ تُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد؛ للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية، ولضمان استمرار تدفق حصتيهما السنويتين من مياه نهر النيل.
وفي أقوى تهديد لأديس أبابا، قال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في 30 مارس/آذار الماضي، إن "مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل".