كشف تحقيق أجرته "طومسون رويترز" ونشر الخميس 17 يونيو/حزيران 2021، أن المصارف في لبنان "ابتلعت" ما لا يقل عن 250 مليون دولار من أموال المساعدات الإنسانية الأممية المخصصة للاجئين والمجتمعات الفقيرة في البلاد.
التحقيق قال إن مسؤول إغاثة ودبلوماسيين من الدول المانحة للبنان، قالوا إن "ما بين ثلث ونصف المساعدات النقدية المباشرة التي قدمتها الأمم المتحدة في لبنان امتصتها البنوك منذ بداية الأزمة عام 2019″، بينما أكدت تقارير تدهور أوضاع اللاجئين السوريين بلبنان.
أضاف المسؤول الإغاثي أنه خلال عام 2020 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 "استبدلت البنوك الدولارات التي تسلمتها من وكالات الأمم المتحدة بما يعادلها بالليرة اللبنانية على سعر صرف أقل بمعدل 40% في المتوسط من سعر السوق، وتلقى لبنان نحو 1.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية خلال العام 2020".
المصارف اللبنانية تتبرأ
في المقابل، اعتبر أمين سر جمعية المصارف، تنال الصباح، في حديث لموقع "الحرة" الأمريكي، أن "الجمعية لا علاقة لها بهذا الأمر".
كما أوضح الصباح أن "الاتهامات الواردة في التقرير تعني المصارف التي تلقت الأموال من منظمات ومؤسسات دولية"، قائلاً إنه لا يعلم كيف تعاملت هذه المصارف مع ما تلقته من تحويلات بالدولار فيما يخص اللاجئين.
تنبع الأزمة الاقتصادية في البلاد من تدهور قيمة العملة الوطنية، منذ أواخر عام 2019، وهو ما دفع مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة. ويحمل المودعون اللبنانيون المصارف بنهب ودائعهم وأموالهم.
فيما وصل سعر صرف رسمي في البنك المركزي عند 1507.5 ليرة لكل دولار واحد، سعر صرف منصة "صيرفة"، التابعة لمصرف لبنان بسعر 12000 ليرة لبنانية للدولار الواحد، أما في السوق السوداء فيسجل الدولار في الأيام الثلاثة الأخيرة حوالي 15000 ليرة لبنانية.
ضغوط على اللاجئين السوريين
من جهتها، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن مدى الضغوط القاسية والقاهرة التي بات يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان لإجبارهم على العودة إلى بلادهم التي لا تزال تعاني أوضاعاً أمنية مضطربة وظروفاً معيشية صعبة للغاية.
كما طالب الرئيس ميشال عون المجتمع الدولي بالإسهام في عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
بحسب بيان للرئاسة نشرته عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، طالب عون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالعمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

قال: "من المستحيل الاستمرار في استقبال العدد الضخم من النازحين السوريين، وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة العمل على إعادتهم إلى قراهم في سوريا التي باتت آمنة".
مطالبة عون جاءت خلال لقائه، ميمونة محمد شريف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
عما تتلقاه بيروت من مساعدات دولية بسبب هؤلاء اللاجئين، أكد عون أن تلك المساعدات ليست كافية، قائلاً إن "النزوح السوري تضاعف خلال سنوات الحرب".
عن تفاصيل أعداد اللاجئين السوريين وما يتكلفه لبنان جراء ذلك، قال عون إن أعدادهم وصلت إلى مليون و800 ألف، لافتاً إلى أن بيروت تتكبد بسبب هذا الملف 45 مليار دولار.
مشاكل الاقتصاد اللبناني
بدوره، يعتبر الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، لموقع "الحرة"، أن المقاربة في التحقيق "غير دقيقة" من الناحية العلمية، لاسيما لجهة اعتماده على سعر السوق، الأمر الذي رأى فيه اعترافاً بالسوق غير القانونية.
شدد عجاقة على أنه "لا يوجد سعر سوق في البلاد، لا سيما أن المنصة لا تعتبر سوقاً، وعليه فالحديث عن أن السعر المعتمد في السوق السوداء يعكس الواقع هو أمر غير سليم"، قائلاً: "هو سعر تهريب وليس سعر السوق".
اعتبر أن "السعر الواقعي في لبنان هو حوالى 7000 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، إذا تمت مقارنة الكتل النقدية بالليرة اللبنانية بالكتلة النقدية بالدولار الأمريكي بحسب الاحتياطي"، مشدداً على عدم دفاعه عن المصارف، مقراً بـ"صحة ما ذكر في التقرير، لجهة ما تقوم المصارف من تحويلات عند تسلمها للتحويلات الأجنبية".
قبل الأزمة، كان اللاجئون والفقراء من اللبنانيين يتلقون معونة شهرية قدرها 27 دولاراً، أي ما يعادل 40.500 ليرة، من برنامج الأغذية العالمي. حالياً، ارتفع المبلغ إلى نحو 100 ألف ليرة للفرد، لكن قيمته الحقيقية باتت لا تتجاوز سبعة دولارات تقريباً، على حسب ما ورد في التقرير.