قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 23 مايو/أيار 2021، إن المئات من الأطفال والمراهقين يتكدسون في مستودعات أو ينامون بصعوبة في حدائق المدينة في الجيب الإسباني الموجود في شمال إفريقيا، بينما لا يزال مصيرهم في مهب الريح بعد وصول آلاف المهاجرين إلى مدينة سبتة المحتلة الخاضعة للسيطرة الإسبانية.
فيما قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية الإسبانية أيوني بيلارا لمحطة RTVE الإسبانية: "إننا نعمل على حل مشكلة الأطفال الذين جاؤوا بمفردهم"، مضيفة: "من المهم أن نعرف أننا نرى أطفالاً أصغر بكثير من المعتاد، في أعمار 7 و8 و9 أعوام".
في حين أُرسل العديد من هؤلاء الأطفال إلى مستودعات تحولت إلى ملاجئ حتى يخضع من فيها لحجر صحي مدته 10 أيام من أجل فيروس كورونا تحت مراقبة الشرطة.
بينما يشتكي العديد من الصغار الذين نجحوا في الهروب من المستودعات من الازدحام، وعدم توافر المرافق، وقالوا إنهم ظلوا أياماً دون وجبات ساخنة، ويعتمدون للنجاة على مون مثل التفاح والزبادي والشطائر، لكن قلة الأسرّة أدت إلى نوم الكثير منهم على الأرض.
"استغلال الأطفال"
في هذا السياق، اتهمت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، المغرب، بابتزاز بلادها واستغلال الأطفال، وذلك على خلفية التوترات بين البلدين في مدينة سبتة.
كان أكثر من 8 آلاف مهاجر قد عبروا خلال الأسبوع الماضي إلى مدينة سبتة، والتي تبلغ مساحتها 7 أميال مربعة (18 كيلومتراً مربعاً)، وصل معظمهم سباحة أو متراكمين في قوارب هوائية ليدوروا حول صلدة الأمواج التي تمثل حدود المدينة مع المغرب، وسط تقارير تفيد بأن المسؤولين المغربيين أرخوا قبضتهم عن الحدود في الأسبوع الماضي. فيما مات شخصان على أقل تقدير في أثناء محاولات العبور.
وفقاً للمسؤولين الإسبانيين، أعادت مدريد حوالي 7 آلاف ممن عبروا إليها، لكن المدينة حددت وجود 483 طفلاً ومراهقاً وصلوا بلا ذويهم وما زال العاملون في الخدمات الاجتماعية يجمعون المزيد وهم يطوفون حدائق وشوارع المدينة.
من جانبه، قال أحد الشباب لصحيفة ElDiario الإسبانية: "أفضل النوم في إحدى السيارات المهجورة مثلما فعلت في الأيام الأولى لوصولي هنا. إنها مريحة أكثر". وأضاف آخر: "أريد الخروج من هنا".
كما عرضت الصحيفة الإسبانية مقطعاً مصوراً لأرضية دورة المياه تغطيها الفضلات بعد أن تعطلت المراحيض.
على إثر ذلك، أطلق المسؤولون خطاً ساخناً لإعادة الأطفال إلى عائلاتهم، ووصلت 4400 مكالمة من الأهالي في أول يوم عمل.
بدورها، قالت منظمة العفو الدولية، بشأن إعادة إسبانيا للأطفال عبر الحدود دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة: "نُذكر السلطات بأنها لا بد أن تتأكد من حماية مصالح الطفل على أكمل وجه في كل الحالات، وأن هؤلاء الصغار لا بد أن يكونوا قادرين- إن كان هذا مناسباً- على طلب الحماية الدولية".
في حين انتقدت المنظمة الدولية أيضاً المغرب بسبب ما يفعله على الحدود. وقالت فيرجينيا ألفاريز من منظمة العفو الدولية: "المغرب يتلاعب بأرواح الناس، ويجب عليه ألا يستخدم مواطنيه مثل بيادق الشطرنج في لعبة سياسية".
دعوات لمقاطعة المنتجات الإسبانية
إلى ذلك، أطلق ناشطون مغاربة حملة لمقاطعة المنتجات الإسبانية عقب توتر متصاعد بين الرباط ومدريد، بسبب استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.
حيث شارك الناشطون وسم (هاشتاغ) "مقاطعة المنتجات الإسبانية" على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، باللغات العربية والفرنسية والإسبانية، وتفاعل معه آلاف المغاربة.
يشار إلى أن العلاقة بين الرباط ومدريد تعرف توتراً على خلفية استضافة الأخيرة "غالي" للعلاج من كورونا بـ"هوية مزيفة"، وتدفق 8 آلاف مهاجر تجاه سبتة خلال الأيام الأولى من هذا الأسبوع.
فيما غيّر آلاف الناشطين صورهم الشخصية على تويتر وفيسبوك وغيرهما، وأضافوا صورة ترمز إلى مقاطعة المنتجات الإسبانية وقائمة بالعلامات التجارية المعنية بالحملة، في تعبير عن دعم بلادهم في الأزمة المتصاعدة مع مدريد.
تجدر الإشارة إلى أن الأرقام الرسمية بالرباط تظهر أن مدريد هي الشريك التجاري الأول لها منذ 2012، حيث تنشط أكثر من 800 شركة إسبانية في المغرب؛ إذ تحوي الأسواق المغربية كثيراً من المنتجات الإسبانية، سواء الغذائية أو الصناعية أو غيرهما.
كانت الرباط قد استدعت، الثلاثاء الماضي، سفيرتها لدى مدريد كريمة بنيعيش، للتشاور بعد أن استدعتها الخارجية الإسبانية احتجاجاً على تدفق حوالي 6 آلاف مهاجر غير نظامي من المغرب، إلى سبتة، قبل أن يتجاوز العدد لاحقاً 8 آلاف، بحسب مدريد.
وتقع مدينة سبتة في أقصى شمال المغرب، وهي تحت الإدارة الإسبانية، وتعتبر الرباط أنها "ثغر محتل" من طرف إسبانيا، التي أحاطتها بسياج من الأسلاك الشائكة بطول نحو 6 كلم. جدير بالذكر أن الرباط تقترح حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها في إقليم الصحراء، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.