يوماً بعد آخر، يزداد التباعد بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وصهره ومستشاره السابق جاريد كوشنر، خاصة في ظل إصرار الأول على مزاعمه بشأن تزوير انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية عام 2020، فضلاً عن استيائه وتشكيكه فيما يوصف بإنجازات كوشنر الخاصة بملف التطبيع مع إسرائيل، وذلك طبقاً لما أوردته شبكة CNN الأمريكية.
حيث أشارت تقارير إلى أن ترامب بدأ خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة المُحاصر، في شهر مايو/أيار الماضي، في التساؤل عما إذا كان كوشنر قد حقق "السلام في الشرق الأوسط بشكل حقيقي في نهاية المطاف"؟
بينما لم يردَّ متحدث باسم ترامب، على الفور، على طلب موقع The Business Insider الأمريكي، التعليق على هذه القضية.
يشار إلى أن كوشنر كان مُكلَّفاً بقيادة نهج إدارة ترامب تجاه عملية التطبيع في الشرق الأوسط.
كانت تقارير أمريكية قد لفتت إلى أن كوشنر يعتزم إطلاق مؤسسة لتشجيع "التطبيع" بين الدول العربية وإسرائيل.
هذه المؤسسة التي ستحمل اسم "معهد اتفاقات أبراهام للسلام"، ستكون "غير حزبية وغير ربحية، وسيتم تمويلها من خلال التبرعات الخاصة"، وستُقدم تحليلاً لفوائد التطبيع والفوائد المحتملة التي يمكن أن تحصل عليها دول عربية إضافية، إذا انضمت إلى "اتفاقات أبراهام".
خطة كوشنر للتطبيع
لكن "خطة سلام" كوشنر، التي كُشِفَ النقاب عنها أخيراً، لم تتضمَّن مشاورات أو مفاوضات مع القادة الفلسطينيين، ورفضها الخبراء؛ باعتبارها ليست أكثر من حيلة علاقات عامة لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو -المتحالف بشكل وثيق مع ترامب- قبيل أحد الانتخابات. ورفض القادة الفلسطينيون الخطة رفضاً قاطعاً، ونددوا بها باعتبارها "صفعة القرن".
كوشنر، الذي يعد مهندس خطة السلام الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن"، ساعد نتنياهو في تسهيل "اتفاقات أبراهام"، التي طبَّعت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل واثنتين من دول الخليج العربية.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت إسرائيل اتفاقاً لتطبيع العلاقات مع الإمارات، ولاحقاً مع البحرين، وأعلنت الخرطوم في الشهر التالي موافقتها على تطبيع العلاقات مع تل أبيب، ليعلن المغرب، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، خطوة مماثلة.
كان كوشنر قد تبنّى نبرة متفائلة فيما يتعلق بتأثيره على السلام في الشرق الأوسط، وذلك قبل أسابيع فقط من اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، بحسب مقال رأي نُشِرَ بصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في مارس/آذار الماضي.
العدوان الإسرائيلي على غزة
حينها كتب كوشنر: "إننا نشهد آخر بقايا ما كان يُعرَف بالصراع العربي الإسرائيلي"، واصِفاً المشكلات بين إسرائيل والفلسطينيين بأنَّها "ليست أكثر من خلاف عقاري".
فيما أدانت العديد من الجهات والمنظمات الحقوقية الدولية معاملة إسرائيل للفلسطينيين باعتبارها صورة من صور الفصل العنصري "الأبارتيد".
إلا أنه بعد شهرين تقريباً فقط من كتابة كوشنر لهذا الأمر، أسفرالعدوان على غزة عن أكثر من 290 شهيداً، بينهم 69 طفلاً، و40 سيدة، و17 مسناً، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة، منها 90 صُنفت على أنها "شديدة الخطورة".
في المقابل، أسفر قصف المقاومة الفلسطينية عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى إلى مقتل 13 إسرائيلياً بينهم ضابط، في حين أُصيب أكثر من 800 آخرين بجروح، إضافة إلى تضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف بعض المطارات أياماً طويلة.
في هذا الإطار، أكد موقع The Business Insider الأمريكي أنَّ تعامل إدارة ترامب إجمالاً مع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أدى إلى إشعال التوترات في المنطقة، وتقويض هدف حل الدولتين الذي تبنَّته الحكومة الأمريكية طويلاً.
تماهي ترامب مع نتنياهو
في حين تفيد تقارير بأن ترامب اتخذ خطواتٍ مثيرة للجدل تماشياً مع أجندة نتنياهو اليمينية، مثل نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، والاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان، وإعلان أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية متعارضة مع القانون الدولي.
تجدر الإشارة إلى أن التوتر كان قد تصاعد في قطاع غزة بشكل كبير، بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضده في 10 مايو/أيار 2021، تسببت بمجازر ودمار واسع في منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية وإعلامية، وأراضٍ زراعية، إضافة إلى شوارع وبنى تحتية في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني، قبل بدء وقف لإطلاق النار.
إلا أنه مع فجر الجمعة 21 مايو/أيار الماضي، بدأ سريان وقف لإطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة مصرية ودولية، بعد 11 يوماً من العدوان.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت؛ إثر اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إجلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
يُذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية، حيث يقع المسجد الأقصى، خلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967، كما ضمت مدينة القدس بأكملها عام 1980، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.