انتهت اليوم الأربعاء 23 يونيو/حزيران 2021، فعاليات مؤتمر برلين 2 حول الملف الليبي، والذي دعا في بيانه إلى إخراج جميع المرتزقة من البلاد دون تأخير.
ودعا بيان المؤتمر المنعقد بالعاصمة الألمانية برلين، مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة إلى الاتفاق على المناصب السيادية وعقد انتخابات "حرة ونزيهة" في وقتها المُحدد في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، والتي "ستسمح للشعب الليبي بانتخاب حكومة موحدة تمثلهم".
كما لفت البيان إلى ضرورة ضمان التخصيص العادل والشفاف للموارد في جميع أنحاء ليبيا، واتخاذ خطوات جادة نحو توحيد المؤسسات الليبية وإنهاء الانتقال السياسي، إضافة إلى الالتزام بالعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في ليبيا.
عقوبات أوروبية غير موحدة
في الوقت الذي أصدر فيه مؤتمر برلين بيانه الختامي، وقبلها بأيام أشرف رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة، على الفتح الجزئي للطريق الساحلي الذي يربط شرق البلاد بغربها، قرر المجلس الوزاري الأوروبي تعديل نظام عقوباته المعمول بها حالياً على ليبيا، والمفروضة على معرقلي استقرار هذا البلد.
ويفتح هذا التعديل الباب أمام الأوروبيين فرصة فرض عقوبات مستقبلية على شخصيات وهيئات ليبية، تُتهم بالقيام بتصرفات تُعرقل إجراء الانتخابات بنهاية العام الجاري، وتُساهم في تهديد الأمن والسلام والاستقرار بالبلاد.
عبدالمنعم بالكور، عضو مجلس النواب الليبي، قال إنه "من المفترض على الاتحاد الأوروبي أن يفرض عقوبات على معرقلي فتح الطريق الساحلي وغيره من الأمور التي أصبحت واضحة للعيان".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "قانون العقوبات الذي فرضه الاتحاد الأوروبي هو تجميد الأرصدة، ومنع السفر، وبطبيعة الحال وفي ظل الرقابة على حركة الأموال، فإن الليبيين لا يملكون أي أموال في بنوك أوروبية ولم يسافروا إلى أوروبا منذ فترة".
وأشار المتحدث إلى أنه "فيما سبق وضع الاتحاد الأوروبي عقوبات على رئيس البرلمان عقيلة صالح، وفرض أيضاً عقوبات على رئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين، والعديد من العقوبات إبان اتفاق الصخيرات في 2016، وبعدها تم رفع هذه العقوبات واستُقبل عقيلة صالح في كل الدول الأوروبية، وبذلك لن تكون إجراءات فرض العقوبات على أية شخصية ليبية مُعرقلة للمسار الديمقراطي في ليبيا، جادة".
ويرى بالكور أن "دول الاتحاد الأوروبي ليست الطرف الوحيد في الملف الليبي، بل هناك دول أمريكا، وروسيا، ومصر، وتركيا، ودول المحيط العربي، والتي لها دور فعال في الملف الليبي".
وأوضح المتحدث أن "دول الاتحاد الأوروبي ليست متفقة على رؤية واحدة تجاه القضية الليبية، إذ إن فرنسا ترى الملف الليبي بعكس ما تراه بريطانيا، التي خرجت مؤخراً من الاتحاد، وبعكس ما تراه إيطاليا، فيما تملك اليونان رؤيةً مغايرة تماماً".
هل تدعم أوروبا الانقلاب؟
وفي السياق ذاته أكد عضو مجلس الدولة الليبي بالقاسم دبرز، أن "بعض دول الاتحاد الأوروبي غير عادلة وغير نزيهة، بسبب انحيازها إلى أحد الأطراف وداعمة للانقلاب العسكري في ليبيا".
وقال المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست"، إن "القضية الليبية من اختصاص الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومن المفروض أن لا ينفرد الاتحاد الأوروبي وحتى الاتحاد الإفريقي وغيره بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية الليبية".
وطالب المتحدث الأمم المتحدة بـ"فرض عقوبات على كل من ثبت عليه، أو ارتكب، أو سعى لمنع الانتخابات، أو تعطيلها، من الأشخاص والمؤسسات، خصوصاً بالمنطقة الشرقية والجنوبية التي تقع تحت هيمنة متمرد انقلابي يسمي نفسه قائداً عاماً للجيش".
ماذا بعد مؤتمر برلين 2؟
انصبَّ تركيز مؤتمر برلين 2 على الاستعداد للانتخابات الوطنية الليبية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وعلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، إضافة إلى توحيد القوات الأمنية والعسكرية الليبية، وفق الخارجية الألمانية.
رئيس حزب الجبهة الوطنية، عبدالله الرفادي، اعتبر في حديثه مع "عربي بوست"، أن "مؤتمر برلين مهم لمن يعوّلون على الخارج، ولمن رهنوا مصيرهم ومصير بلادهم بالخارج".
وقال المتحدث: "نحن بالتأكيد نعيش في عالم أصبح متشابك المصالح، لكن هذا التشابك لابد أن يرتبط بشيءٍ اسمه (الإرادة)، التي إذا فُقدت أمام الأطماع والتهديد، والتآمر، وتشابك المصالح فُقد الوطن، ربما ليس بشكل فقدان الأرض، لكن بفقدان القرار".
وأضاف المتحدث: "إذا أردنا أن نُخرج بلادنا فعلاً من مستنقع الحروب والصراعات ودوامات الأطماع والمصالح الإقليمية والدولية، علينا أولاً أن نسترد إرادتنا قبل حتى استرداد حريتنا، وبرلين بكل أرقامه هو إعادة لكل ما صدر قبله وأجبرنا على قبوله وانتهى إلى ما نحن فيه".
ويرى الرفادي أن "مؤتمر برلين 2 قد يكون مهماً لو أن الإرادة الدولية صادقة، هذه الأخير التي تُعبر عن نيةٍ غير جديةٍ، وأنهم سيدفعون باتجاه الضغط لتحقيق الانتخابات البرلمانية بما يُحقق الخير للبلاد بعيداً عن مصالح الإمارات وغيرها من دول محور الشر"، حسب المتحدث.