ما زال الغموض يسود الأوساط السياسية والإعلامية في إسرائيل بعد امتناع الجهات الرسمية حتى الآن عن التصريح بالهوية المفترضة للجندي الذي كشفت كتائب القسام مساء الأحد 6 يونيو/حزيران 2021، عن رسالته المسجلة، وسط سيل من التكهنات والتصريحات المتناقضة.
وللمرة الأولى، نشرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في وقت سابق الأحد، تسجيلاً صوتياً منسوباً لجندي إسرائيلي تقول إنه أسير في غزة، وتحتفظ "حماس" بأربعة إسرائيليين، هم: جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف 2014، شاؤول أرون وهدار غولدين، (دون الإفصاح عن مصيرهما ولا وضعهما الصحي) وآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية، وهما أفيرا مانغيستو، وهشام السيد.
غموض وتكهنات
ففي الوقت الذي علّقت فيه الحكومة الإسرائيلية على ما نشرته المقاومة الفلسطينية بادعائها أنه يندرج تحت إطار الحرب النفسية، إلا أنها لم تؤكد من قريب أو من بعيد صحة التسجيل الصوتي، أو بالأحرى هُوية الجندي الذي يعود له هذا التسجيل، وهو ما ترك الباب مفتوحاً أمام سيل من التكهنات.
فبعد أقل من ساعة من الكشف عن التسجيل الذي جاء خلال برنامج "ما خفي أعظم" لقناة الجزيرة، قالت القناة 12 الإسرائيلية إن المؤسسة الأمنية بدأت بفحص التسجيل الصوتي الذي بثته "القسّام"، فيما تعتقد أنه يعود للجندي الإسرائيلي الأسير في غزة "أفيرا مانغيستو".
تكهنات كثيرة وافقت الرأي مع ما قالته القناة 12، وذلك بناءً على تحليل ما تضمنه التسجيل من قول الجندي الإسرائيلي إن دولة إسرائيل تفرّق بين جنودها، وهو ما اعتقد الكثيرون أنه إشارة إلى الجندي من أصل إثيوبي مانغيستو.
إلا أن والدة الجندي مانغيستو خرجت بعد فترة قصيرة عبر وسائل إعلام إسرائيلية لتؤكد أن الصوت الذي تضمنه التسجيل ليس صوت ابنها بشكل قاطع.
حيث قالت والدة أفيرا مانغيستو لقناة 12 الإسرائيلية: "سمعت التسجيل مثل أي شخص آخر، ويمكنني أن أقول بشكل لا لبس فيه إن هذا ليس ابني، إنه ليس صوته، أنا أنتظر ابني وآمل أن ألتقي به في أقرب وقت".
عائلة الأسير هشام السيد أيضاً أكدت لوسائل إعلام إسرائيلية أن الصوت المسجل لا يعود لابنها.
بعد التأكيدات التي أطلقتها عائلات الأسيرين مانغيستو والسيد، راحت بعض التحليلات التي تناولها مغردون إلى الإشارة إلى احتمالية أن يكون الصوت عائداً للأسير شاؤول أرون.
تعود قوة هذه الفرضية إلى ما نشرته كتائب القسّام في عام 2016 من مقطع فيديو تمثيلي يُظهر الجندي الإسرائيلي الأسير شاؤول آرون وهو على كرسي متحرك، ويحتفل بعيد ميلاده.
تغريدات أخرى نقلت عن مختصين قولهم إن الصوت في التسجيل يدل على أن الجندي الذي كان يتحدث يعاني من إصابة بالغة تؤثر على نطقه، وهو ما يرجح أن يكون شاؤول أرون هو المقصود بذلك.
الموقف الرسمي لإسرائيل
في أول تعليق للحكومة الإسرائيلية على ما جاء في برنامج "ما خفي أعظم"، قالت إن ما نشرته المقاومة الفلسطينية هو حرب نفسية، مشيرة إلى أنها ستعمل على استعادة أسراها لدى حركة المقاومة في قطاع غزة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، وصف، في بيان، تسجيل "حماس" بأنه "تلاعب"، وأضاف: "نحن مدركون جيداً لوضع هدار غولدين وشاؤول آرون وأفيرا مانغيستو وهشام السيد (الأسرى الإسرائيليين في غزة)".
هذا التصريح اعتبره بعض المحللين اعترافاً ضمنياً بمعرفة الحكومة بوضع الأسيرين غولدين وآرون، وتراجعاً عن ادعائها المستمر بأنهما قتيلان، وأن حماس تحتفظ بجثتيهما فقط.
التسجيل الصوتي
وللمرة الأولى نشرت كتائب عز الدين القسام، في وقت سابق الأحد، تسجيلاً صوتياً منسوباً لجندي إسرائيلي تقول إنه أسير في غزة، وتحتفظ "حماس" بأربعة إسرائيليين، هم: جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما ولا وضعهما الصحي) وآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.
وجاء التسجيل ضمن وثائقي بعنوان "ما خفي أعظم"، بثته قناة "الجزيرة" القطرية، حول خفايا وتفاصيل صفقة تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، عام 2011.
التسجيل الصوتي للجندي الإسرائيلي كشف عن دعوته الحكومة الإسرائيلية لبذل الجهد لتحريره من الأسر. وقال الجندي الإسرائيلي في التسجيل: "إنني أتمنى أن دولة إسرائيل لا تزال تعمل على استعادتنا، وثانياً، أتساءل: هل زعماء الدولة يفرقون بين الجنود الأسرى؟".
أضاف الجندي الإسرائيلي: "هل يتطرقون لهم ويعملون على إطلاق سراحهم؟ إنني أموت كل يوم من جديد، وأشعر بالأمل في أن أكون عما قريب في حضن عائلتي".
فيما لم تُفصح "القسام" عن هوية الجندي الإسرائيلي المنسوب له التسجيل الصوتي ولا أي تفاصيل أخرى بشأنه.
وتحت اسم "وفاء الأحرار"، تمت في أكتوبر/تشرين الأول 2011، صفقة أطلقت إسرائيل بموجبها سراح 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل إفراج "حماس" عن جلعاد شاليط، وهو جندي إسرائيلي أسرته المقاومة في غزة، صيف 2006.
وتعتقل إسرائيل نحو 4650 فلسطينياً، بينهم 39 سيدة وحوالي 180 قاصراً، حسب نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، فيما بلغ عدد المعتقلين إدارياً (من دون محاكمة) نحو 500، بحسب مؤسسات معنية بشؤون الأسرى.
وحالياً، تتوسط مصر بين إسرائيل و"حماس" لإبرام صفقة جديدة لتبادل الأسرى، في أعقاب مواجهة عسكرية بين تل أبيب وفصائل المقاومة في غزة، استمرت 11 يوماً وانتهت بوقف لإطلاق النار، فجر 21 مايو/أيار الماضي.