قرر حزب الشعب الفلسطيني (الحزب الشيوعي سابقاً)، الأحد 26 يونيو/حزيران 2021، الانسحاب من الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية، نظراً لما وصفه بعدم احترامها للقوانين والحريات العامة، وذلك على خلفية "وفاة" المعارض والناشط نزار بنات (44 عاماً)، الخميس، بعد ساعات من اعتقاله من طرف عناصر أمنية اتهمتها عائلته باغتياله.
حيث قال الأمين العام للحزب، بسام الصالحي، في مؤتمر صحفي عقده بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، إن "اللجنة المركزية لحزب الشعب اتخذت قراراً بالانسحاب من الحكومة"، مشيراً إلى أن وزير العمل نصري أبوجيش (ممثل الحزب في الحكومة) "سيقدم استقالته من الحكومة خلال اجتماعها الأسبوعي يوم الإثنين".
الصالحي دعا "الحكومة الفلسطينية كلها للاستقالة ووضعها بيد الرئيس (محمود عباس)"، متابعاً: "اللجنة المركزية للحزب قررت أنه لا يمكن أن تستمر في حكومة لديها مشكلة في حماية الحريات بشكل عام".
"محاسبة" المسؤولين
كما دعا الصالحي إلى "محاسبة" المسؤولين عن قضية وفاة الناشط والمعارض "بنات"، وإلى "التوقف عن كل الممارسات السلبية"، إلى جانب الحكمة في معالجة هذه القضية.
في حين أوضح أن "حزب الشعب سيدعو لتشكيل جبهة واسعة لحماية السلم الأهلي، وأن تكون هذه الجبهة من الكل الفلسطيني، حتى لا يتحول الصراع إلى داخلي بما يضمن حماية السلم الأهلي، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفعلة وعدم تدحرج الوضع".
من جهته، أكد عضو اللجنة المركزية للحزب، عصام بكر، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، أن قرار الانسحاب من الحكومة كان اتخذ من المكتب السياسي للحزب قبل ثلاثة أيام، وقامت اللجنة المركزية بالمصادقة عليه اليوم الأحد.
يشار إلى أن الحكومة الفلسطينية الحالية تشكلت بمرسوم رئاسي في أبريل/نيسان 2019، وضمت في أعضائها أغلبية من حركة "فتح" وبعض فصائل منظمة التحرير، برئاسة اشتية، الذي يشغل أيضاً منصب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح".
دعوات للتهدئة والاحتكام للقانون
إلى ذلك، أُطلقت عدة مبادرات، الأحد، لتهدئة الساحة الفلسطينية والاحتكام للقانون، داعين إلى "اعتبار نزار بنات شهيد حرية، وأن ينطبق عليه قانون الشهداء مادياً ومعنوياً".
وخلال مؤتمر صحفي بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، أطلق أسرى محررون من مختلف الفصائل الفلسطينية مبادرة تتضمن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في وفاة "بنات"، يرأسها قاضٍ سابق، وعضوية ممثلين عن مؤسسة الحق والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وممثل عن عائلة "بنات"، على أن تسهل السلطة الفلسطينية عملها.
من جهته، أعلن الناطق باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية، طلال دويكات، في تصريح متلفز، السبت، أن لجنة تحقيق في ظروف وفاة "بنات" بدأت أعمالها، وستعلن النتائج فور الانتهاء منها.
كذلك، دعا الأسرى المحررون في مبادرتهم إلى "إقالة محافظ الخليل اللواء جبرين البكري، وإيقاف كل من شارك في اعتقال وتعذيب نزار بنات، والمسؤولين المباشرين عن ذلك"، مؤكدين على حق التظاهر، وأن أي اعتداء على المتظاهرين يعتبر جريمة تستوجب المحاسبة.
وطالبوا الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالدعوة إلى اجتماع للأمناء العامين للفصائل وممثلين عن الفعاليات والأطر الشعبية لإطلاق حوار وطني لمعالجة كافة قضايا الشأن الفلسطيني لإنجاز الوحدة الوطنية والإصلاح الداخلي وعقد الانتخابات.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ صيف 2007، يسود انقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب خلافات لا تزال قائمة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، بزعامة عباس.
كما دعا عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، حسين الشيخ، الأحد، إلى "الاحتكام للقانون والنظام وحماية وحدتنا الوطنية"، منوهاً إلى أن "فتح كانت وما زالت تؤمن أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد في حماية وصيانة مشروعنا التحرري القائم على تحديد الأولويات بالتناقض المركزي مع المحتل".
بدوره، أوضح عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب، عصام بكر، أن اللجنة قررت تشكيل جبهة للحفاظ على السلم الأهلي، من قوى ومؤسسات وشخصيات وتجمعات، لمنع أي زعزعة للاستقرار الداخلي، والذهاب باتجاه التصعيد للمقاومة الشعبية مع الاحتلال.
فيما قالت حنان عشراوي، العضوة السابقة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عبر تويتر: "أناشد أخواتي وإخوتي في الإعلام الرسمي عدم توصيف الحراك الشعبي (في قضية بنات) بالمشبوه أو المدسوس أو العميل أو الطابور الخامس أو محاولة انقلابية من قِبل حماس، إلخ".
"استياء أوروبي"
في وقت سابق من يوم الأحد، أعرب الاتحاد الأوروبي عن استيائه الشديد حيال التجاوزات ضد المتظاهرين الفلسطينيين في رام الله بالضفة الغربية.
جاء ذلك وفق بيان مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي في القدس، سفين كوهان بورغسدورف، غداة تفريق أجهزة الأمن الفلسطينية مظاهرة نظمتها مؤسسات المجتمع المدني؛ احتجاجاً على وفاة "بنات".
البيان الأوروبي انتقد سلوك قوات الأمن الفلسطينية ضد المتظاهرين الفلسطينيين في رام الله، لافتاً إلى أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، أفادوا بوقوع انتهاكات ضد الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان.
فيما طالب الاتحاد الأوروبي، السلطة الفلسطينية بـ"حماية حقوق الإنسان وضمان حرية التعبير"، معتبراً أن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين "أمر غير مقبول ويجب التحقيق فيه لمحاسبة المسؤولين"، حسب البيان.
كما أشار مسؤول الإعلام في مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي في القدس شادي عثمان، إلى أن هناك تواصلاً وحواراً مع السلطة الفلسطينية لإيصال وجهة النظر الأوروبية.
كانت أجهزة الأمن الفلسطينية قد فرقت، السبت 26 يونيو/حزيران 2021، مظاهرة نظمتها منظمات المجتمع المدني في رام الله، تنديداً بوفاة المعارض نزار بنات، ما أدى لإصابة واعتقال عدد من المشاركين فيها.
في هذا الإطار، نُظمت مظاهرات ومسيرات، منذ الخميس الماضي، في عدد من مدن الضفة الغربية، تنديداً بـ"وفاة" بنات.
من المقرر تنظيم تظاهرات مساء الأحد، لليوم الرابع على التوالي، في منطقتي رام الله والخليل حيث كان يقيم بنات.
يشار إلى أن محكمة صلح رام الله بالضفة الغربية قررت الإفراج عن جميع الموقوفين على خلفية المظاهرة.
جدير بالذكر أن بنات، الذي ترشح سابقاً لخوض الانتخابات المقبلة، يعدّ ناشطاً اجتماعياً معروفاً، وقد اتهم السلطة الفلسطينية بالفساد في قضايا منها اتفاق لم يدم طويلاً مع إسرائيل لتوفير لقاحات واقية من كوفيد-19 هذا الشهر وتأجيل الرئيس محمود عباس الانتخابات في مايو/أيار.