حثَّت وزارة الصحة العالمية، وزراء الصحة في جميع أنحاء العالم على التوقيع على خططٍ لخلق 6 ملايين وظيفة تمريض إضافية بحلول العام 2030، وسط تحذيراتٍ من أن كوفيد-19 قد أدَّى إلى تفاقم النقص العالمي في الكفاءات، وقد يؤدِّي إلى ما يُطلَق عليه "هجرة الأدمغة" من العالم النامي، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 28 مايو/أيار 2021.
في هذا الإطار، من المُتوقَّع أن يتبنَّى المندوبون الذين يجتمعون هذا الأسبوع افتراضياً عبر الإنترنت في جمعية الصحة العالمية، وهي الهيئة الرئيسية لصنع القرار في منظمة الصحة العالمية، قراراً يدعو البلدان إلى تطوير مهنة التمريض من خلال مزيد من الاستثمار والدعم والتدريب.
كانت منظمة الصحة العالمية قد أشارت سابقاً إلى أن جائحة كوفيد-19 تسلط الضوء على الحاجة المُلحّة إلى توطيد مكانة القوى العاملة في مجال الصحة على الصعيد العالمي.
فقد خلص تقرير أصدرته المنظمة الدولية بعنوان "حالة التمريض في العالم-2020″، إلى استنتاجات تكشف عن وجود ثغرات هامة على مستوى كادر التمريض، وتحدد المجالات الاستثمارية ذات الأولوية على صعيد التعليم والوظائف والمهارات القيادية، من أجل تعزيز مهنة التمريض حول العالم والنهوض بهدف الصحة للجميع.
التقرير، الذي أعدّته منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع المجلس الدولي للممرضات وحملة "التمريض الآن"، كشف أن هناك أقل من 28 مليون ممرض وممرضة حول العالم. وفي الفترة بين عامي 2013 و2018، ازداد عدد العاملين في مجال التمريض بواقع 4.7 مليون شخص. ولكن لا تزال هناك فجوة عالمية يتعين سدُّها بواقع 5.9 مليون ممرض وممرضة، حيث تتركز الفجوات الأكبر في بلدان إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وإقليم المنظمة لشرق المتوسط، إضافة إلى بعض مناطق أمريكا اللاتينية.
نقص كبير في كوادر التمريض
هذا النقص في كوادر التمريض تشعر به "بشكلٍ كبيرٍ" البلدان منخفضة ومتوسِّطة الدخل. ومن اللافت أن أكثر من 80% من الممرضين والممرضات بالعالم يعملون في بلدان تُؤوي نصف سكان العالم فقط، وأن واحداً من كل ثمانية ممرضين أو ممرضات يعملون خارج البلد الذي وُلدوا فيه أو تلقوا فيه تدريبهم.
كذلك، تعدّ شيخوخة القوى العاملة في مجال التمريض عامل تهديد آخر، حيث يتوقع أن يتقاعد واحد من كل ستة ممرضين أو ممرضات حول العالم في غضون السنوات العشر القادمة.
من جهته، دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، البلدان إلى الاستثمار في العاملين بمجال الرعاية الصحية، والذين تمثِّل الممرِّضات والقابلات 50% منهم، قائلاً إن الجائحة ذكَّرَت الجميع بأن "هؤلاء أشخاصٌ رائعون يقومون بوظائف لا تُصدَّق في ظروفٍ لا تُصدَّق".
تيدروس أضاف: "نحن مدينون لهم بالكثير، ومع ذلك فإن العاملين في مجال الرعاية الصحية حول العالم غالباً ما يفتقرون إلى الحماية والمعدَّات والتدريب والأجر اللائق وظروف العمل الآمنة والاحترام الذي يستحقونه"، وقال: "إذا كان لدينا أيُّ أملٍ في تحقيق مستقبلٍ أكثر صحة وأماناً وعدلاً، يجب على كلِّ دولةٍ حماية القوى العاملة بمجال الصحة والرعاية والاستثمار في هذه القوى على وجه السرعة".
ركيزة أي نظام صحي
والممرضات والممرضون، حسب تيدروس، ركيزة أي نظام صحي في العالم، خاصةً أن العديد منهم يقفون اليوم في الخطوط الأمامية لمواجهة كوفيد-19.
يشار إلى أن كوادر التمريض يمثلون أكبر مكوّن في القوى العاملة الصحية حول العالم، لأنهم أكثر من نصف العاملين في مجال الصحة، ويقدمون خدمات حيوية تشمل النظام الصحي برمته.
فيما دعت التوجيهات الاستراتيجية لمنظمة الصحة العالمية البلدان إلى تحسين وتدريب العاملين في مجال التمريض، وخلق مزيد من فرص العمل، والتأكُّد من أن جميع البلدان، بمجرد أن يكون لديها عددٌ كافٍ من الأشخاص في هذه الوظائف، ستكون قادرةً على الاحتفاظ بها.
في حين وُصِفَت الاستراتيجية التي ستُعتمَد هذا الأسبوع بأنها "فرصةٌ واحدةٌ في كلِّ جيل لتغيير الأمور" في المهنة التي تواجه الآن فقدان مزيد من العاملين، بسبب الجائحة.
"صدمةٌ جماعية"
بدوره، شبَّه المجلس الدولي للممرِّضات تأثير الجائحة بأنه "صدمةٌ جماعية للقوى العاملة التمريضية"، وطَرَحَ أن المهنة قد تشهد "نزوحاً جماعياً" من شأنه أن يزيد النقص العالمي إلى ما يقرب من 13 مليوناً.
كما أكد المجلس أن الجائحة "زادت بشكلٍ واضح من المخاطر على القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية، وضمن ذلك مخاطر العدوى والإجهاد والإرهاق من رعاية مرضى كوفيد-19 على مدار شهور. وفي بعض البلدان، واجه العاملون بالتمريض إضافة إلى ذلك، عنفاً جسدياً وآثاراً نفسية".
فضلاً عن ذلك، توصَّلت دراسةٌ استقصائية إلى أن 90% من الجمعيات الوطنية للعاملين بالتمريض، تلك الجمعيات التابعة للمجلس الدولي للممرِّضات، كانت "قلقةً إلى حدٍّ ما أو قلقةً للغاية، من أن أعباء العمل الثقيلة، وعدم كفاية الموارد، والإرهاق، والضغط المرتبط بالاستجابة للجائحة، هي الدوافع التي أدَّت إلى زيادة أعداد الممرِّضات اللاتي تركن المهنة".