قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير لها، الخميس 1 يوليو/تموز 2021، إن هناك تخوفات من أنَّ الصين في طور توسيع قدراتها على تصنيع الأسلحة النووية توسعاً بارزاً، بعد بدء تشييد أكثر من 100 صومعة صواريخ جديدة في الصحراء الشمالية الغربية، وذلك وفقاً لصور التقطها قمر صناعي وحصل عليها مركز جيمس مارتن لدراسات عدم انتشار الأسلحة الأمريكي.
حسب التقرير نفسه، فإن الصور تؤكد أنه يجري العمل في عديدٍ من المواقع الممتدة على مساحة مئات الأميال المربعة قرب طريق الحرير القديم في مدينة يومن بمقاطعة غانسو.
تحديث ضخم لقدرات بكين النووية
الدكتور جيفري لويس، الخبير في الترسانة النووية الصينية، صرح لصحيفة The Washington Post، أن حجم العمل يشير إلى تحديث ضخم في قدرات الردع النووي للصين.
وصف لويس، مدير برنامج منع انتشار الأسلحة النووية في شرق آسيا في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، حجم المشروع بأنه "لا يُصدَّق"، قائلاً: "إذا أضيفت الصوامع قيد الإنشاء في مواقع أخرى في جميع أنحاء الصين إلى العدد فإنَّ المجموع الكلي يصل إلى نحو 145".
كما أضاف: "نعتقد أنَّ الصين تُوسِّع قواتها النووية جزئياً للحفاظ على رادع يمكنه الصمود في وجه الضربة الأمريكية الأولى بأعداد كافية لهزيمة الدفاعات الصاروخية الأمريكية".
صواريخ قادرة على الوصول لأمريكا
أشار لويس إلى أنَّ الصوامع مُخصَّصة على الأرجح لصواريخ يمكنها حمل رؤوس حربية متعددة بمدى يصل إلى 9300 ميل، (ما يزيد على 14966 كيلومتراً)؛ وهو ما يكفي للوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.
ومثلت طفرة البناء هذه تحولاً كبيراً للصين، التي يُعتقَد أنها تمتلك مخزوناً متواضعاً من نحو 250 سلاحاً نووياً، مقارنة بـ11000 سلاح مملوك جماعياً للولايات المتحدة وروسيا، وكانت بكين قد نشرت في الماضي صوامع مُضلِّلة.
في السياق نفسه، قال الأدميرال تشارلز ريتشارد، قائد القوات النووية الأمريكية، في جلسة استماع بالكونغرس في أبريل/نيسان، إنَّ الصين تُنفِّذ حالياً "توسعاً مذهلاً" لبرنامج الصواريخ الباليستية العابر للقارات، بما في ذلك قاذفات الصواريخ المحمولة التي يمكن إخفاؤها عن الأقمار الصناعية.
في غضون ذلك، أدخلت البحرية الصينية غواصات قادرة على حمل أسلحة نووية.
ليست الأسلحة النووية فقط هي التي تقلق أمريكا
الجمعة 25 يونيو/حزيران الماضي، نشرت مجلة The National Interest الأمريكية تقريراً حول الأهداف الصينية من إجراء مناورة صاروخية استثنائية مؤخراً، حيث أطلق الجيش الصيني صواريخه المدمرة لحاملات الطائرات، التي كثرت الأقاويل حولها خلال السنوات الأخيرة. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود تحسين أنظمة التوجيه وتقنيات الاستهداف، وسط ظروف المعارك الأكثر صعوبة، مثل تتبّع الأهداف في غياب ضوء النهار.
إذ نقلت صحيفة Global Times الصينية قبل عدة أيام أنّ قوة المدفعية في جيش التحرير الشعبي الصيني أطلقت صاروخ DF-26 المضاد للسفن خلال مناورات ليلية، أثناء ضربات جوية وهمية على عدة موجات، إلى جانب إجراء عمليات نقل وتحميل الصواريخ.
كما أجرت بكين، العام الماضي، تجارب على نوعين من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن: وهي صواريخ DF-21D وDF-26، وهي على ما يعتقد صواريخ صينية مخصصة لإغراق حاملات الطائرات الأمريكية.
تعتبر صواريخ DF-21D باليستية مضادة للسفن تطلق من البر، وسلاحاً فتاكاً في الحرب البحرية غير المتكافئة، وعندما كشفت الصين عن صاروخ DF-26 لأول مرة في استعراض يوم النصر العسكري عام 2015، قالت وسائل الإعلام الحكومية إنه سيتوفر من هذا الصاروخ أنواع تقليدية ونووية ومضادة للسفن، وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لاحقاً. وتصف وسائل إعلام صينية هذا الصاروخ بأنه "سلاح قاتل" له القدرة على ضرب "الأهداف في المياه".
فيما تقول القناة التلفزيونية الحكومية CCTV-1 إن صواريخ DF-26 "قادرة على استهداف أهداف كبيرة ومتوسطة الحجم في المياه". ويتراوح مدى هذه الصواريخ بين 3000 و4000 كيلومتر، وهو ما يكفي لضرب القواعد الأمريكية في غوام. ووصفت القناة أيضاً المجموعة المكونة من 16 صاروخاً من طراز DF-26، التي سبق أن استعرضتها بكين، بأنها "قادرة على أداء المهمات التقليدية أو النووية". وبإمكان صواريخ DF-26 تنفيذ هجوم دقيق من متوسط إلى طويل المدى على كل من الأهداف البرية والبحرية، من الكبيرة إلى المتوسطة الحجم، وهي سلاح جديد للردع الاستراتيجي.
كيف تخطط الصين لتدمير السفن الأمريكية؟
بالعودة للاختبار الصاروخي الأخير للجيش الصيني، تتحدث صحيفة غلوبال تايمز عن تفاصيل المناورة، وتقول إنه بعد إطلاق الموجة الأولى من الضربات الصاروخية، تلقت القوات الصينية الأوامر بتغيير مواقعها، وإعادة التحميل، قبل بدء موجة ثانية من الضربات الصاروخية. وقد حاكت المناورات أيضاً هجوماً عدائياً على أحد مواقع الإطلاق، واضطرت القوات للمناورة والتراجع إلى منطقة إطلاق احتياطية وفقاً للتقرير الصيني.
وتدربت القوات الصينية أيضاً على عمليات المناورة تحت نيران العدو، من أجل الحفاظ على قدرتها على توجيه الضربات أثناء تعرضها لنيران العدو. وهذه الظروف القتالية هي واحدة من عدة أسباب تدفع الجيش الصيني لإضفاء قيمةٍ كبيرة على تشغيل منصات إطلاق متحركة، حتى تتمكن من المناورة قدر المستطاع لتجنب رصدها أو تعرضها لقصفٍ جوي.
وقال التقرير الصيني إنّ المناورات الليلية تُقدّم متغيرات تكتيكية إضافية، مثل الحاجة إلى التعامل مع أي إشارة خطر أو أثر بحذر شديد لعدم كشف موقع منصة الإطلاق.
وأورد التقرير: "إن عمليات الإطلاق الليلية تمثل تحدياً أكبر من عمليات الإطلاق النهارية نظراً لضعف الرؤية، كما يجب التحكم في الأضواء الاصطناعية على مستوى منخفض لعدم كشف موقع منصة الإطلاق".