قالت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير لها الثلاثاء 6 يوليو/تموز 2021، إن إدارة بايدن تعمل على تجديد طريقة استخدام الولايات المتحدة للعقوبات من أجل وقف حملات الضغط الكاسحة، وتجنّب الأضرار الجانبية على الاقتصاد، والتحرك بشكلٍ مشترك مع الحلفاء بدلاً من القرارات الأحادية، وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على عملية التخطيط.
وفق التقرير نفسه، فقد أوشكت الإدارة على إتمام مراجعتها الشاملة لسياسة العقوبات الأمريكية، والتي من المتوقع أن تظهر للعلن مع نهاية فصل الصيف، وفقاً لأحد المسؤولين، ورغم أنّ التفاصيل لا تزال قيد العمل، لكن مسؤولي إدارة بايدن قدموا بعض المؤشرات على عناصر الاستراتيجية الجديدة في سلسلةٍ من الخطوات، التي شملت التخفيف المنتظر للعقوبات الاقتصادية الشاملة ضد إيران.
اختلاف كبير عن الإدارة السابقة
يُشكل هذا الإصلاح السياسي ابتعاداً حاداً عن سياسة إدارة ترامب، التي فرضت العقوبات باعتبارها أداة سياسة خارجية أكثر من الإدارات السابقة، من أجل استهداف قطاعات عريضة من اقتصادات إيران وكوريا الشمالية وغيرهما من الدول، وذلك ضمن جهودها لفرض الضغط الاقتصادي على الخصوم.
ربما نجحت العقوبات في الضغط على إيران وفنزويلا لتصلا إلى مرحلة الانكماش الاقتصادي، وقطع علاقات كوريا الشمالية مع شبكات التمويل والتجارة العالمية، مما حقّق عدداً من الأهداف قصيرة المدى.
لكن الضغط الأمريكي لم يتمخض عن اتفاقيات دبلوماسية كبرى جديدة، أو حتى تغييرات جوهرية في سلوك الخصوم، مما أثار التساؤلات عن أهمية هذا الضغط باعتباره أداةً منفردة.
إذ تُؤكد إدارة بايدن والمسؤولون الجدد على أنّ استخدام العقوبات يجب أن يأتي ضمن جهودٍ دبلوماسية أكبر تتضمن التعاون مع الحلفاء، وأشكال مرتبطة من الإقناع، بهدف تحقيق أهداف السياسة الخارجية.
تحرك منسق وليس أحادياً
إذ قالت إليزابيث روزنبيرغ، المرشحة للإشراف على سياسة العقوبات باعتبارها مساعدةً لوزير الخزانة، أمام مجلس الشيوخ في يونيو/حزيران: "يتطلب هذا العمل تنسيقاً كبيراً مع الكونغرس، والفرع التنفيذي، وحتى النظراء الأجانب، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني".
كما قال مسؤولون حاليون وقادمون إنّ العمل المنسق المبني على التوافق الدولي سيقوي الضغط السياسي المراد للعقوبات عن طريق توسيع نطاق إنفاذها حول العالم ومضاعفة أصوات الاستنكار.
بينما صرّح مسؤولٌ بارز في الإدارة لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية قائلاً: "إنّ تركيزنا ينصب على التأكد من ابتعادنا عن التحرك الأحادي، الذي كان المعبر الأساسي عن السياسة الأمريكية على مدار السنوات الأربع الماضية، واقترابنا من العمل الفعلي مع شركائنا".
في عصرٍ يُنظر خلاله إلى الأدوات المالية لوزارة الخزانة عادةً باعتبارها الملاذ الأول لمواجهة التهديدات: "فقد باتت مسألة اتباع نهجٍ استراتيجي جرت معايرته بعناية أمراً أكثر أهمية من أيّ وقتٍ مضى".
وقد بدأت بعض جوانب سياسة العقوبات الخاصة بإدارة بايدن في الظهور فعلياً مع تنفيذ المسؤولين لها؛ إذ جرى تنسيق بعضٍ من أولى خطوات الإدارة مع الحلفاء الغربيين، وأهمها مبادرة السياسة الخارجية المميزة التي شهدت وضع خطة لرفع العقوبات الأساسية عن إيران مقابل عودتها إلى الامتثال للاتفاق النووي الموقع عام 2015.
كما سعت إدارة بايدن للتعاون مع الحلفاء في ما يتعلق بالعقوبات ضد الصين بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان في هونغ كونغ ومقاطعاتها الغربية، وضد المسؤولين الروس لهجومهم على المعارضين السياسيين، فضلاً عن وضع مسؤولين بيلاروسيين على القائمة السوداء بسبب قمعهم السياسي.
إشادة كبيرة بخطوات إدارة بايدن
يقول المحللون إنّ إدارة بايدن خففت التوترات الدبلوماسية مع الحلفاء من خلال قرارات العقوبات على إيران وغيرها من القضايا.
في أبريل/نيسان، أشاد الحلفاء بقرار إدارة بايدن إزالة أسماء مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية من قوائم العقوبات السوداء، بعد إضافتهم لها بواسطة إدارة ترامب.
أما في مايو/أيار، سعد المسؤولون الألمان بقرار الولايات المتحدة عدم فرض عقوبات على خط أنابيب نورد ستريم 2، وهو مشروع أنابيب غاز طبيعي بتكلفة مليارات الدولارات ويجري بناؤه بواسطة شركات أوروبية وروسية.
كذلك تتحرك إدارة بايدن لتوسيع العقوبات التي تستهدف الفساد ومنتهكي حقوق الإنسان.
كما عقد نائب وزير الخارجية أديوال أدييمو، الذي يرأس عملية مراجعة العقوبات، سلسلةً من الاجتماعات مع ممثلي الشركات متعددة الجنسيات، والمصارف، والمنظمات غير الحكومية بالتزامن مع "السعي لتحديد سُبل تعزيز استخدام العقوبات بالشكل المضمون والاستراتيجي والمتعقل" وفقاً لمكتبه. لكن أديوال لم يوقع بعد على النسخة النهائية من وثيقة الاستراتيجية بحسب أحد المسؤولين.
فقد ألتقى خلال جولة استماعه أيضاً بجماعات حقوق الإنسان، والمنظمات الإنسانية غير الحكومية، ومجموعات التجارة، والشركات الصغيرة، والمصارف.
في السياق نفسه، خففت وزارة الخزانة القيود المفروضة على هيئة موانئ فنزويلا مطلع فبراير/شباط؛ مما مهد الطريق أمام وصول المزيد من شحنات الغذاء والسلع الزراعية والأدوية وغيرها من الإمدادات. ومع ذلك، قالت الإدارة في يونيو/حزيران إنّ تخفيف العقوبات بدرجةٍ أكبر يستوجب تقديم تنازلات كبرى من حكومة مادورو.
في الشهر الماضي، أصدرت الإدارة أيضاً أوامرها بالمزيد من الإعفاءات التي تستهدف تعزيز وصول المساعدات المرتبطة بكوفيد إلى فنزويلا وسوريا وإيران، لتستجيب بذلك إلى أحد المخاوف الرئيسية للجماعات الإنسانية التي قالت إن أنظمة العقوبات الأمريكية تضر عن غير قصد بالمجتمعات المحلية.