بكل ألمٍ وحُرقة ممزوجة بالخوف، أطلقت طفلة فلسطينية العنان لصرخاتها، حين باغتها وعائلتها قصفٌ إسرائيلي عنيف، لدى نزوحها من منزلها في أقصى شمالي قطاع غزة، إلى منطقة ظنوا أنها أكثر أمناً.
كانت الساعة تُشير إلى منتصف ليل الخميس 13 مايو/أيار 2021، حين قررت العائلة مغادرة منزلها، خوفاً من القصف المدفعي على منطقة "أبراج الندى" أقصى شمالي القطاع، لتعيش أجواء الموت المحقق جراء القصف الشديد في محيط مدينة "الشيخ زايد".
فيما أظهر مقطع فيديو نشرته وزارة الداخلية في قطاع غزة، لمشاهد إخلاء عائلات تعرضت للقصف الإسرائيلي، صرخات الطفلة، وهي تستنجد بفرق الخدمات الطبية والإنقاذ.
بتلقائيةٍ، أوت الطفلة التي لم يتم التعرف على هويتها، إلى ساتر خرساني قريب علّه يعصمها من جحيم القصف الإسرائيلي، وانتظرت حتى حضر رجال الإسعاف لإخلائها من المكان.
لكن نيران القذائف الإسرائيلية لم تهدأ، فصرخت الطفلة وهي ترتعد من الخوف: "أمانة بديش (لا أريد) أموت".
وهنا أسرع رجال الإنقاذ لإخلاء العائلة من المكان عبر سيارة إسعاف، محاولين تهدئة روعها، وخاطبها أحدهم: "تخافيش (لا تخافي) يا عمو".
تلك المشاهد المروعة، وإن كانت لا تُبث كثيراً على الشاشات، لكنها بالتأكيد تتكرر بشكل يومي في قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي وحشي منذ تسعة أيام.
وحشية إسرائيل تفترس 61 طفلاً
في هذا السياق، قتل الجيش الإسرائيلي 61 طفلاً فلسطينياً في غارات عنيفة شنتها مقاتلاته على أهداف بمناطق مختلفة بقطاع غزة، قالت مؤسسات حقوقية إنها أهداف مدنية.
فبحسب رصد المراكز الحقوقية، دمرت المقاتلات الحربية المنازل على رؤوس بعض الأطفال، بينما استهدفتهم بشكل مباشر في الشوارع، واصفة ذلك بـ"جرائم حرب".
حيث أدانت جهات حقوقية التصعيد الإسرائيلي في غزة، واصفةً إياه بـ"الخطير".
من جانبه، قال مركز الميزان الفلسطيني لحقوق الإنسان (غير حكومي)، في بيان: "ندين التصعيد الإسرائيلي الخطير لا سيما الاستهداف المتعمد وغير المتناسب للمدنيين والأعيان المدنية"، مطالباً "المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتحرك العاجل لحماية المدنيين".
كما دعا المركز، إلى التحرك "لوقف التصعيد، ومحاسبة قوات الاحتلال على انتهاكاتها التي قد ترقى لمستوى جرائم الحرب".
غارات جوية إسرائيلية على غزة
إلى ذلك، يتواصل التصعيد الأمني والميداني الإسرائيلي منذ يوم الإثنين 10 مايو/أيار الجاري، حيث يشن جيش الاحتلال غارات مكثفة على مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفاً منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية وإعلامية، وأراضي زراعية، إضافة إلى شوارع وبنى تحتية في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني.
في هذا الإطار، شنّت المقاتلات الإسرائيلية، الثلاثاء 18 مايو/أيار 2021، سلسلة غارات مكثفة وعنيفة جداً، على العديد من المناطق المتفرقة بغزة.
على إثر ذلك، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 213 شهيداً، بينهم 61 طفلاً و36 سيدة، و16 مسناً، و1442 مصاباً بجراح متفاوتة، من جرّاء غارات إسرائيلية "وحشية" متواصلة على غزة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع.
كما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على المتظاهرين في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
واستجابة لدعوة من القوى والفصائل الفلسطينية، تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، الثلاثاء، إضراباً شاملاً، تتخلله في الضفة الغربية مسيرات شعبية ومواجهات مع قوات الاحتلال في نقاط التماس.
فيما استشهد 27 فلسطينياً في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة، وأصيب نحو 4 آلاف خلال مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، ترد فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ بكثافة على مستوطنات ومدن عديدة داخل إسرائيل؛ الأمر الذي أسفر عن سقوط إصابات عديدة، بخلاف تدمير وتخريب منشآت إسرائيلية.
فقد أسفر قصف المقاومة عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى لمقتل- حتى الآن – 12 إسرائيلياً – بينهم ضابط- في حين أُصيب أكثر من 700 آخرين بجروح، إضافة لتضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف مطار "بن غوريون" الدولي.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت إثر اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
يُذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية، حيث يقع المسجد الأقصى، خلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967، كما قامت بضم مدينة القدس بأكملها عام 1980، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.