قالت وسائل إعلام مصرية إن صندوق "تحيا مصر" (صندوق حكومي لجمع التبرعات) خصّص حساباً في كل البنوك المصرية، لتلقي المساهمات من داخل وخارج مصر لإعادة إعمار غزة، وتلبيةً للاحتياجات المعيشية والدوائية للفلسطينيين، وذلك تنفيذاً لما وصفوه بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو الأمر الذي أثار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
فيما أشار صندوق "تحيا مصر" إلى استعداده لإطلاق قافلة مساعدات إنسانية لقطاع غزة، تتضمن أكثر من 100 حاوية ستصل لقطاع غزة تحت شعار (نتشارك من أجل الإنسانية) التي كان قد أطلقها سابقاً بهدف تشجيع كل أطراف العمل المجتمعي على التنافس، وبذل المزيد من الجهد في العمل الخيري والتكافلي في مختلف دول العالم، حسب بيان سابق له.
هذه الخطوة أثارت سخرية بعض النشطاء المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي.
في حين أشاد مقربون من النظام بهذه الخطوة، التي قالوا إنها تأتي رغم ظروف مصر الاقتصادية "الصعبة"، خاصة أن السيسي كان أول من أعلن عن مثل هذا التحرك.
في وقت سابق الثلاثاء، أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن "السيسي، قرر تقديم 500 مليون دولار لصالح إعادة إعمار قطاع غزة، نتيجة الأحداث الأخيرة"، لافتاً إلى أن تلك الخطوة ستأتي "مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة الإعمار".
قرار السيسي احتفت به العديد من الجهات والمؤسسات المصرية، من بينها الأزهر والكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية، لكنه أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل جدل وتساؤلات، خاصة أن نشطاء قالوا إن نظام السيسي كان له دور سلبي في حصار غزة وفصائل المقاومة، متسائلين: "كيف لنظام يعتمد على القروض الخارجية، ويعاني من أزمة اقتصادية حادة أن يُقدّم نصف مليار دولار لأهل غزة؟".
إشراف السيسي على صندوق "تحيا مصر"
يشار إلى أن تأسيس صندوق "تحيا مصر" يعود إلى يوليو/تموز 2014، حين أعلنت رئاسة الجمهورية تدشينه تحت الإشراف المباشر للسيسي، على أن يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وفق قانون تأسيسه، لكن تلك الرقابة لم تستمر سريعاً، حيث أصدر السيسي في يوليو/تموز 2015 نسخة ثانية من القانون ألغت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وقصرت دوره على إعداد "مؤشرات" عن الأداء بناءً على قوائم مالية يعدها الصندوق بمعرفة أحد مكاتب المحاسبة يختاره مجلس أمناء الصندوق.
بذلك، يتمتع صندوق "تحيا مصر" برعاية مباشرة وخاصة من الرئيس السيسي الذي بات هو وحده من يحدد أسلوب الإشراف على الصندوق وإدارته، وتصريف شؤونه المالية والإدارية دون التقيد بالنظم الحكومية المنصوص عليها في أي قانون آخر.
كان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة (تديره حماس) أعلن، الثلاثاء، أن خسائر العدوان الإسرائيلي على القطاع، بلغت نحو 243 مليون دولار، جراء تعرض مئات المنشآت السكنية والتجارية والحكومية، لأضرار كلية أو جزئية، بفعل الغارات.
فيما قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الغارات الجوية الإسرائيلية دمرت أو ألحقت أضراراً بالغة بنحو 450 مبنى في قطاع غزة، منها ستة مستشفيات وتسعة مراكز للرعاية الصحية الأولية. وفر نحو 47 ألفاً من 52 ألف نازح إلى مدارس تديرها الأمم المتحدة في غزة.
ترحيب فلسطيني
من جانبه، أشاد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بمبادرة السيسي، معبّراً عن تقديره لموقف الرئيس المصري "الذي يعبّر عن حقيقة مصر ودورها العروبي في دعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه حتى قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية"، مؤكداً أن مصر "كانت وما زالت السند القوي والمدافع عن حقوقنا الثابتة والتاريخية، وعلى رأسها المقدسات الإسلامية والمسيحية".
بدوره، ثمّن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، قرار السيسي، قائلاً: "نعبر عن الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي على قراره تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة".
هنية اعتبر هذه الخطوة "تعكس الالتزام القومي المصري تجاه القضية الفلسطينية حتى ينال الشعب الفلسطيني حريته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس"، مثمناً الجهود التي تبذلها مصر "لكبح العدوان الإسرائيلي على غزة وإعادة فتح معبر رفح (جنوبي القطاع) لإدخال كافة المساعدات واحتياجات القطاع".
غارات جوية إسرائيلية على غزة
إلى ذلك، يتواصل التصعيد الأمني والميداني الإسرائيلي منذ يوم الإثنين 10 مايو/أيار الجاري، حيث يشن جيش الاحتلال غارات مكثفة على مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفاً منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية وإعلامية، وأراضي زراعية، إضافة إلى شوارع وبنى تحتية في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني.
في هذا الإطار، شنّت المقاتلات الإسرائيلية، الثلاثاء 18 مايو/أيار 2021، سلسلة غارات مكثفة وعنيفة جداً، على العديد من المناطق المتفرقة بغزة.
على إثر ذلك، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 213 شهيداً، بينهم 61 طفلاً و36 سيدة، و16 مسناً، و1442 مصاباً بجراح متفاوتة، من جرّاء غارات إسرائيلية "وحشية" متواصلة على غزة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع.
كما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على المتظاهرين في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
واستجابة لدعوة من القوى والفصائل الفلسطينية، تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، الثلاثاء، إضراباً شاملاً، تتخلله في الضفة الغربية مسيرات شعبية ومواجهات مع قوات الاحتلال في نقاط التماس.
فيما استشهد 27 فلسطينياً في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة، وأصيب نحو 4 آلاف خلال مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، ترد فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ بكثافة على مستوطنات ومدن عديدة داخل إسرائيل؛ الأمر الذي أسفر عن سقوط إصابات عديدة، بخلاف تدمير وتخريب منشآت إسرائيلية.
فقد أسفر قصف المقاومة عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى لمقتل- حتى الآن – 12 إسرائيلياً – بينهم ضابط- في حين أُصيب أكثر من 700 آخرين بجروح، إضافة لتضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف مطار "بن غوريون" الدولي.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت إثر اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
يُذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية، حيث يقع المسجد الأقصى، خلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967، كما قامت بضم مدينة القدس بأكملها عام 1980، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.