اعتبر المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الغارة الأمريكية التي استهدفت قوات بـ"الحشد الشعبي" على الحدود مع سوريا، "انتهاكاً صارخاً" لسيادة البلاد.
جاء ذلك في بيان للمجلس صدر إثر اجتماع طارئ له، الإثنين 28 يونيو/حزيران 2021، على خلفية الغارة الجوية الأمريكية التي استهدفت، مساء الأحد، موقعاً لفصيل في قوات "الحشد الشعبي" على الحدود السورية؛ ما أوقع 4 قتلى من عناصره.
وأعرب المجلس، الذي يعد أعلى سلطة أمنية في البلاد، عن استنكاره الشديد وإدانته للقصف الأمريكي الذي استهدف موقعاً له على الحدود مع سوريا، معتبراً أن "الاعتداء يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية، ترفضه كل القوانين والمواثيق الدولية".
وأضاف أنه "يدرس اللجوء إلى كل الخيارات القانونية المتاحة لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات التي تنتهك أجواء العراق وأراضيه، وإجراء تحقيق شامل في ظروف الحادث ومسبباته".
وشدد المجلس على "رفضه الكامل جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات، أو استخدام أراضيه وسمائه للاعتداء على جيرانه، في الوقت الذي عززت فيه الحكومة خطواتها بانتهاج سياسة هادئة، واعتماد مبدأ الحوار لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة".
وأكد أن "الحكومة لها جلسات حوار متواصلة مع الجانب الأمريكي، وصلت إلى مراحل متقدمة ومستوى البحث في التفاصيل اللوجيستية، لانسحاب القوات القتالية من العراق والذي سيتم الإعلان عن تفاصيله لاحقاً".
ويترأس المجلس الوزاري للأمن الوطني، رئيسُ الحكومة مصطفى الكاظمي، ويضم في عضويته وزيري الدفاع والداخلية وقادة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى.
انتقاد نادر من الجيش
من جانبه، أدان المتحدث باسم الجيش العراقي، الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت مقرات لفصائل مسلحة على الحدود مع سوريا، ووصفها بأنها "انتهاك للسيادة" في انتقاد نادر لعمل عسكري أمريكي.
المتحدث يحيى رسول قال على حسابه الرسمي على موقع تويتر: "ندين الهجوم الجوي الأمريكي الذي استهدف ليلة أمس موقعاً على الحدود العراقية السورية وبما يمثل انتهاكاً سافراً ومرفوضاً للسيادة العراقية وللأمن الوطني العراقي وفق جميع المواثيق الدولية".
وأشار رسول إلى الضربات الجوية التي قتلت ما لا يقل عن أربعة مسلحين متحالفين مع إيران.
قصف أمريكي على مواقع بالعراق
وجاء تعليق الجيش العراقي بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها شنت ضربات جوية ضد فصائل مسلحة مدعومة من إيران في العراق وسوريا، رداً على هجمات بطائرات مسيرة شنتها تلك الفصائل على أمريكيين ومنشآت أمريكية في العراق، فيما أعلنت فصائل "الحشد الشعبي" عن مقتل عدد من عناصرها.
الجيش الأمريكي أشار في بيان إلى أنه استهدف مرافق تشغيل وتخزين أسلحة في موقعين في سوريا وموقع في العراق، ولم يكشف النقاب عما إذا كان يعتقد أن الهجمات أسفرت عن سقوط قتلى أو جرحى.
لكن كتائب "سيد الشهداء" أحد فصائل "الحشد الشعبي" أكدت مقتل 4 من عناصرها جراء الضربات الأمريكية، وقال بيان صادر عن الكتائب إن "كتائب سيد الشهداء ستذهب مع الاحتلال الأمريكي إلى حرب مفتوحة".
وصرح مسؤولون أمريكيون لوكالة رويترز بأن الجيش الأمريكي شن الهجمات بطائرات إف 15، وإف 16، وقالوا إن الطيارين الذين نفذوا هذه الهجمات عادوا بسلام، وقال أحد المسؤولين: "نقدر أن كل ضربة أصابت الأهداف المقصودة".
كان من بين الأهداف التي تعرضت للقصف منشأة استخُدمت في إطلاق الطائرات المسيّرة واستعادتها، إضافة إلى استهداف موقعين للأسلحة في سوريا، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن المنشآت المستهدفة كانت تستخدمها فصائل مسلحة مدعومة من إيران، من بينها "كتائب حزب الله"، وكتائب سيد الشهداء.
فيديو يوثق القصف
ونشرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مقطع فيديو يظهر لحظة قصف طائرات الجيش الأمريكي لمواقع تابعة لفصائل مدعومة من إيران عند الحدود العراقية السورية، ما أسفر عن مقتل 4 مسلحين.
يُظهر الفيديو عدداً من الأبنية مجاورة لبعضها، قبل أن يتم استهداف بعضها لتسوى بالأرض بشكل كامل، ثم تُغطى سماء المنطقة بأعمدة الدخان.
وجاءت هذه الهجمات بناء على توجيهات من الرئيس جو بايدن لتصبح ثاني مرة يأمر فيها بشن هجمات انتقامية ضد فصائل مسلحة مدعومة من إيران منذ توليه السلطة قبل خمسة أشهر.
كانت آخر مرة أمر فيها بايدن بشن هجمات محدودة في سوريا في فبراير/شباط وكانت في ذلك الوقت رداً على هجمات صاروخية في العراق.