قضت محكمة في الولايات المتحدة، الأربعاء 23 يونيو/حزيران 2021، بالسجن لمدة 23 سنة بحقّ مترجمة أمريكية كانت تعمل مع البنتاغون واعترفت بأنّها سرّبت لرجل مرتبط بحزب الله اللبناني أسماء مخبرين للجيش الأمريكي في العراق، إثر اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني بغارة جوية أمريكية في بغداد.
وزارة الخارجية الأمريكية قالت في بيان نقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية إنّ المترجمة مريم طومسون (62 عاماً) أبرمت مع النيابة العامّة اتفاقاً أقرّت بموجبه بأنّها مذنبة بالتّهم الموجّهة إليها، وأضاف البيان أنّ طومسون اعترفت بأنّها زوّدت رجلاً لبنانياً بمعلومات عسكرية سريّة مع علمها بأنّه سينقلها بدوره إلى حزب الله.
وقال البيان نقلاً عن جون ديمرز، المسؤول عن شؤون الأمن القومي في وزارة الخارجية الأمريكية، إنّ العقوبة التي صدرت بحقّ طومسون "تعكس خطورة أفعالها: لقد خانت ثقة الشعب الأمريكي والمصادر التي عرّضتها للخطر والجنود الذين عملت معهم".
وأظهرت وثائق المحاكمة أنّ طومسون كانت تعمل مترجمة فورية في قاعدة عسكرية في الخارج عندما نسجت، في العام 2017، علاقة عبر تطبيق فيديو مع رجل أفصح لها أنّه مرتبط بحزب الله اللبناني، و"قد أصبحت، مع مرور الوقت، مهتمّة به عاطفياً".
وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، وُضعت هذه المترجمة في خدمة القوات الخاصة الأمريكية في أربيل، عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق، وذلك في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة بشنّ ضربات على ميليشيات موالية لإيران.
وبلغت هذه الضربات ذروتها في 3 كانون الثاني/يناير حين اغتالت طائرة أمريكية مسيّرة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني قرب مطار بغداد.
وبعيد اغتيال سليماني طلب الرجل اللبناني من صديقته الأمريكية تزويده بأسماء المخبرين الذين قد يكونون ساعدوا الولايات المتحّدة في اغتيال سليماني، فما كان من طومسون إلا أن راجعت ملفّات العديد من مخبري الجيش الأمريكي في العراق وزوّدت صديقها بأسماء ثمانية منهم على الأقلّ، بالإضافة إلى معلومات عن تكتيكات الولايات المتّحدة.
اعتراف المترجمة بالتجسس لصالح حزب الله
أقرَّت مريم طه (63 عاماً)، التي عملت لغويةً متعاقدةً مع الجيش الأمريكي من 2006 إلى 2020، بالذنب في إحدى جرائم تقديم معلوماتٍ تتعلَّق بالدفاع الوطني لمساعدة حكومة أجنبية.
أُلقِيَ القبض على مريم، التي وُلِدَت في لبنان وأصبحت مواطنةً أمريكية عام 1993، في فبراير/شباط 2020 بقاعدة العمليات الخاصة الأمريكية في مدينة أربيل العراقية.
يقول المُدَّعون إنها استخدمت تصريحها السري للغاية لتمرير أسماء أصول المخابرات الأمريكية إلى المواطن اللبناني الذي كانت على علاقةٍ عاطفية به 1997.
وفقاً لوثائق المحكمة، زُعِمَ أن المواطن اللبناني الذي لم يُذكَر اسمه، والذي وُصِفَ بأنه "ثريٌّ وذو علاقاتٍ جيِّدة"، قد تلقَّى خاتماً من زعيم حزب الله، حسن نصر الله، وأن له ابن أخ يعمل في وزارة الداخلية اللبنانية.
عرضت حياة أفراد الجيش الأمريكي للخطر
بعد غارةٍ جوية أمريكية قتلت قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ديسمبر/كانون الأول 2019، طلب المواطن اللبناني من مريم تزويد حزب الله بمعلوماتٍ حول الأصول البشرية التي ساعدت الولايات المتحدة على استهداف سليماني، وفقاً للمُدَّعين العامين.
على مدار ستة أسابيع قبل اعتقالها في فبراير/شباط 2020، زوَّدَت مريم المواطن اللبناني بهويات 10 أشخاص على الأقل من الأصول البشرية السرية، علاوةً على 20 هدفاً أمريكياً على الأقل، وتكتيكات وتقنيات وإجراءاتٍ متعدِّدة، بحسب وزارة العدل الأمريكية.
بينما قال مساعد المُدَّعي العام جون ديمرز، في بيان، إن "مريم عرَّضَت حياة أفراد الجيش الأمريكي للخطر، علاوةً على غيرهم من الأفراد الذين يدعمون الولايات المتحدة في منطقةٍ يجري فيها قتال، عندما نقلت معلوماتٍ سرية إلى شخصٍ كانت تعرف أنه ذو صلةٍ بحزب الله اللبناني".
اعتقال مريم وترحيلها من العراق
حسب القائم بأعمال مساعد مدير شعبة مكافحة التجسس في "إف بي آي" روبرت ويلز، فإن المكتب تمكن من إحضار المتهمة إلى الولايات المتحدة من العراق "لمواجهة العدالة"، وفقاً لما نشره موقع الحرة الإخباري.
بعد أن كشفت التحقيقات أنها ابتداءً من 30 ديسمبر/كانون الأول 2019، أي بعد يوم من الغارات الجوية الأمريكية على ميليشيات مدعومة من إيران في العراق، وفي اليوم الذي اقتحم محتجون فيه السفارة الأمريكية في العراق، أظهرت سجلات تحولاً ملحوظاً في نشاط المتهمة على أنظمة وزارة الدفاع، بما في ذلك الوصول المتكرر إلى معلومات سرية لم تكن بحاجة إلى الوصول إليها.
بعد تفتيش مكان إقامتها، تم العثور على "مذكرة" مكتوبة بخط اليد باللغة العربية مخبأة تحت مرتبة سريرها، وتحتوي على معلومات سرية قامت بنقلها إلى "متآمر" كانت على علاقة رومانسية معه.