كلمة جديدة برزت بخطاب الخارجية الأمريكية تجاه الفلسطينيين تكشف بداية التحول مع الملف

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/25 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/25 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
بايدن: “يستحق الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء، العيش بأمان والتمتع بتدابير متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية”/ رويترز

في صراع تكون فيه الكلمات مهمة، أي مصطلح يتم تغييره يصبح تحت دائرة ضوء الاهتمام الإعلامي والسياسي؛ فحتى استخدام كلمة "صراع" عند وصف الملف الفلسطيني والإسرائيلي تصبح موضع خلاف، هل يصح استخدام كلمة صراع بين طرفين غير متكافئين عسكرياً؟

في المواجهات العنيفة التي اندلعت بين الطرفين في شهر مايو/أيار 2021، على خلفية الاعتداء الإسرائيلي على المسجد الأقصى وتهجير سكان حي الشيخ الجراح في مدينة القدس ثم شن حرب على غزة رداً على الصواريخ وسقوط مئات الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، كان التحول الأكثر وضوحاً في سيناريو مؤلم تكرر كثيراً مع مصطلحات حقوقية داخل الكونغرس الأمريكي نفسه.

العديد من الأصوات التقدمية والديمقراطية الأمريكية انتقدت انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، فضلاً عن دور الحكومة الأمريكية في الحفاظ على الوضع القائم لصالح إسرائيل، منها "نظام الفصل العنصري" و"التطهير العرقي".

بل وصفت جماعات حقوق الإنسان وغيرها من الشخصيات البارزة، من ضمنهم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، ما تقوم به إسرائيل بـ"الفصل العنصري". 

كما انتقد العديد من المدافعين المخلصين عن إسرائيل داخل الحزب الديمقراطي حجم الرد العسكري للدولة في غزة (والذي تسبب في أضرار جسيمة ، وما لا يقل عن 230 حالة وفاة) أو بشكل لافت للنظر، بينما لم يقل بعضهم الآخر أي شيء على الإطلاق، لا استنكاراً ولكن لا دعم أيضاً.

لكن التصريح الأشد وقعاً رغم نعومته ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن شخصياً:

"يستحق الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء، العيش بأمان والتمتع بتدابير متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية".

الخارجية الأمريكية والمساورة بين الطرفين

وفي تقرير نشرته مجلة The Atlantic الأمريكية، تساءلت المجلة: "لماذا لا تدعم الولايات المتحدة الحرية والازدهار والديمقراطية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء؟".

لكن بالنسبة للمراقبين المتابعين لسياسة الولايات المتحدة بشأن هذا الملف الشائك، برزت كلمة واحدة على وجه الخصوص: "المساواة".

ظهرت كلمة "المساواة" في خطاب الرئيس بايدن بشكل وُصف بالمفاجئ وفي خطاب وزير الخارجية.

وقال العضو في مجلس العلاقات الخارجية والذي عمِل سابقاً سفيراً لأمريكا لدى إسرائيل والمبعوث الخاص لباراك أوباما للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية من 2013 إلى 2014، مارتن إنديك: "هذا التعبير جديد تماماً".

وإنديك ليس الشخص الوحيد الذي لاحظ ظهور كلمة "مساواة" في اللغة الأمريكية بشأن هذه المسألة. 

إذ قال عضو غير مقيم في المركز العربي بواشنطن والخبير في هذا الشأن، يوسف منير، إنه على الرغم من أن استخدام هذا التعبير قد يكون غامضاً، فإن "المساواة" مع ذلك تشير إلى تحوُّل التركيز من حل سياسي إلى التركيز على حقوق الإنسان.

وقال منير لمجلة أتلانتيك: "إن التحول الذي بدأنا نشهده هو أن الصراع ليس فقط غير مستدام، بل غير مقبول. هذا هو الاتجاه الذي يسير فيه هذا الخطاب، وهم يحاولون العثور على لغة الآن؛ للمساعدة في الانتقال نحو هذا التحول".

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تدعم منذ فترة طويلة، تسوية سلمية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني (حسب التصريحات الرسمية)، فإنها لم تفعل ذلك صراحة على الإطلاق على أساس المساواة. 

فالجانبان ليسا متساويَين تماماً في نظر الولايات المتحدة؛ إسرائيل بالنسبة لها حليف قوي وتتلقى ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية كل عام. 

في المقابل، يتلقى الفلسطينيون 235 مليون دولار، رغم أن هذه المساعدة ليست ثابتة (وكان الرئيس السابق دونالد ترامب عرقل بعضها) .

كما أكد الرؤساء منذ هاري ترومان، الذي كان أول من اعترف بإسرائيل بعد إنشائها في عام 1948، أهمية التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل. 

لذا جاء دعم حق تقرير المصير للفلسطينيين في وقت لاحق، لكن الناس الذين أعربوا عن هذا الدعم لم يذهبوا قط إلى أبعد من ذلك.

جبهة أخرى في الكونغرس

ولكن في الكونغرس، على الأقل، بدأت هذه الديناميكية تتغير، خاصة بين الديمقراطيين. استخدم التقدميون في الحزب، ومن ضمنهم النائبة الفلسطينية الأمريكية رشيدة طليب، برنامجهم للدفاع عن حقوق الفلسطينيين من حيث صلتها بالتمييز وهدم المنازل واحتجاز الأطفال، وهي قضايا يرون أنها مناقضة للأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة بالمنطقة، وإدارة بايدن المتمثلة في تركيز سياستها الخارجية على حقوق الإنسان.

تقول النائبة بيتي ماكولوم، التي تقود الجهود لمنع إسرائيل من استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية لانتهاك حقوق الإنسان للفلسطينيين: "لدينا مجموعة من المشرعين الذين انضموا إلى الكونغرس أكثر انخراطاً في التأكد من أن الولايات المتحدة تعمل على دعم حقوق الإنسان هنا في الداخل مع حركة Black Lives Matter وبشأن قضايا الاحتجاز على حدودنا، مع القضايا الدولية، إنهم منخرطون للغاية في العالم بطريقة أعتقد شخصياً أن بعض أسلافهم لم يكونوا كذلك".

واليوم، يعتقد مزيد من المشرعين الأمريكيين أن ديناميكية القوة غير المتوازنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستدعم الصراع. كما يجادلون بأنه ما لم تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الفريد لمعالجة هذه، فإن عودة العنف الذي حل في شهر رمضان 2021 أمر لا مفر منه.

وقال منير إن بايدن وحلفاءه "سيتعرضون لضغوط متزايدة، لمواءمة أقوالهم مع أفعالهم، قد يتمكنون من مقاومة هذا الضغط، لكنه سينمو بالتأكيد".

وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً Gallup، نقلت قناة BBc أن 75% من الأمريكيين ما زالوا يؤيدون إسرائيل، لكن عدداً متزايداً يتعاطف مع الفلسطينيين.

احتج عشرات الآلاف من الأمريكيين في مدن عبر الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، وضمن ذلك في واشنطن وديربورن ودالاس وساكرامنتو وفيلادلفيا ونيو أورلينز وغيرها. 

تمت مشاركة مقاطع الفيديو والصور الخاصة بالدمار في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل ناشطين بارزين بمجال العدالة العرقية، وكثير منهم لديهم منصة أكبر بعد احتجاجات Black Lives Matter خلال عام 2020 وما تلاها من حسابات عرقية أوسع نطاقاً في الولايات المتحدة.

بدوره قال كريستيان ديفيس بيلي، مدير الاتصالات في جمعية Palestine Legal، التي تقدم المشورة القانونية والدعم للناشطين المؤيدين للفلسطينيين بالولايات المتحدة، لمجلة Time: "إن رؤية ظلم الأشخاص الذين يتعرضون لمعاملة وحشية في القدس، أو تدمير المنازل في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، يساعد الناس حقاً على فهم الأمر. حسناً، ربما هناك تاريخ معقد وراء ذلك، لكن ما أراه خطأٌ، وعلينا أن نطالب بتغييره".

بيلي، الذي شارك في تأسيس جمعية Black for Palestine أو "السود يدعمون فلسطين"، يعمل بشكل مكثف على بناء التضامن بين السود والفلسطينيين.

تحميل المزيد