واجه حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" CDU الألماني بزعامة أنغيلا ميركل تحدياً قوياً من اليمين المتطرف في انتخابات ولاية سكسونيا، الأحد 6 يونيو/حزيران 2021 التي يُنظر إليها على أنها آخر اختبار كبير للأحزاب السياسية في ألمانيا قبل الانتخابات العامة في سبتمبر/أيلول التي ستنهي 16 عاماً للمستشارة على رأس السياسة الألمانية.
صحيفة The Guardian البريطانية قالت إن النتائج الأولية تشير إلى تحسن أداء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي سيتنافس زعيمه الحالي، أرمين لاشيت، على منصب المستشارية في سبتمبر/أيلول، عن أدائه في انتخابات عام 2017، إذ حصل على 37% من الأصوات في الولاية الواقعة شرقي البلاد، وفقاً لما أوردته إذاعة ARD العامة في وقت مبكر من يوم الإثنين 7 يونيو/حزيران.
ترسيم لحدود اليمين المتطرف
راينر هاسيلوف، رئيس وزراء الولاية، قال إن النتيجة ترمز إلى "ترسيم واضح للحدود ضد اليمين المتطرف".
على الجانب الآخر، جاء حزب "البديل القومي" ADF اليميني المتطرف في المرتبة الثانية بنسبة 21%، وهي نتائج ضعيفة في ضوء استطلاعات الرأي السابقة على الانتخابات والتي كانت تشير إلى أن اليمين المتطرف سيُنافس الحزب الديمقراطي المسيحي على الصدارة.
من جانبه، أعرب رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، جوزيف شوستر، عن ارتياحه لهزيمة حزب البديل اليميني، ووصف النتيجة بأنها "انتصار للديمقراطية".
رأس هاسيلوف حكومة الولاية على مدى السنوات الخمس الماضية بموجب ما يُعرف بـ"تحالف كينيا" بين حزبه الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) وحزب الخضر، وتتيح له النتائج الحالية التحولَ إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المؤيد لقطاع الأعمال، والحزب الديمقراطي الحر (FDP)- المعروف باسم "تحالف ألمانيا"، لأن ألوان أحزابه تماثل ألوان العلم الألماني- أو تحالف "جامايكا" مع الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر.
بعد سلسلة من النتائج الصادمة في انتخابات الولايات هذا الربيع، جاءت نتيجة انتخابات يوم الأحد 6 يونيو/حزيران "أشبه ما تكون إلى العودة بعد سقوط" لمحافظي ميركل، كما كتبت صحيفة Der Spiegel. ووصف الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بول زيمياك، نتيجة تصويت يوم الأحد بأنها "نتيجة جيدة إلى حدٍّ مذهل".
طوال الفترة التي سبقت التصويت، استبعد لاشيت أي نوع من اتفاقات تقاسم السلطة مع حزب البديل اليميني المتطرف، قائلاً إن "جدار الحماية" الذي أنشأه حزبه ضد اليمين المتطرف سيظل صامداً.
نتائج لا تعكس الوضع العام للأحزاب
من جهة أخرى، لا تعكس نتائج انتخابات ولاية "سكسونيا أنهالت"، التي يقطنها 2.2 مليون شخص، مكانة الأحزاب الستة الرئيسية في البلاد ككل؛ إذ إن دعم حزب البديل، على سبيل المثال، أعلى بكثير وأشد استقراراً في هذه الولاية منه في مناطق أخرى في ألمانيا، على الرغم من أن فروع الحزب في الولايات الشرقية تتبع سياسات أكثر صراحة في عدائها للأجانب.
كما أن النتائج المتأخرة للحزب اليساري الألماني (حزب دي لينكه)، وحزب يسار الوسط، "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، في هذه الولاية التي كانت ذات يوم جزءاً من جمهورية ألمانيا الديمقراطية الاشتراكية، تبرز عمق الأزمة التي يعيشها اليسار الألماني.
حصل حزب دي لينكه على 10.7% من الأصوات، ما يعني تراجعاً بنحو 5.6% من الأصوات مقارنة بنتائج عام 2016- وهي أسوأ نتيجة للحزب في هذه الولاية منذ تأسيسه في عام 2007. كما انخفض التأييد للحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى نحو 8.2%، وهي بلا شك إحدى أسوأ نتائج الحزب في انتخابات الولاية.
أما حزب الخضر، الذي لا يزال يحظى بنتائج طيبة في استطلاعات الرأي الوطنية، فهو يعاني تقليدياً في ولايات شرق ألمانيا، وسيكون الأضعف بين ستة أحزاب في برلمان الولاية المقبل، بعد حصوله على 6% من الأصوات.
في المقابل، فإن الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، الذي يشهد عودة على مستوى البلاد مدفوعاً بنوع من الإحباط الناشئ عن إدارة حكومة ميركل لأزمة كورونا، عاد إلى البرلمان في ولاية ساكسونيا أنهالت بعد حصوله على 6.5% من الأصوات، متجاوزاً عتبة 5% اللازمة للتمثيل البرلماني.
على صعيد آخر، يُحتمل أن يكون أداء الحزب الديمقراطي المسيحي القوي في ولاية ساكسونيا أنهالت له علاقة وثيقة بشخصية رئيس حكومة الولاية؛ فقد حاز هاسيلوف، الذي يشغل منصب رئيس وزراء الولاية منذ عقد من الزمان، على نسبة تأييد بلغت نحو 81%.
يبقى أن نرى ما إذا كان هذا التوهج الناجم عن هذا النجاح سيكون له نصيب من التأثير على المنافسة بين هاسيلوف ورفيقه في الحزب الديمقراطي المسيحي ورئيس الحزب، أرمين لاشيت، بعد حديثٍ عن رغبة الاثنين في المنافسة على منصب الاستشارية.