أعلن المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، الإثنين 5 يوليو/تموز 2021، أنهم يعتزمون تقديم مقترح سلام مكتوب إلى الحكومة الأفغانية خلال شهر أغسطس/آب المقبل على أقصى تقدير، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه الحركة بسط سيطرتها على العديد من المناطق بالبلاد، مستغلةً الفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأجنبية.
حيث قال مجاهد إنه سيتم التعجيل بمحادثات السلام وعملية السلام في الأيام المقبلة، متوقعاً أن تدخل المحادثات مرحلة مهمة، مضيفاً: "من المحتمل أن يستغرق الأمر شهراً للوصول إلى تلك المرحلة عندما يتبادل الجانبان خطتهما المكتوبة للسلام".
"منعطف حاسم"
المتحدث باسم طالبان أشار إلى أن أحدث جولة من محادثات السلام مرّت بمنعطف حاسم، متابعاً: "على الرغم من أننا (طالبان) لدينا اليد العليا في ساحة القتال فإننا جادون للغاية بشأن المحادثات والحوار".
كان المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى أفغانستان، توماس نيكلاسون، قد صرّح، خلال الأسبوع الماضي، بأن الوقت ينفد أمام تقديم طالبان خطة سلام مكتوبة، وأن تقديمها مقترحاً من هذا القبيل سيكون دلالة على تأثير باكستان الناجح على طالبان.
كما أكدت المتحدثة باسم وزارة شؤون السلام الأفغانية، ناجية أنواري، أن المحادثات الأفغانية استؤنفت، مؤكدة أن ممثليها "سعداء للغاية"؛ لأن مبعوثي طالبان يرفضون العملية برمتها.
أنواري لفتت إلى أنه "من الصعب توقع أن طالبان ستزودنا بوثيقة مكتوبة لخطة سلام في غضون شهر، لكن لنكن إيجابيين. نأمل أن يقدموها لفهم ما يريدون".
فيما التمس الدبلوماسيون الذين يشرفون على المحادثات الأفغانية مراراً مساعدة باكستان لإقناع قادة طالبان بتقديم خطة سلام مكتوبة حتى لو شملت مطالب مثل استعادة "الحكم الإسلامي" الذي ساد خلال اضطلاع الحركة بالسلطة من 1996 إلى 2001.
طالبان تواصل توسّعها
في وقت سابق من يوم الإثنين، أفادت مصادر أفغانية بسقوط 11 مقاطعة جديدة في يد حركة "طالبان"، خلال الـ24 ساعة الأخيرة، 7 منها في ولاية بدخشان شمال شرقي البلاد.
يأتي ذلك بعد أيام من إعلان مسؤولين أفغان سقوط عشرات المقاطعات في جميع أنحاء البلاد بيد الحركة خلال الأسابيع الأخيرة.
كما أُعلن، خلال اليومين الماضيين، سقوط 18 مقاطعة أفغانية 12 منها بولاية بدخشان (شمال شرق) وحدها بيد الحركة المسلحة، خلال 24 ساعة.
في هذا الإطار، أكد مسؤولون أمنيون غربيون أن قوات طالبان استولت على أكثر من 100 منطقة، لكن الحركة تقول إنها تسيطر على أكثر من 200 منطقة في 34 إقليماً تزيد مساحتها على نصف مساحة الدولة الواقعة في وسط آسيا.
الحدود الأفغانية الطاجيكية
في حين ذكر حرس الحدود الطاجيكي أن أكثر من ألف من أفراد الأمن الأفغان انسحبوا، الأحد 4 يوليو/تموز 2021، عبر الحدود الشمالية إلى طاجيكستان بعد تقدم طالبان، بينما أسرت قوات الحركة عشرات آخرين.
في غضون ذلك، بحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والطاجيكي إمام علي رحمن، الإثنين 5 يوليو/تموز الجاري، آخر المستجدات في أفغانستان، حيث "ناقشا بالتفصيل الوضع الصعب على الحدود الأفغانية الطاجيكية، بسبب تصاعد الصراع المسلح في أفغانستان"، حسب بيان للكرملين.
يُذكر أن بدخشان تتمتع بموقع استراتيجي فهي متاخمة لحدود الصين وطاجيكستان وباكستان.
يأتي سقوط مقاطعات أفغانية، بينها مناطق استراتيجية بيد طالبان في وقت تنسحب فيه القوات الأمريكية من أفغانستان، حيث من المقرر أن يكتمل الانسحاب الأمريكي بحلول 11 سبتمبر/أيلول المقبل، وفق الرئيس جو بايدن.
"انسحاب القوات الأمريكية"
تجدر الإشارة إلى أن القوات الأمريكية انسحبت، الجمعة 2 يوليو/تموز الجاري، من قاعدة باغرام الجوية، التي تبعد 40 ميلاً إلى الشمال من كابول، والتي تعد أهم قاعدة جوية بأفغانستان، وسط تحذيرات من أن أفغانستان قد تنزلق إلى حرب أهلية.
هذا الانسحاب الأمريكي الذي يجري بوتيرة سريعة يأتي بينما تكثف حركة طالبان من هجومها في أنحاء البلاد، خاصة مع إخفاق محادثات السلام في قطر في تحقيق تقدم يذكر.
على الرغم من الوتيرة السريعة للانسحاب فلا يزال الجيش الأمريكي يمتلك حالياً سلطة حماية القوات الأفغانية.
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، للصحفيين: "تلك السلطات لا تزال موجودة"، لكنه لم يفصح عن إطار زمني محتمل لانتهائها.
في مقابل الانسحاب الأمريكي تعهدت طالبان، التي تقاتل لطرد القوات الأجنبية والإطاحة بالحكومة المدعومة من واشنطن، بمنع أي أنشطة إرهابية دولية تنطلق من الأراضي الأفغانية.
كما تعهدت الحركة بالدخول في محادثات مع خصومها الأفغان، لكن لم يتم إحراز تقدم يذكر في المفاوضات.
حرب طويلة
يُشار إلى أن أفغانستان تعاني حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي، تقوده واشنطن، بحكم "طالبان"، لارتباطها آنذاك بتنظيم القاعدة، الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.
في حين تصاعد مستوى العنف في أفغانستان، منذ مطلع مايو/أيار الماضي، مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية بأمر من الرئيس بايدن في أبريل/نيسان الماضي.
أثار تصاعد القتال وفرار آلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية شكوكاً كبيرة إزاء مفاوضات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة، والتي بدأت العام الماضي في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
إلا أن مفاوضات سلام تاريخية انطلقت في 12 سبتمبر/أيلول 2020، في العاصمة القطرية الدوحة، بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان"، بدعم من الولايات المتحدة، لإنهاء 42 عاماً من النزاعات المسلحة بأفغانستان.
قبل ذلك، أدت قطر دور الوسيط في مفاوضات واشنطن وطالبان، التي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي أواخر فبراير/شباط 2020، لانسحاب أمريكي تدريجي من أفغانستان وتبادل الأسرى.