كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية، عن ضغوطٍ تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على الإمارات لإزالة شركة "هواوي" الصينية من شبكة الاتصالات الخاصة بها واتخاذ خطوات أخرى لإبعاد نفسها عن بكين.
الوكالة أوضحت في تقرير نشرته الجمعة 11 يونيو/حزيران 2021، أن هذا الضغط الأمريكي أثار شكوكاً فيما يتعلق بإتمام الصفقة المزمعة بين البلدين، والتي تبلغ قيمتها نحو 23 مليار دولار من مقاتلات "إف 35" F-35 وطائرات مسيَّرة، واحتمال أن تكون على المحك، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
مهلة 4 سنوات أمام الإمارات
أشار ثلاثة أشخاص مطلعين على المفاوضات، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إلى أن الولايات المتحدة طلبت من الإمارات إزالة معدات "هواوي" من شبكاتها في غضون السنوات الأربع المقبلة- قبل الموعد المقرر لحصولها على مقاتلات "إف 35" في عام 2026 أو 2027- لكن المسؤولين الإماراتيين ردَّوا بأنهم سيحتاجون إلى فترة أطول من ذلك، بالإضافة إلى بديل للشبكة الصينية بأسعار معقولة.
من ثم انصرفت المفاوضات بدرجةٍ ما إلى مناقشة جدوى الحصول على معدات بديلة من شركة "سامسونغ" Samsung Electronics Co. أو شركة "إريكسون" Ericsson AB أو شركة "نوكيا" Nokia Oyj.
يُذكر أن الخلاف حول استعانة الإمارات بشبكة "هواوي" الصينية كان قد احتدم مع الولايات المتحدة منذ إدارة ترامب، وحينها حاول المسؤولون الأمريكيون- دون جدوى- إقناعَ الإمارات بالتراجع عن المسار الذي شرعت فيه بإنشاء علاقات عسكرية واقتصادية أقوى مع الصين، التي تعمل في المقابل على زيادة نفوذها في الشرق الأوسط.
فيما قالت مصادر مطلعة على الوضع إن مسؤولي الإمارات كانوا قد نجحوا في البداية بإقناع المسؤولين الإماراتيين بالتخلي عن "هواوي"، واستباق أي خطط صينية لإنشاء قواعد لها في المنطقة، إلا أن الإماراتيين عادوا بعد ذلك وتمسَّكوا بتعبيرات أكثر غموضاً فيما يتعلق بموقفهم من "هواوي" في الصفقة التي أبرمت في الساعات الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب.
خلافات بشأن صفقة "إف 35"
بعد وصول جو بايدن إلى الحكم، أعلنَ عن مراجعة لصفقة بيع المقاتلات من طراز "إف 35" إلى الإمارات، ويُفترض أن عملية البيع عادت إلى مسارها في الوقت الحالي.
لكن أشخاصاً مطلعين على الأمر قالوا إن الخلافات حول ما توافقت عليه الولايات المتحدة والإمارات- بشأن "هواوي" وغيرها من المخاوف المتعلقة باستعمال التكنولوجيا الصينية- خلافات جادة؛ لدرجة تستدعي القول إنه لا ضمان على الإطلاق بأن تحصل الإمارات على صفقة المقاتلات الأمريكية.
بحسب الوكالة الأمركية، يقدِّم الموقف الحالي مؤشراً مبكراً يدل على أن إدارة بايدن ستواصل جهود فريق ترامب فيما يتعلق بالضغط على حلفاء الولايات المتحدة لحظر شركة "هواوي"، كبرى شركات التكنولوجيا الصينية، من أنظمة الجيل الخامس بداعي أن معداتها قد تستخدم للتجسس لصالح الحكومة الصينية، وإن أنكرت الصين هذا الاحتمال.
من جانبهم، امتنع المسؤولون الأمريكيون عن الإفصاح علناً عما إذا كانوا قد طالبوا الإمارات حقاً بإزالة شبكة "هواوي" واستبدالها.
مخاوف أمريكية
مع ذلك، قال ستيفن أندرسون، القائم بأعمال نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الاتصالات الدولية وسياسة المعلومات، في بيان: إن "إدارة بايدن تنظر إلى أمان شبكة الجيل الخامس 5G على أنه أولوية قصوى. وتعمل الولايات المتحدة مع الحلفاء والشركاء لدعم سلسلة توريد متنوعة توفر معدات وخدمات اتصالات سلكية ولاسلكية جديرة بالثقة".
بينما قال شخص مطلع على الموقف التفاوضي لدولة الإمارات، طلب عدم ذكر اسمه، إن الإمارات تتفهم أهمية حماية التكنولوجيا الحساسة، وأضاف أن المحادثات أحرزت تقدماً جيداً وأن هناك متسعاً من الوقت للعمل على التفاصيل الفنية.
أما وزارة الخارجية الصينية، فقالت في بيان: "نتفق مع الرأي الذي يذهب إلى أن التعاون الصيني الإماراتي يخدم المصالح المشتركة للجانبين ويفيد الشعبين، وأن لا شأن لأي أطراف أخرى بذلك وألا تسامح مع أي تدخل لطرفٍ ثالت".
توازن حساس في المنطقة
من جهة الولايات المتحدة، فإن الحفاظ على التوازن في هذا الموضوع أمر ذو حساسية: إذ إن الإمارات لها دور مهم في المنطقة، وكانت المحرك الرئيسي وراء اتفاقات أبراهام التي أفضت إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكن الضغط المفرط على القادة الإماراتيين بشأن "هواوي" يهدد بدفع الإمارات- ودول أخرى- إلى أحضان الصين.
في المقابل، تقول كارين يونغ، وهي زميلة بارزة في معهد الشرق الأوسط، إن توسيع الإمارات لنطاقِ علاقاتها مع الصين "يثير توترَ الحكومة الأمريكية، لكن أوان التراجع عن ذلك قد فات".
مع ذلك، تستدرك كارين بالقول: "لا أعتقد أنهما سيكونان صديقين حميمين في أي وقت، ولن تتحول الصين أبداً إلى الضامن لأمن الخليج، لكن [العلاقات معها] مفيدة".