يتوجس أرباب العمل الأمريكيون من إقدام موظفيهم المستائين على تنفيذ عمليات إطلاق نار، في تكرار لحوادث تشهدها الولايات المتحدة باستمرار، آخرها عندما ذخّر موظف مستاء نفسه وأطلق النيران ليقتل 9 من زملائه، زارعاً الموت والذعر في محطة حافلات وقطارات بولاية كاليفورنيا.
هذا الموظف هو سامويل كاسيدي البالغ من العمر 57 عاماً، وأطلق يوم الأربعاء الماضي أربعين رصاصة داخل شركة نقل عام في سان خوسيه حيث كان يعمل في قسم الصيانة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، السبت 29 مايو/أيار 2021.
رئيس الشرطة المحلية، لوري سميث، قال في تصريح لشبكة CNN الأمريكية، إن كاسيدي "كان سريعاً جداً ومصمماً جداً، كان يعرف أين يوجد الموظفون".
عند وصول الشرطة إلى مكان الحادث، أقدم كاسيدي على الانتحار وعُثر في حوزته على ثلاثة مسدسات شبه أوتوماتيكية و32 مخزن ذخيرة، كما عثر المحققون على أسلحة نارية و22 ألف قطعة ذخيرة من أنواع مختلفة، إضافة إلى قنابل حارقة وصفائح بنزين.
من جانبه، قال جلين هندريكس رئيس مجلس إدارة مؤسسة النقل في وادي سانتا كلارا: "مأساة مروعة حدثت هنا اليوم ومشاعرنا مع أسرة مؤسستنا"، وأضاف أن إطلاق النار وقع في منطقة ضمن ساحة يقوم فيها العمال بأعمال الصيانة للعربات ولم تكن في مركز العمليات والتحكم، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
كانت السلطات قد رفضت التكهن بدوافع كاسيدي، لكنها وصفته بأنه "موظف مستاء جداً منذ سنوات". وقد لا يكون أطلق النار عشوائياً بل اختار ضحاياه، إذ أعلن لأحد زملائه "لن أقتلك".
كذلك أكدت زوجته السابقة التي انفصلت عنه عام 2005، أنه كان يشكو في غالب الأحيان من عمله، وأوضحت سيسيليا نيلمز لصحيفة "ميركوري نيوز" أنه "كان يعتقد أن أوضاع البعض أفضل من أوضاعه، وأنه يحصل دائماً على المهمات الشاقة"، مشيرة إلى أنه كان صاحب طباع نزقة ويدخل في نوبات غضب مفاجئة.
في 2016 لدى عودته من رحلة إلى الفلبين تم تفتيش حقائبه، فعثر عناصر الجمارك فيها على "كتب حول الإرهاب" وملاحظات دوّنها يبدي فيها نقمته على شركته، وفق ما جاء في مذكرة لوزارة الأمن الداخلي نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال".
يمثل هذا النوع من عمليات القتل قلقاً كبيراً، إذ يقول المتخصص في علم الجرائم في جامعة نورد إيست في بوسطن، وخبير أعمال العنف في أوساط العمل، جيمس آلان فوكس: "لا يمكن رصد هؤلاء الأشخاص مسبقاً، حتى لو قالوا سأقتل هذا الرجل".
وهو يعتبر أن ثمة في غالب الأحيان في الشركات "أشخاصاً يثيرون مخاوف يُظهرون مواصفات مرتكبي عمليات إطلاق النار، لكنهم يكتفون بغالبيتهم العظمى بالتشكّي".
مئات الجرائم المشابهة
كان عام 2017 قد شهد بحسب آخر الإحصاءات الرسمية 458 جريمة قتل في الشركات، لكن 77 منها "فقط" نفذها موظفون أو متعاونون، في حين أن الجرائم المتبقية كانت من فعل أقرباء أو زبائن مستائين.
إلا أن هذه الظاهرة ليست بجديدة، وفقاً للوكالة الفرنسية، التي قالت أيضاً إنه ما بين السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضي، تسبب موظفون وموظفون سابقون في سقوط حوالي أربعين قتيلاً في سلسلة هجمات على أجهزة البريد، حتى إن الأمريكيين ابتكروا عبارة "سلوك منحى بريديّ" لوصف حوادث العنف في مكان العمل.
وإن كان لوباء كوفيد-19 حسنة، فهي أنه أحلّ هدنة في أعمال العنف هذه، لكن مع إعادة فتح العديد من الشركات أبوابها، عاد العنف إلى أماكن العمل.
ففي أبريل/نيسان الماضي قتل موظف شخصاً في متجر أثاث في تكساس، كما أقدم موظف سابق على قتل ثمانية أشخاص في مركز لفرز البريد تابع لشركة فيديكس للبريد السريع في إنديانابوليس.
وسط هذا المشهد، باتت الشركات الملزمة قانونياً بتوفير إطار عمل آمن لموظفيها، تدرك بشكل متزايد هذا الخطر وتحاول إيجاد حلول له.
في هذا الصدد، يقول حوالى 45% من الموظفين الأمريكيين إن شركتهم اتبعت سياسة تقضي بتدارك أعمال العنف، وفق ما أظهرت دراسة أجرتها "جمعية إدارة الموارد البشرية".
توصي هذه الجمعية بعدد من التدابير التي يمكن اتباعها، تتراوح بين رصد الحالات التي تنطوي على مخاطر، وصولاً إلى توفير دعم نفسي للموظفين الذين يتم تسريحهم، فضلاً عن تدريب الموظفين على طريقة التصرف في حال وقوع هجوم مسلح مثل إصدار إنذار والهروب والاختباء وغيرها.