قال موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 31 مايو/أيار 2021، إن عدداً متزايداً من النقابات العمالية الأمريكية أصدرت بيانات تأييد تعاطفاً مع الفلسطينيين، بل وصل الأمر ببعض من هذه النقابات لتبني الأصوات التي تنادي بمقاطعة إسرائيل بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي، مما خلق نوعاً من الانقسام المتنامي مع قيادة النقابات الوطنية التي ظلت صامتة بدرجة كبيرة حول هذه القضية.
أحد أبرز مظاهر هذا الدعم، تمثل في تصويت اتحاد المعلمين المتحدين في سان فرانسيسكو (USEF)، وهو اتحاد عمالي يمثل 6000 معلم في منظومة المدارس بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، في 19 مايو/أيار الماضي، للموافقة على قرار يؤيد حملة المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات (BDS)، وهي مبادرة تشجع على توبيخ إسرائيل لانتهاكها القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان، وذلك عن طريق سبل متعددة للمقاطعة.
حيث جاء في القرار: "ولذا تقرر أن اتحاد المعلمين المتحدين في سان فرانسيسكو (USEF) يؤيد الحملة الدولية للمقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات ضد الفصل العنصري في إسرائيل".
كما خرجت نقابات عمالية أخرى للمشاركة في دعم حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك الاتحاد العمالي UNITE HERE Local 23، الذي يمثل 25 ألف موظف في مجال الضيافة جنوب الولايات المتحدة وجنوب غربها. وقد غرد تضامناً مع الفلسطينيين "في نضالهم ضد القمع والظلم".
فقد نُشرت تغريدة مماثلة عن طريق الاتحاد العمالي Teamsters Local 804 في مدينة نيويورك، الذي يتكون من 8000 موظف أغلبهم من سائقي شركة يو بي إس.
أيضاً أصدر الاتحاد العمالي Roofers Local 36، الذي يمثل عمال إصلاح الأسقف في لوس أنغلوس وكاليفورنيا، بياناً يدين انتهاكات حقوق الإنسان من جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين، وطلبوا من الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل.
التطهير العرقي
هذا الاتحاد العمالي أكد أن ما وصفه بالاعتداء الإمبريالي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، تعدّ جميعها أعداءً لكل العمال، ويجب على العمل المنظم التقدم للأمام للدفاع عن الحقوق الديمقراطية للشعوب المضطهدة في كل مكان.
من جهته، قال جيف شوركه، المؤرخ العمالي لدى جامعة إلينوي في شيكاغو، إن عدد الاتحادات العمالية التي تدعم فلسطين على مدى الأسابيع الأخيرة، كان عدداً غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنهم شهدوا مؤخراً دعماً صريحاً واضحاً لفلسطين من النقابات العمالية الأمريكية، أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الحركات العمالية كله، أو على الأقل منذ تأسيس إسرائيل في 1948.
مقاطعة سفن إسرائيل
في هذا السياق، أطلق تحالف نقابات أمريكي، الثلاثاء 1 يونيو/حزيران 2021، حملة تضامنية بعنوان عنوان: "أوقفوا السفن"، يطالب نقابات عمال الموانئ حول العالم بمنع السفن الإسرائيلية من التفريغ فيها خلال أسبوع تضامني مع فلسطين يبدأ في 2 يونيو/حزيران وحتى 9 من الشهر الجاري.
فيما أكد التحالف أن أسبوع التضامن يهدف لإيصال رسالة واضحة بأن "الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي المستمر، والعنف الممارس ضد الشعب الفلسطيني سيكون له ثمن باهظ"، مطالباً النقابات العالمية بمشاركة واسعة في هذه الحملة ومنع شركة "زيم" (الإسرائيلية) من العمل في الموانئ العالمية، منوهاً إلى أن هذه الشركة الإسرائيلية تخسر أموالاً طائلة في كل ساعة تمر بدون أن تتمكن ناقلة "زيم" من الرسوّ وتفريغ حمولتها.
يُذكر أن سفينة إسرائيلية ترسو بعيداً عن ميناء أوكلاند الأمريكي في ولاية كاليفورنيا لم تستطع تفريغ حمولتها منذ نحو ثلاثة أسابيع، وذلك بسبب مقاطعة عمال الميناء لها.
يشار إلى أن الأمر لا يقتصر على النقابات العمالية فحسب، فقد أعرب موظفو بعض أكبر الشركات في الولايات المتحدة عن دعمهم لحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك شركات جوجل وأبل وأمازون.
انقسام بين القادة والعمال
رغم ذلك التضامن الأمريكي المتنامي مع الفلسطينيين، إلا أن قادة أكبر النقابات العمالية في البلاد، وهي الاتحاد الأمريكي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية (AFL-CIO) والاتحادات التابعة لها، ظلت مؤيدة بدرجة كبيرة لإسرائيل.
إذ إن قيادة الاتحاد الأمريكي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية (AFL-CIO)، والاتحاد الأمريكي للمعلمين (AFT)، واتحاد عمال السيارات المتحدين (UAW)، واتحاد البيع بالتجزئة والجملة والمتاجر الكبرى (RWDSU)، أعربت جميعاً سابقاً عن اعتراضها على حركة المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات، قائلة إنها "ليس لديها هدف إلا شيطنة إسرائيل".
بدورها، أكدت راندي وينغارتن، رئيسة الاتحاد الأمريكي للمعلمين (AFT)، في منشور على فيسبوك نُشر الأسبوع الماضي، أنها تدين حماس "بأشد العبارات"، لكنها فشلت في توجيه أي نقد إلى إسرائيل حول العدوان على قطاع غزة. كذلك استثمر الاتحاد 200 ألف دولار في سندات إسرائيلية تابعة لشركة Weingarten.
لكن عدداً من أعضاء الاتحاد الأمريكي للمعلمين (AFT) وقعوا على خطاب مفتوح يطالب قيادة الاتحاد "بإصدار بيان معلن يدين القمع المستمر بحق الفلسطينيين عن طريق دولة إسرائيل".
في حين صوت أيضاً أعضاء اتحاد المعلمين المتحدين في لوس أنغلوس (UTLA) التابع للاتحاد الأمريكي للمعلمين (AFT)، لدعم بيان حركة المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات، إضافة إلى المطالبة بإنهاء الدعم الأمريكي الموجه لإسرائيل. ولا يزال البيان في انتظار تمريره عن طريق قيادة اتحاد المعلمين المتحدين في لوس أنغلوس (UTLA).