فجرت الرئاسة الجزائرية قضية خطيرة تتعلّق بالأمن القومي والاقتصادي للدولة تورطت فيه مؤسسات عمومية حسب الرئاسة.
وأمهل تبون حكومته عشرة أيام من أجل إيقاف التجاوزات المالية والأمنية التي وقعت فيها ثلاث شركات وطنية.
وحسب رئاسة الجمهورية الجزائرية فإن الشركات المقصودة تعاملت اثنتان منها مع شركات مغربية دون الرجوع إلى الحكومة، بينما تملك الشركة الثالثة ارتباطات مع إسرائيل، حسب مصادر "عربي بوست".
تعليمة خطيرة
هدّد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون شركات وطنية مملوكة للدولة بمعاقبة مسؤوليها واعتبارهم متواطئين مع جهات خارجية في حال واصلوا التعامل مع جهات "معادية" للجزائر.
وأصدرت الرئاسة الجزائرية تعليمات تحمل توقيع تبون، أمهلت فيها الحكومة 10 أيام من أجل وقف معاملات مالية "مشبوهة" مع شركات تنتمي إلى كيانات معادية للجزائر.
وتذكر التعليمة الرئاسية ثلاث شركات اثنتين منها مملوكتين للدولة بصفة كاملة بينما تمتلك 51% من أسهم الشركة الثالثة بالشراكة مع مؤسسة روسية.
واتهم تبون كلاً من شركتي SAA وCAAR للتأمين وشركة "جازي" للاتصالات بتعريض أمن الوطن للخطر لاسيما أن تعاقداتها مكّنت الشركاء الأجانب من الحصول على معلومات خطيرة، وفق التعليمة.
وحسب التعليمة ذاتها فإن شركة "جازي" حولت أموالاً كبيرة من أرباحها نحو الخارج، وفي هذا السياق أصدر تبون أوامر لوزير المالية بمنع تحويل الأرباح الخاصة بالعقود الخارجية.
يقول المحلل السياسي فاتح بن حمو إن التعليمة تحمل نوعاً من الغموض وتحتاج إلى بيان تفسيري، مشيراً إلى أن الهدف من البيان تحذير الشركات أكثر من أي شيء آخر، لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي المزري الذي باتت تعاني منه البلاد.
ما علاقة المغرب؟
ذكرت تعليمة تبون الجارة الغربية للجزائر المغرب وقالت إن الشركات الوطنية المذكورة ربطت اتصالات مع شركات مغربية دون مراعاة المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للبلاد.
وحسب تبون، فإن الخدمات المطلوبة من الشركات المغربية متوفرة في الجزائر؛ وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام.
ويعتقد المحلل السياسي فاتح بن حمو أن الحكومة أو الرئاسة من حقها أن تتدخل في مثل هذه الحالات باعتبار أن الشركتين مملوكتان للدولة ولا يمكنهما إبرام عقود خارجية دون العودة إليها.
ويضيف المتحدث لـ"عربي بوست" أن "العلاقات الثنائية المتوترة بين الجزائر والمغرب يجب أن توضع في عين الاعتبار قبل إبرام أي عقود، فلا يمكن أن تقوي خصمك اقتصادياً في الوقت الذي تعاني فيه أنت".
وواصل بن حمو: "أظن أن الرئيس أصبح يدقق كثيراً في ما تفعله المؤسسات الاقتصادية في البلاد، من خلال متابعة تقارير تهتم بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج ومن خلال هذه المتابعة جاءت تعليمته الأخيرة لبعض المؤسسات لإصلاح الاختلالات المالية التي لوحظت عليها".
وطرح المتحدث سؤالاً عن ثمن إلغاء العقود مع الشركات الأجنبية حيث قال: "هناك سؤال يجب طرحه، هل الرئيس يعي الآثار التي ستترتب على فك الارتباط بين المؤسسات المذكورة والشركاء الأجانب الذين قيل إنهم معادون للجزائر".
لغز شركة "جازي" وعلاقتها بإسرائيل
كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الجهات المعادية التي قصدها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في تعليمته المتعلقة بشركة "جازي" للاتصالات هي إسرائيل.
رغم أن الدولة الجزائرية تملك 51% من أسهم الشركة وتملك شركة "فيمبلكوم" الروسية لصاحبها ميخائيل فريدمان بقية الأسهم بعد أن اشتراها من المستثمر المصري نجيب ساويرس.
ويشتهر ميخائيل فريدمان بدعم كل المشاريع التي تسير في اتجاه دعم الهوية اليهودية، وشغل فريدمان منصب نائب رئيس المؤتمر اليهودي الروسي، ورئيس ومؤسس صندوق "جينيسيس" الخيري، الموجه بشكل خاص لدعم الدولة اليهودية.
وكانت هذه المعلومات قد أثارت ضجة في الجزائر سنة 2016 حينما كشفت عنها إحدى القنوات الخاصة.
ويتوقع فاتح بن حمو أن تستحوذ الدولة الجزائرية قريباً على شركة "جازي" وربما هي تحاول اختلاق الأعذار لذلك.
ووفق بن حمو "لا تريد الجزائر خسارة حليفتها روسيا، لذلك ستعمل على شراء بقية الأسهم دون شوشرة، خاصة أن علاقة فريدمان بالكيان الصهيوني قد تحرج الجزائر".