قال البنك الدولي في تقرير صدر يوم الثلاثاء، الأول من يونيو/حزيران 2021، إن الانهيار الاقتصادي في لبنان من بين أسوأ الأزمات المالية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، ويتوقع التقرير أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة تقترب من 10% عام 2021، وذلك حسب ما نقله تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 2 يونيو/حزيران 2021.
وفق التقرير الصادر عن المرصد الاقتصادي للبنان التابع للبنك الدولي، فإن المستقبل بدوره يلفّه الكثير من الغموض، إذ إنه "لا توجد نقطة تحول واضحة في الأفق، بالنظر إلى التقاعس الكارثي المتعمد في السياسات المتبعة"، فقد عجز لبنان عن سداد ديونه العام الماضي، وفقدت العملة اللبنانية نحو 85% من قيمتها، وأدى الفقر إلى تدمير بلد كان يُنظر إليه في السابق على أنه مكان للرخاء في المنطقة.
لا تحدث سوى في الصراعات والحروب
جاء في التقرير أن "الأزمة الاقتصادية والمالية من ضمن أشد 10 أزمات اقتصادية في العالم، وربما من ضمن أشد ثلاث على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر".
كما أكد التقرير الذي يحمل Lebanon Sinking: To the Top Three، أن هذه الانهيارات الاقتصادية المروعة تأتي عادة نتيجة صراعات أو حروب.
فيما يُعزى الانهيار الكامل للاقتصاد اللبناني على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية بدرجة كبيرة إلى فساد النخبة السياسية المتوارثة في البلاد وسوء إدارتها.
يضيف التقرير أن "السياسات التي تتبعها القيادة اللبنانية للتعامل مع هذه التحديات كانت غير كافية إلى حد كبير".
يحدث هذا، في الوقت الذي فشلت فيه الطبقة الحاكمة في لبنان في التعامل مع أسوأ أزمة شهدتها البلاد منذ جيل، التي فاقمتها جائحة فيروس كورونا والانفجار المدمر في ميناء بيروت في أغسطس/آب الماضي.
وقال التقرير إن قطاع السياحة تحديداً تضرر من فيروس كوفيد-19، حيث انخفض عدد السياح الوافدين بنسبة 71.5%، على أساس سنوي، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020.
كما أضاف أن انهيار خدمات الصرف الصحي في البلاد يهدد بزيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، ما يؤثر سلباً على الصحة العامة الضعيفة أصلاً.
انهيار القدرة الشرائية
فقد عرض صندوق النقد الدولي المساعدات على لبنان، لكن المؤسسة السياسية في البلاد فشلت غير مرة في تشكيل حكومة يمكنها تنفيذ الإصلاحات التي تكون المساعدات الخارجية مشروطة بها.
يقول البنك الدولي في تقريره: "في ظل هذه الحالة الضبابية غير الاعتيادية، من المتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 9.5% أخرى عام 2021″، ما يبدد أي آمال في حدوث انتعاش سريع.
جاء في التقرير أيضاً أن الاقتصاد انكمش بنسبة 6.7% عام 2019 وبنسبة 20.3% عام 2020.
وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك في لبنان، ارتفعت أسعار السلع في لبنان بنسبة 400% تقريباً طوال عام 2020.
الجيش على وشك الانهيار
في أبريل/نيسان، توصلت دراسة أجراها مرصد أزمة لبنان إلى أن وجبات إفطار رمضان التي تكفي أسرة مكونة من خمسة أفراد لمدة شهر قد تكلف الآن مرتين ونصف من الحد الأدنى للأجور.
تعليقاً عن ما جاء في هذا التقرير، يقول ناصر ياسين، الأستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية في بيروت، الذي يدير المرصد، لموقع Middle East Eye: "أسعار النفط واللحوم والمنتجات المستوردة من الخارج مرتفعة كثيراً".
وتابع ياسين: "لكن المنتجات الزراعية المحلية تأثرت أيضاً. وهذا مرتبط بتكلفة المواد الأولية اللازمة للإنتاج، مثل البذور والمبيدات وجميع المنتجات اللازمة للزراعة. وهذا يؤثر على التكاليف في جميع المجالات".
فيما أفادت تقارير الأسبوع الماضي بأن قائد الجيش اللبناني جوزيف عون نبّه فرنسا خلال رحلة إلى باريس إلى أن هذه الأزمة دفعت الجيش إلى حافة الانهيار.
وعقب الزيارة، قيل إن فرنسا قدمت مساعدات غذائية وطبية طارئة للجنود على أمل الحفاظ على القانون والنظام.
دياب: نحن على مشارف انهيار كامل
فقد حذَّر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، حسان دياب، الأربعاء، من أن بلاده "على مشارف الانهيار الشامل"، وهو وضع سيُضر أيضاً بالدول الشقيقة والصديقة، التي ناشدها دعم لبنان، في ظل العجز عن تشكيل حكومة جديدة.
عبر خطاب متلفز، توجَّه دياب إلى اللبنانيين قائلاً: "رغم مرور 300 يوم على استقالة الحكومة، تستمر الحسابات السياسية بتجاهل مصالح لبنان ومعاناة اللبنانيين، وتعرقل تشكيل الحكومة".
أضاف: "بسبب هذه الحسابات بات الفراغ قاعدة في البلد، بينما وجود الدولة ومؤسساتها هو الاستثناء". وتابع: "اللبنانيون محبطون لدرجة البحث عن الأمل والانفراج بعيداً عن وطنهم".
أوضح أن "لبنان يخسر يومياً كفاءاته العلمية وشبابه.. والحلقة المفرغة التي يدور فيها الوطن، منذ 15 عاماً، تخنق الأمل بالخروج من الأزمة، وصولاً للانهيار الذي يتهددنا جميعاً".